عشاق الفساد والمستفيدون من استمراريته لابد أن يقاوموا بكل ما استطاعوا كل قادم جديد, ويظهروا له مدي قوتهم, حتي لا يفكر في الاقتراب منهم, وهذا ما حدث ويحدث مع وزير الثقافة الجديد د. علاء عبد العزيز والذي تنعقد عليه آمال الكثير من الوطنيين المخلصين في تطهير وزارة الثقافة وتطوير قطاعاتها بما يتناسب مع متطلبات المرحلة الوطنية الحالية. ومن هذه القطاعات قطاع دار الكتب والوثائق القومية نظرا لأهميتها الشديدة كمؤسسة مهمة لها دورها الوطني الذي من المفترض أن تلعبه, والتي تدار اعتمادا علي أهل الثقة ولا تستعين بالخبرات والكفاءات, وللأسف استمر الفساد فيها, رغم إشارات عديدة واضحة إليه, فقد نشرت جريدة الأهرام تحقيقا بعنوان( الفساد يعشش في دار الكتب) استعرض فيه أحد الموظفين الشرفاء بالدار ما يدور فيها من وقائع تمس أمن الوطن وسلامته وقت أن كان أحد رجال فاروق حسني والذي تمت مكافأته وتصعيده في عهد الرئيس مرسي مسئولا عنها, وللأسف لم يحقق فيها أحد, ومنها المشاكل الموجودة في مشروع ميكنة دار الوثائق والذي تكلف25 مليون جنيه والأخطاء الفادحة فيه علي الرغم من تمثيلية افتتاحه, ولم يتحرك أحد حتي بعد البلاغ الذي حمل رقم4122 ضد مشروع ميكنة مقتنيات الأرشيف القومي المصري والذي تم إبرامه بين فاروق حسني ووزير الاتصالات الأسبق طارق كامل, إضافة إلي ما تناقلته المواقع الإخبارية عن سرقات واختلاسات لأموال العاملين في مشروع الميكنة ومرور الموضوع مرور الكرام. كما أشار تحقيق صحفي للزميلة هالة فهمي في جريدة المساء إلي تجاوزات كان من نتائجها الإخلال بالأمن القومي المصري والقول بأن وثائق اليهود التي تثبت أملاكهم في مصر لم تخرج إلا من دار الوثائق القومية, وأن هناك حالات تسرب لوثائق ومخطوطات أخري, إضافة إلي عمل اتفاقيات مع مؤسسات ترتبط بالمخابرات المركزية الأمريكية, وذكر نفس التحقيق أن رفض مسئولي دار الوثائق القومية عمل جرد لمقتنياتها من الوثائق والاقتصار علي الحصر فقط, والجرد يكون أدق من الحصر فالجرد يقوم بتحديد عدد الوثائق الموجودة داخل كل محفظة أو ملف بينما الحصر يقوم بتحديد عدد المحافظ فقط دون التطرق لمعرفة عدد ما بداخلها من وثائق. لقد عمل وتعمد المسئولون عن الدار إلي إبعاد كل متخصص وخبير حقيقي في إدارة وتأمين الوثائق من العمل بالمشروع حتي لا يكشف أخطاءهم وخطاياهم, ومنهم د. محمد آمنة وهو واحد من أهم عشرة متخصصين علي مستوي العالم من خارج الولاياتالمتحدةالأمريكية بحسب تصنيف إحدي المؤسسات المتخصصة في هذا المجال, والذي قام بتقديم خطط وطنية لتطوير دار الوثائق القومية ووضع خطط إدارة وتأمين وثائق مؤسسات الدولة كلها, بل وتقديم دراسات عن قانوني الوثائق الجديد وتداول المعلومات, رفضها للأسف أصحاب المصالح من رجال فاروق حسني في دار الوثائق القومية, وتشهد علي ذلك المخاطبات الرسمية الصادرة إلي دار الكتب والوثائق القومية إلي د. زين عبد الهادي, ومن بعده د. عبد الناصر حسن والذي قدم له د. محمد عزت آمنة خطة المشروع الوطني لإدارة وتأمين وثائق مؤسسات الدولة ولكنه لم يعط أدني اهتمام للموضوع, ووصل به الاستخفاف إلي أنه استعان بأحد المتخصصين في مجال التاريخ للعمل في أعمال تطوير دار الوثائق القومية, في الوقت الذي أهمل فيه مشروع الباحث المتخصص في إدارة وتأمين الوثائق!! وما هذا إلا مثل علي الفساد الذي يسري في أركان هذه الوزارة, وأصبحت رائحته تزكم الأنوف, ولهذا لم يكن غريبا, أن يخرج المنتفعون في الوزارة والذين ينهبون أموال الشعب, في مظاهرات ترفض الوزير الجديد, لأنهم خائفون من أن تطالهم يد العدالة. وكثيرة هي القطاعات التي تضمها الوزارة, الغنية بوقائع الفساد والتجاوزات المسكوت عنها, والتي تحتاج إلي وزير ليست له مصالح أو تجمعه تربيطات مع من نصبوا أنفسهم أوصياء علي الثقافة المصرية, وساهموا في تغييب العقول, وأداروا قطاعاتها وكأنها أملاك خاصة بهم. ومطلوب من الوزير الجديد الاستمرار في التطهير حتي يجعل من هذه الوزارة منبرا حقيقيا لإيجاد رأي عام جديد, وغسل الأدمغة التي لوثتها عهود الفساد, وتنمية الوعي الديمقراطي الحقيقي, وليس البلطجة التي ساهمت في صنعها ثقافة الفساد.