متي نصل إلي ممارسة سياسية يكون هدفها المصلحة العليا للوطن بعيدا عن المصالح الحزبية الضيقة؟ سؤال يفرض نفسه علي الساحة بعد الأحداث الساخنة التي يعيشها المجتمع المصري بعد الثورة والتي يقدم فيها أصحاب النفوس الضعيفة مصالحهم الشخصية أو الحزبية علي المصلحة العامة للدولة,ففي الوقت الذي يقوم فيه الرئيس محمد مرسي بجهود مضنية لأراب الصدع بعقد جلسات مع القضاة لحل الأزمة القائمة حاليا نجد بعض أعضاء مجلس الشوري يرفضون سحب قانون السلطة القضائية المعروضة علي المجلس, مما أدي إلي حدوث صدام بين النواب ولم تسلم الأحزاب نفسها من الانقسام حيث نجد احد قيادات احد الأحزاب تطالب بعرض القانون للحوار المجتمعي لمناقشته مما أدي لحدوث صدام داخل الحزب, بما يفسر الأحزاب في واد وقياداتهم في واد أخر. في البداية يقول محمد السيد طالب بكلية التجارة جامعة عين شمس إن الثورة أحدثت صراعا بين عدد كبير من أفراد الشعب وأصبح كل فرد يحلم بتولي منصب حتي وصل الأمر للطمع في كرسي الرئاسة وهذا ماظهر جليا عند فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية الأخيرة لدرجة أن عدد من قاموا بسحب أوراق الترشيح بلغ أكثر من ألف مواطن النسبة الأكبر منهم أشخاص لايعرفون شيئا عن السياسة وكيفية ممارستها, موضحا إن الحصول علي مصلحة هي هدف جميع القيادات السياسية والأحزاب الحالية بلا استثناء, فلو قام الرئيس محمد مرسي بإسناد مناصب وزارية لكل من عمرو موسي وحمدين صباحي ومحمد البرادعي وعبد المنعم أبو الفتوح وايمن نور وغيرهم ممن يطلقون علي أنفسهم قيادات سياسية ماوجدنا معارضة من اي حزب أوشخص مهما كان لمؤسسة الرئاسة وماشاهدنا اعتصامات أو مظاهرات. وقال عباس أحمد أعمال حرة إننا لن نصل إلي ممارسة سياسية هدفها الصالح العام للدولة مادامت هناك نفوس بشرية ضعيفة والأنانية تسيطر علي أفعال وأعمال معظم الناس,لافتا إلي أن الحرية التي انفتحت للشعب علي مصراعيها بعد الثورة بإسقاط النظام السابق أربكت جميع أفراد الشعب الذين كممت أفواههم علي مدار أكثر من ستة عقود مضت لم يستطع أحد منهم أن يتلفظ بكلمة في السياسة لاتعجب الحاكم وألا كان السجن والاعتقال مصيره ولذلك والكلام لعباس فنحن بحاجة لمزيد من الوقت حتي نعلو بالصالح العام علي اي شيء أخر مهما كان. أما خليل كرم موظف فقال إن المصلحة الشخصية غلبت علي كل شيء بما فيها مصلحة الوطن العليا بسبب حب المادة التي طغت علي حياتنا بشكل مخيف ورغبة البعض في تولي مناصب قيادية بالدولة مهما كانت التضحيات التي سيقدمها الشخص للحصول علي مايريده ويسعي إليه. ويري عمرو حامد عضو اتحاد شباب الثورة إن الأزمة التي نعيشها في الوقت الحالي هي السبب فيما نعانيه بعد أن فضل حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان المسلمين مصلحته علي مصلحة الوطن ولذلك نشأ صراع داخلي بين قياداته حتي وجدنا أن بعض قياداته تسير في اتجاه والحزب يسير في اتجاه معاكس بما يسمي التضارب في القرارات لعدم دراستها بعناية, ومعه أيضا بعض الأحزاب الحالية التي تطلق علي نفسها معارضة ولم يكن لها وجود في ظل النظام السابق وكان يطلق عليها أحزاب كرتونية أصبح لها صوت وتسعي بكل قوة للحصول علي مصالح خاصة اقلها الفوز بمقعد في الانتخابات البرلمانية المقبلة. فيما قال محمود عفيفي المتحدث الرسمي السابق لحركة6 ابريل إننا في مرحلة انتقالية يتم فيها تشكيل الوعي السياسي نظرا لافتقادنا للممارسة السياسية الحقيقية من قبل لعدم وجود تعددية حزبية حقيقية تمتعنا بثقافة العمل السياسي, وأوضح عفيفي انه مع مرور الوقت سوف نكتسب الخبرات السياسية اللازمة وعند ذلك سنتقبل الرأي والرأي الأخر وندخل في مناقشات جادة وعندما نصل لهذه المرحلة ستعلو وقتها مصلحة الوطن علي المصالح الأخري للأشخاص والأحزاب. ويؤكد الدكتور عبد الله المغازي المتحدث الرسمي لحزب الوفد إننا أمامنا فترة من الوقت حتي تصل الأحزاب لمرحلة تفضيل المصلحة العامة علي مصالحها الخاصة والعمل بهذه الثقافة, مشيرا الي أن حزب