جاء الهجوم الإسرائيلي السافر علي الأراضي السورية بمثابة جرس انذار للدول العربية التي وجدت هذا الكيان المحتل يقود المنطقة إلي حرب اقليمية الهدف منها فرض سياساته والتخلص من دول كانت صداعا يؤرق إسرائيل طوال السنوات الماضية, إلا أن تلك الدول اكتفت بالادانات فقط دون اتخاذ أي إجراءات من شأنها ان تردع إسرائيل عن افعالها الاجرامية. وأكدت صحيفة يو اس توداي الأمريكية أن الهجوم الإسرائيلي علي سوريا غير مبرر وأنه قد يشعل المنطقة بأكملها خاصة أن إيران لن تترك حليفتها سوريا وهي تتهاوي بل قد تلجأ إلي سيناريو انتقامي يغير قواعد اللعبة في سوريا, وهو ما أكدته إيران حيث اشارت إلي أن سوريا وحلفاءها يستعدون للرد وعلي إسرائيل أن تتحسب لذلك لان الرد سيكون ساحقا وهو ما دفع إسرائيل لنقل منظومة القبة الحديدية إلي الحدود الشمالية خشية من أي هجوم سوري. وقد تضاربت الآراء, ففي الوقت الذي أكد فيه المسئولون الإسرائيليون وعلي رأسهم عضو الكنيست بنيامين بن اليعازر أن إسرائيل حصلت علي الضوء الأخضر من واشنطن قبل اتخاذها تلك الخطوة, قالت صحيفة يو اس توداي ان الطائرات الإسرائيلية التي حلقت فوق سماء سوريا لاكتشاف أماكن الأسلحة الكيميائية التي تخضع لسيطرة الرئيس بشار الأسد والغارات التي قتلت جنودا سوريين معظمهم من الحرس الجمهوري يربك حسابات واشنطن ويخالف استراتيجياتها في سوريا. ويضع الاعتداء الإسرائيلي دمشقوطهران في مأزق إذ إنه يثبت فشل دفاعات الأسد وعجز الجيش السوري عن الدفاع عن الأراضي السورية وذلك لانخراطه في الحرب الأهلية الدائرة داخليا وهو ما يجعل من سوريا فريسة للدول الاستعمارية التي قد تستغل ذلك لتطبيق أجندتها, كما أنه اربك حسابات طهران التي تعهدت بإعلان الحرب علي إسرائيل في حال الهجوم علي سوريا إلا أنها عجزت عن فعل أي شيء عقب الانتهاكات المتكررة علي الأراضي السورية وقتلها لمئات الجنود السوريين, وذلك لانها تسعي إلي الخروج من الحرب السورية بأقل الخسائر وانها علي يقين من أن اشتعال حرب اقليمية تكون طرفا مباشر فيها لن يكون في مصلحتها حيث إنها تسعي إلي الدبلوماسية خوفا من فتح جبهات جديدة كما أن الرد العسكري علي إسرائيل سيكون مغامرة قد تأتي بنتائج غير محسوبة. وقالت الصحيفة إن إسرائيل استغلت انشغال الأسد بأزماته الداخلية وشنت هجوما بدعوي مخاوفها من انتقال الأسلحة الكيماوية لحزب الله وهو الأمر الذي يضع الأسد في مواجهة مباشرة مع ما تبقي من مؤيديه الذين قد تتبدل آراؤهم بعد رؤيتهم الأسد عاجزا عن الحفاظ علي سيادة بلدهم. اما عن التقارير التي اشارت إلي أن حزب الله قد يبادر بالهجوم من لبنان علي إسرائيل فتري إسرائيل أنه علي الرغم من حالة الذعر التي تنتاب الإسرائيليين من ترسانة حزب الله وصواريخه إلا أن هذا الأمر مستبعد للغاية إذ أن جنوده مشغولون بالحرب الدائرة في سوريا كما أن الرد العسكري سيدفع إسرائيل وحليفتها واشنطن إلي الرد وهو ما ترفضه الولاياتالمتحدة التي اعطت الضوء الأخضر لتل ابيب حتي لا تدخل في مواجهة مباشرة مع إيران في سوريا. كما ان احتمال نشوب حرب اقليمية تكون واشنطنوطهران طرفا فيها وارد لكن ذلك قد يلقي بظلاله علي مستقبل المنطقة العربية التي ستتحول إلي ساحة للصراع وستكون الشعوب العربية أول المتضررين وسيدفعون الثمن لسنوات طويلة. ولعل إسرائيل تتذكر كلمة الرئيس الراحل حافظ الأسد أنه إذا جنت إسرائيل وشنت الحرب علي سوريا فان كلا البلدين ستعود100 سنة إلي الوراء, وإسرائيل لم تكن موجودة قبل100 عام. رابط دائم :