أضاءت فرقة ملوي للفنون الشعبية المصرية في حفلها الثاني أمس, ليالي مدينة دكار السنغالية بعروضها الأصيلة التي تعبر عن روح الثقافة المصرية, ذات الجذور الحضارية الممتدة والراسخة علي مدي مئات السنوات. وقال المخرج أسامة عبد الله إنه منذ ما يقرب من نصف قرن وفرقة ملوي للفنون الشعبية تقدم عروضها التي أحدثت تغييرا كبيرا في مفهوم الفن والرقص الشعبي, فالفرقة تعد أول فرقة في الأقاليم بعد فرقتي رضا والفرقة القومية للفنون الشعبية, وقد نمت جذورها من التراث الفرعوني, حيث تتبع محافظة المنيا- عروس الصعيد ذات الجذور الفرعونية, عاصمة التوحيد أيام أخناتون ومقر الحكم أيام حور محب, وهي ذات تراث فرعوني عريق وصاحبة تاريخ وحضارة انعكست وتبلورت في فرقة ملوي التي جمعت كل تراث المحافظة الفرعوني والحضاري والشعبي, وقدمته بطريقة فلكلورية شعبية تراثية. وليس غريبا وأنت تشاهد أحد عروض الفرقة أن تشعر بأنك أمام كتاب مفتوح يعرض حكاية شعب وتاريخ بلد عريق مثل المنيا, ولكن بطريقة موسيقية غنائية راقصة.. وأضاف أن مؤسس هذه الفرقة العريقة هو الملواني الكبير الذي ورثها لأجياله من بعده, منهم أسامة عبدالله الملواني وهو مدير الفرقة الآن, ومصمم رقصاتها أيضا, حيث يحكي لنا تاريخ الفرقة فيقول: هي أول فرقة للفنون الشعبية في الأقاليم, وتعبر عن التراث الحضاري لسكان محافظة المنيا, ومن أهم أهدافها المحافظة علي الموروثات: الفني والمادي والقومي والحركي والموسيقي. وأشار الي أن الفرقة تأسست عام1964 علي يد والده عبدالله الملواني, الذي قرر أن يقوم بتكوين فرقة شعبية عندما شاهد فرقة رضا, ولأن رقصات الفرقة تحتاج لأجسام قوية ورشيقة, قام بإشراك عدد من الرياضيين في الفرقة, وأخذ يدربهم علي الفن الشعبي ورقصاته, مع أنهم في الأصل لديهم الموهبة والاستعداد لذلك, حيث كانت أصولهم وجذورهم من التراث الشعبي, فمنهم من كان يعزف المزمار, ومنهم من كان يعزف الناي في الأفراح والموالد والحفلات في المحافظة, ولكن والدي جمع كل ذلك في فرقة شعبية تحافظ علي هذا التراث, لأنه إذا لم تتوارثه الأجيال فسوف يندثر هذا الفن ويموت. وأوضح أن الفرقة سميت باسم ملوي نسبة لمؤسسها ومركز ملوي في محافظة المنيا, وعلي مدار مشوارها الطويل وصل عدد أعضائها إلي50, وقد اتخذ مؤسسها الملواني الكبير أهم الرقصات القومية لمصر بصفة عامة والصعيد وملوي بصفة خاصة لما لملوي من الخصوصية والذاتية, أساسا لرقصات الفرقة, ومن أهم هذه الرقصات رقصة التحطيب التي يمارسها الشباب بشكل كبير في القري والأرياف, ولها اسم آخر في صعيد مصر هو غية الرجال ويعتبرونها ميراث الرجولة والفتوة وتراث الجنوب الخالد. وأضاف مدير الفرقة: هذه الرقصة- رقصة التحطيب- لها جذور تاريخية قديمة في التاريخ المصري; لأنها بدأت في العصر الفرعوني, وكانت شيئا أساسيا ورئيسيا في الأعياد الدينية والحفلات, ومن المعروف أن الفراعنة كانوا يستخدمون لفافات البردي الكبيرة في لعبها قبل أن تتحول بعد ذلك إلي العصا, وهي رقصة أخلاقية ولها قوانين ومبادئ لابد أن يلتزم بها المتبارزون لكي لا تنقلب إلي عدوانية. ولا يختص برقصة التحطيب عضو واحد من الفرقة, بل كل أعضاء الفرقة يجيدونها بإتقان ويتوارثونها من أجدادهم, وإن كان الملواني الكبير قد طور فيها بعض الأشياء, حيث جعلها رقصة بتشكيلات مركبة دون قانون رقص استعراضي علي المزمار والربابة فكان هو أول من صمم ذلك. أيضا قدمت الفرقة في حفلها الثاني أمس رقصة جني القطن التي تبدأ منذ زراعة القطن وجنيه, وخلال ذلك تشاهد الراقصات وهن يتمايلن بالوعاء مرتديات الجلباب الصعيدي الواسع يجمعن القطن بحركات استعراضية تفوق الخيال. بالإضافة لرقصة العصا أو رقص الكرسي وهذه من أغرب الرقصات التي يمكن أن تراها عندما تشاهد الفرقة, حيث يقوم أعضاء الفرقة بالعزف في حركة دائرية في وسطها طفل صغير لا يتعدي عمره ال10 سنوات يعزف بالمزمار جالسا علي كرسي صغير, ثم يرفع أحد أعضاء الفرقة الطفل والكرسي بأسنانه فقط دون أن يمسك بأي شيء آخر, ثم يمسك في كل يد عصا ويرقص بالعصا والطفل في حركات استعراضية رافعا رجله بجلبابه الواسع الصعيدي في مشهد غاية في الجمال والإبهار والقوة والشجاعة. رابط دائم :