الحرية والعدالة هو الذي وضع مصلحته فوق مصلحة الوطن بدليل شنهم حربا علي القضاة بعد أن شعروا أنهم يقفون ضدهم بإصدار أحكام قضائية لصالح رموز النظام السابق لإخراجهم من السجون والإفراج عنهم, فضلا عن مشكلة النائب العام لذلك يمارس هذا الحزب ضغوطا قوية علي القضاة بالاستمرار في مناقشة قانون السلطة القضائية حتي يركع القضاة لقيادات الحزب. وقال إن حزب الحرية والعدالة أخطأ باصراره علي استمرار الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء في منصبه لأنه يقوم بتنفيذ مطالب قيادات الحزب رغم اجماع المقربين قبل المعارضين علي ضرورة رحيله لسوء أدائه وفشله في إدارة الملف الاقتصادي وتحسين أحوال المواطن البسيط. ويوضح المهندس طارق الملط عضو الهيئة العليا لحزب الوسط وعضو مجلس الشوري إن الحزب فور الإعلان عن تأسيسه بعد الثورة رفع شعار تفضيل المصلحة العامة للدولة عن اي مصلحة أخري, لافتا إلي أن هذا المعيار هو الذي يحكم أعمال الحزب الذي يبغي المصلحة الوطنية عمن سواها من المصالح الأخري, مضيفا انه يتمني أن تحذو الأحزاب الأخري حذو حزب الوسط حتي عند انتقادنا لأعمال الحكومة أو الارتباك الذي يسود مؤسسة الرئاسة في عدم الحسم والحزم في قضايا عديدة لابد أن نضع هذا النقد في إطار من الشرعية وليس النقد الذي يهدف إلي إسقاط رئيس منتخب أو هدم لمؤسسات الدولة وأنما بهدف تقويم الأمور ومحاولة وضعها في نصابها الطبيعي طبقا لأحكام القانون. واستطرد الملط إن جزءا من المبادرة التي تقدم بها حزب الوسط لحل الأزمة السياسية المتواجدة علي الساحة حاليا يعمل علي إيجاد حل الإشكالية تعيين النائب العام الحالي والقادم حتي يكون متوافقا مع المادة173 من الدستور وألا يخرج قانون السلطة القضائية للنور إلا بعد دعوة جميع الهيئات القضائية ومجلس القضاء الأعلي لمناقشة القانون وإجراء التعديلات اللازمة عليه قبل إقراره. وأكد محمد صابر عضو مؤسس لحزب الدستور إن تفضيل المصلحة العامة للدولة علي اي مصلحة أخري لن يتأتي إلا عندما تكون هناك ممارسة سياسية جادة في المنطقة العربية وبخاصة في مصر التي تمثل قلب الوطن العربي النابض,مشيرا إلي أن غياب الممارسة الديمقراطية في العهد البائد هو الذي أوصلنا إلي المشكلات التي نعاني منها حاليا. وقال إن الشباب الذين لاينتمون إلي اي تيار سياسي ما أكثرهم يدفعهم للتظاهر حب الوطن لاستكمال الثورة وتحقيق أهدافها التي قامت من أجلها, بعيدا عن اي رغبة في تقلد مناصب وليس لديهم أهداف خاصة سوي رفعة شأن الوطن, لافتا إلي أن الرئيس محمد مرسي لو أثبت بالدليل العملي انه يعمل لصالح الشعب بالكامل وليس لفئة معينة ماخرجوا للتظاهر ضده وخاصة أن هؤلاء الشباب هم من وقفوا بجواره في انتخابات الإعادة ضد شفيق. ويقول مختار العشري رئيس اللجنة القانونية بحزب الحرية والعدالة إن نهر السياسة كان جافا لمدة تزيد علي60 سنة,لم يمارس فيها السياسة سوي الحزب الحاكم وجماعة الأخوان المسلمين علي استحياء بسبب الظروف التي كانت تسيطر علي الأوضاع السياسية في العقود الستة الماضية مضيفا أن الجميع بعد الثورة أصبح في مواجهة السياسة التي فتحت ذراعيها للجميع لدرجة أن رجل الشارع العادي ركب الموجة وتحدث في السياسة التي شغلت حيزا كبيرا من تفكيره واهتماماته. وأضاف انه من الطبيعي أن يكون للأحزاب السياسية مصالح خاصة تسعي لتحقيقها ولكن عندما تتعارض مصالحها مع المصالح العليا للدولة لابد ان تقدم مصلحة مصر عن اي شيء أخر ولابد أن تتجمع وتتوحد كلمة كل الأحزاب وتتفق علي تغليب المصلحة العليا للدولة حتي لو تغير حزب أو اختفي أخر لان هناك أصولا سياسية ثابتة لايجب أن تتغير ويجتمع عليها الشعب. واختتم العشري قائلا اننا حاليا في فترة انتقالية كل شيء وارد فيها من اختلاف في الرأي وتصارع ونزاع ولذلك لابد أن يتحلي الجميع بالصبر لان مانحن فيه الآن سوف يستغرق بعض الوقت حتي نصل إلي ممارسة ديمقراطية حقيقية نظرا لان الثورات كما لها مميزات فلها عيوب أي أخ غائبةسياسة ضد الوطنضا. رابط دائم :