مصر ولادة دائما مبدعون وفنانون تكون بداياتهم شرارة الموهبة, لكنها بمفردها لا تكفي الآن فتبحث عن أب شرعي لها داخل قطاعات وزارة الثقافة وغيرها من الأماكن المستقلة, ورغم أننا في دولة مؤسسات إلا أن فكرة تبني المواهب إختفت تدريجيا من علي الساحة وفقا لعدد من المبدعين, بعد أن بدأت بقوة في فترة الستينيات التي اتاحت فرص لتبني الموهوبين عبر قصور الثقافة المنتشرة في المحافظات, وعبر المسابقات التي كانت تقيمها الإذاعة المصرية للمطربين والمذيعين, وغيرها من الأماكن التي لولاها لما ظهرت أجيال متتالية من المبدعين, لكنها بدأت تترك مكانها شيئا فشيئا حتي شغله عدد من المعاهد والأكاديميات والمراكز الخاصة ليتقدم لها الموهوبون وتقوم بتدريبهم وفقا لرؤيتها, وبين كل هذا يضيع صاحب الموهبة في رحلة بحث عن مكان يرعاه. يقول المخرج المسرحي سيد فؤاد: السؤال عن الأماكن التي ترعي المواهب ضمن مؤسسات الدولة سؤال إجابته تاهت, لأنه فيما مضي كان الذي يتبني المواهب أكثر من قطاع في وزارة الثقافة مثل هيئة قصور الثقافة المنتشرة في اي مكان في مصر كان ممكن تلجأ له وبه كوادر مدربة مصرية منذ فترة الستينيات تقوم علي تأهيل الموهبة, وأيضا مراكز الابداع في دار الاوبرا وغيرها, لكن كل هذا اختفي بسبب عدم وجود كوادر قادرة علي كشف المواهب, فالاماكن البنية الاساسية موجودة لكن المشكلة في تعامل وزارة الثقافة مع المنتج الثقافي فتتعامل معه كنوع من الاسترضاء وليس الاستمتاع فتقوم عليها بشكل وظيفي من خلال موظفين لا يملكون ملكة لفرز الموهوبين أو تقدير المبدعين. النقابات الفنية مطالبة بدور مهم وأضاف السيناريست مجدي الإبياري نحن في بلد لا مجال فيها لاكتشاف الموهوبين لأنه للأسف تحكمنا في الوسط الفني الشللية بمعني أن المنتج مصاحب عدد من الممثلين يكونون قاسما مشتركا في اعماله والمخرجون والمؤلفون كذلك, لذلك الموهوب الذي لا يوجد داخل شلة لا يكون له وجود الا اذا ظهر طفرة, يستعينون به, لكن المنتج لا يسعي لاكتشافه فالشللية لا تعطي فرصة للمواهب الجديدة, وأري ان النقابات الفنية هي التي يجب أن تتبني وتقدم تلك المواهب من خلال المسابقات وان تكتشفهم بعين الخبراء, وتوجههم وتقدمهم لشركات الانتاج, بأن تتبني النقابة تقديم الوجوه الجديدة لأماكن الإنتاج سواء حكومية او قطاع خاص, لكن اذا اعتمدنا ان المنتج سيكتشف فلن يحدث, المواهب لن يكون لها دور الا اذا اكتشفتها النقابات وتصقل موهبتها, من خلال لجنة مكونة من خبراء جيدين. وقال السيناريست بشير الديك: أعتقد أن هناك عداد من الأماكن تعطي فرصا جيدة للمبدعين منها المعاهد الفنية بخلاف المعاهد الخاصة مثل معهد رأفت الميهي في استديو جلال ومعهد أخر في الاسكندرية, وقصر ثقافة جاردن سيتي, في اكثر من مكان خاص وأخري رسمية, وأي أحد مهتم بقوم بالسؤال عنها, وانا شخصيا سألني شباب وانا اقترحت اماكن عليهم ومنها من يعطيهم شهادة تؤكد علي موهبته انه تم تدريبها في هذا المكان, فاذا كان هناك موهوب ومهتم فانه يبحث ويسعي ومن تلح عليه موهبته يتصرف علي هذا النحو, يدخل معهد السينما او المعاهد الفنية بأكديمية الفنون أو يمكن يسأل في النقابات السينمائية وهناك دورات تقام في المعاهد الخاصة