والحزب هنا هو الحزب الوطني الذي أتاحت ظروف عملي فرصة متابعة الاجتماع الأخير للمجلس الأعلي للسياسات الخميس الماضي وجاء انعقاده وسط أجواء سياسية مغايرة وغير معتادة. الإجتماع شهد انتقادات عنيفة من الأعضاء لتعامل الحكومة السلبي مع ظاهرة الاحتجاجات المتكررة في الآونة الأخيرة ولجوء الناس لرصيف البرلمان ومقر الحكومة للاستغاثة بهما مما يعانونه. وأكاد أجزم أن ما تردد في الاجتماع من خطاب وانتقادات لا يقل بل ربما يتجاوز ما نطالعه في صحف المعارضة, وهو ما انعكس علي المؤتمر الصحفي لأمين السياسات السيد جمال مبارك, وأشار خلاله لجانب إيجابي يتعلق بممارسة الناس للإحتجاج في إطار القانون, وجانب سلبي في بطء تفاعل الحكومة وتعاطيها مع الملف. الحزب يعترف بوجود تداعيات سلبية لبعض سياسات الإصلاح, ولا ينكر ذلك ويطالب بعلاجها, ويقر بحق الناس في الاحتجاج في إطار القانون, وينتقد الحكومة بضراوة, ولم يمنعه من ذلك كونها حكومة الحزب, أو كونه حزب الأغلبية المتحمل لنتائج سياسات الحكومة. الصيغة التي تابعتها خلال الاجتماع والمؤتمر الصحفي تؤكد نجاح أمانة السياسات في تحقيق المعادلة المفقودة منذ تأسيس الحزب الوطني عام1978 في تحديد طبيعة العلاقة مع الحكومة, والمسئولية عن تنفيذ السياسات المتفق عليها. ولا يجوز لمعارضي الحزب القول بتنصله من الحكومة لقرب موعد الانتخابات العامة, كون الموقف مرتبطا بأداء الحكومة تجاه ظاهرة محددة من ناحية, وكونه أيضا مرتبطا بموقف واضح وصريح من الحزب تجاه حق من حقوق التعبير عن مطالب مشروعة. انتقاد سياسة الحكومة كان يرتبط في الماضي بنواب الحزب في البرلمان للتبرئ منها, غير أن الجديد هو وتيرة النقد العنيف داخل مستوي حزبي محترم له دوره المؤثر في التوافق مع الحكومة علي سياسات ومواقف محددة. مطلوب إطلاع الناس علي ما يجري داخل الحزب, وليس عيبا أن يتم رصد سلبيات الحكومة من خلال قادة الحزب, بل سيزداد الحزب قوة بين الناخبين إذا ما تابعوا دفاعه عن مصالحهم وحقوقهم ولو بالمخالفة مع الحكومة التابعة له. الأحزاب تقوي بالاقتراب من الناس, وليس دفاعا عن الحكومة بالحق والباطل. [email protected]