لم يكن إعلان أسوان كأول محافظة لمناهضة ختان الإناث وليد المصادفة أو مجرد إحتفالية فقط ولكن كان نتاجا طبيعيا لقدرة المواطنين العالية خاصة في القري علي استيعاب التوعية بخطورة هذه الممارسة البشعة ومن هذا المنطلق خرجت من قربة بنيان في عام2004 أول وثيقة تعلن مناهضة أول قرية مصرية للختان تحت شعار بنت بنيان ضد الختان. في البداية قال اللواء مصطفي السعيد محافظ أسوان أن عدد القري التي أصدرت وثائق مناهضة ختان الإناث علي مستوي المحافظة13 قرية من إجمالي65 قرية علي مستوي الجمهورية وهي نسبة تؤكد وعي المواطنين بخطورة هذه الممارسة وتأثيرها السلبي علي النواحي النفسية والبدنية والصحية للفتاة الأسوانية وقال أن أسوان تدين بالفضل لاهتمام الرئيس مبارك والسيدة حرمه سوزان مبارك التي تعتبر هذه القضية بإعتبارها جزءا لا يتجزأ من اهتماماتها بقضايا المرأة والطفل وأكد المحافظ أن أسوان قد شهدت العديد من النماذج المثالية في مجالات الصحة والتعليم. دراو هي الأولي وفي مركز دراو الذي شهد هذا الاعلان حيث ألتقينا مع عدد من أصحاب التجارب في مناهضة الختان. في البداية تحدثت جهاد سليم وهي طفلة تبلغ من العمر12 عاما قائلة لن أنسي حتي اللحظة الأخيرة من عمري ما حدث معي فقد كان شيئا فظيعا ومؤلما بعد أن أقتادوني لإجراء عملية الختان ولم يشفع لهم بكائي وألمي ولا أزال أشعر بآلام هذه العملية حتي الآن! وتقول لو كنت في سن تسمح لي بالاختيار لقلت لهم لا لختان الإناث. ... الأم عائشة محمد محمود من قرية أبو الريش بحري بمركز أسوان تقول رفضت رفضا قاطعا أن أجري الختان لبناتي الثلاث لعلمي بأن هذه الممارسة لا يقرها دين أو منطق أو عقل ولذلك فقد جندت نفسي لمناهضتها مهما كلفني ذلك خاصة بعد أن اقتنعت من خلال ندوات التوعية أن هذه الممارسة لها آثار ضارة في المستقبل وتحكي قائلة كنت في ذات يوم موجودة بالمصادفة داخل الوحدة الصحية بالقرية لعلاج ابني وفوجئت بصراخ طفلة بريئة من داخل حجرة الطبيب الذي كان يجري لها عملية ختان وطلبت منه التوقف وفاجأني بالقول بأن شيخ القرية أفتي بشرعية الختان فقمت علي الفور بالابلاغ عنه.. وتطالب بضرورة الاستعانة برجال دين إسلامي ومسيحي يقدرون المسئولية ومن أصحاب الفكر المستنير الذي يناسب العصر الذي نعيش فيه. أما ابراهيم البرنس من قرية الرقبة بمركز دراو فقد أعلنها صريحة أنه وعن اقتناع تام رفض إجراء عملية الختان لابنته بل وتدخل لدي العائلات والأسر لإقناعهم بذلك ويحكي قائلا أن هناك وعيا كاملا لدي السيدات بخطورة هذه الممارسة وقد فوجئت في أحد الأيام بسيدة تطرق بابي بشدة بالليل لتستنجد بي من قيام زوجها بإصطحاب أحد الاطباء ليجري عملية لابنتها ومع رفضه الشديد لأي نصيحة أضطررت للابلاغ عنه في قسم الشرطة لتنقذ الطفلة من هذه الممارسة البشعة ويطالب بضرورة أن تكون هناك ندوات توعية للرجال وألا تقتصر التوعية والإعلام علي السيدات فقط لأن دور الرجل في القري والأرياف يكون أكبر من قرار زوجته. وقالت الطفلة إسراء زيدان أن هناك بعض الناس تخشون من الابلاغ عن وقوع هذه الجريمة التي تتم في أغلب الأحيان في الليل وداخل البيوت وبعيدا عن العيادات والوحدات الصحية. التوعية الدينية وتؤكد منال ونس أم لطفلتين من قرية بنيان أن التوعية الدينية كانت وراء إقتناعها بعدم إجراء الختان لهما وتقول أن هناك تنسيقا كاملا بين شيخ القرية وراعي الكنيسة في مواجهة هذه الممارسة وكثيرا ما نجتمع نحن كأهل القرية بحضورهما في ندوات التوعية الخاصة بمناهضة ختان الإناث وعبرت عن عميق شكرها للسيدة سوزان مبارك علي رعايتها لأطفال وفتيات مصر باعتبارهم مستقبل الوطن وآماله. وبعيدا عن المواطنين التقي الأهرام المسائي بالسفيرة مشيرة خطاب وزيرة الدولة للأسرة والسكان التي أكدت أن هذه القضية قد لقيت اهتماما ودعما وجهدا من السيدة سوزان مبارك لتنفيذ البرنامج القومي لها مما انعكس علي إصدار قانون لتجريم ختان الإناث في عام2008 وأشادت بالتعاون المثمر الذي ظهر جليا في أسوان من خلال الحركة الشبابية الرافضة لها وتعاون رجال الدين الاسلامي والمسيحي للتوعية بخطورتها وأوضحت أن هناك ركائز أساسية سوف تشهدها المرحلة القادمة للتغلب علي بعض السلبيات التي يواجهها تنفيذ البرنامج ومن بينها تواطؤ بعض الأهالي لاخفاء الحقائق والرقابة الضعيفة علي بعض الأطباء واللجوء لإجراء هذه العمليات داخل البيوت مما يجعل ضبطها أمرا غاية في الصعوبة ولخصت الوزيرة هذه الركائز في وضع آلية تعاون بين لجان حماية الطفل في المحافظات وخط المشورة السخن16000 والتنسيق مع جميع الجهات المعنية لتشديد الرقابة علي الأطباء والوحدات الصحية وتدريبهم علي المضمون العلمي لخطورة هذه الممارسة.