أيضا. نوافذ للرعاية بالورش والمراكز الإبداعية أوضح المخرج خالد جلال والقائم علي ورش الموهوبين بمركز الإبداع بالأوبرا أن الورش تستقبل اكبر عدد ممكن من الشباب في كل دفعة ويصل عددهم إلي200 طالب وهذا عدد اكبر من اي مكان تعليمي اخر, يدرسوا في اقسام مختلفة في الادارة المسرحية والاخراج, تصميم ديكور, وازياء, وهي تعد منحة دراسية مجانية من وزارة الثقافة, واتمني وجود اكثر من مركز في مصر لآن المواهب اكبر من حجم المكان علي استعابها, ونريد أماكن مماثلة في المحافظات, وهناك بعض الاماكن المستقلة تعطيهم فرصة انهم يعرضوا ابداعاتهم لكن لا تعلمهم شيء. ويتذكر عندما كانت هدي وصفي تقوم علي مركز الهناجر كان هناك ورش فنية للموهوبين ايضا, بخلاف المراكز الابداعية التي تتبع صندوق التنمية الثقافية, وهناك مدارس للشعر وبيت للعود, هناك اماكن كثيرة في مراكز الابداع تستوعبهم في فنون اخري متنوعة, لكن يبقي الأساس في وجود شخص مؤمن بنقل خبرته لاجيال اخري وهذا مش موجود في ورشنا بمركز الابداع, ليها هدف نبيل انك تساعد الشباب لكي يتعلموا بجزء من وقتك, وفريق العمل في مركز الابداع جميعهم من هذا النوع. مواهب المحافظات خارج المنافسة من جانبه قال محمد أبو المجد رئيس الادارة المركزية للشئون الثقافية بقصور الثقافة إن الهيئة تقوم بعمل مشروع لصناعة الموهبة قائم منذ عشرة أشهر, فنقيم ورشا عملية لتخريج المواهب في عدد كبير من المجالات نقدمها علي شكل ورش تطبيقية في فن تشكيلي او حرف يدوية او مسرح او بشكل تسابقي عن طريق المسابقات في الكتابة والشعر والرواية والقصة والمقال, او في المجالات العلمية مثل مسابقة المخترع الصغير التي نقيمها هذا العام, وفي العام المالي القادم سوف نبدأ مشروع اخر في اكتشاف مواهب في الشق السنيمائي, اما المسرح فبه ورش مخصصة للتاليف, والاعداد, والديكور, وتصميم الملابس, والاخراج, والتمثيل, والموسيقي, والإضاءة وجميع مفردات العمل المسرحي, فيجتمع الموهوبين في تلك المجالات ويحولوا النص من الإعداد حتي عرضه لمدة اسبوع, كما انه يقوم بهذا مدربين من الفنانين في الهيئة متعاملين او عاملين, والورشة تنفذ في الاقليم والمدربين من الاقليم نفسه لأن كل بيئة ولها خصوصيتها, وبعد الانتظام في ورش المسرح نعد ورشة مماثلة للإنتاج السينمائي, ونهدف ان مجموعة هذه الورش وتراكمها عام بعد عام خلال خمس سنوات, أستطيع بعدها ان اعرض المواهب المكتشفة علي مستوي الجمهورية في كل المجالات كمشروع له فترة زمنية, كما لدينا تجربة جديدة ومستمرة هي نوادي ادب الطفل وهذا العام الرابع لها نكتشف فيها الاولاد الذين يحبون الكتابة وينتخبون اداراتهم منهم. أضاف ابو المجد ان المواهب التي نقدمها هي التي استطعنا ان نصل اليها في المدارس او تقدمت لنا, نقوم بتدريبها ونرشده علي ما يثقل موهبته والطريق الذي سيسلكه بعدها, و80% من عملنا هذا العام كان في قلب الاقاليم لأن المواهب ليست في القاهرة فقط, ونفكر في اقامة عروض لنتاج الورش وهي مازالت خاضعة للتطوير لانها عامها الاول, كما أن الهيئة في صدد اصدار كتالوج فني بعنوان الثورة في عيون اطفالنا يضم120 لوحة فنية مرسومة لموهوبين في مجال الفن التشكيلي ويمثل جميع محافظات مصر. رابط دائم :