لم يكن المصريون في حاجة الي اكوام جديدة من المخلفات السامة.. فيكفيهم ما تمتليء به الشوارع والأرصفة وأسطح المنازل ومداخل السلالم حتي تأتيهم اكوام أخري اكثر خطورة وأشد قتلا من المخلفات الالكترونية. وكما لم تفلح الحكومة حتي الآن في السيطرة علي المخلفات الصلبة.. فإن الخطر سيكون كبيرا مع الالكترونية. وتكمن خطورة المخلفات الالكترونية في أنها تحتوي علي ألف عنصر سام كما اثبتت الدراسات والابحاث والتحاليل- فعنصر الزئبق مثلا يؤدي الي تدمير الأعضاء الداخلية للانسان خاصة المخ, ويؤثر علي الأجنة للسيدات الحوامل, واذا تم التخلص من تلك النفايات في الماء فإن الزئبق يختلط بالماء, ويتركز في الاسماك التي تكون اكثر خطورة علي صحة الانسان. ندوة نظمتها جامعة عين شمس من خلال معهد البحوث البيئية عن الأضرار الرهيبة التي تنجم عن النفايات الالكترونية وكيفية التخلص منها, ملقية الضوء من خلال كبار المتخصصين والمعنيين علي الغموض الذي يكتنف مستقبل مصر والدول النامية الأخري في ظل تنامي النفايات الخطرة بها. وتؤكد الدراسات أن المخلفات الالكترونية تنتج عالميا ما يتراوح بين20 الي50 ألف طن وتتزايد بمعدل يزيد علي15% سنويا منها80% من المخلفات الامريكية تدفن بدول العالم الثالث وتنتج اوروبا نحو8,7 مليون طن من المخلفات سنويا ولاتتعامل إلا مع6,6 مليون طن والباقي يلقي للعالم الثالث في شكل معدات مستعملة وهبات مجانية للمؤسسات الخيرية او تعرب بطرق غير مشروعة. وأوضحت كاترينا كومار بيري المسئولة التنفيذية بأمانة الاتفاقية الدولية بازل الموقعة من جانب172 دولة لمواجهة النفايات الخطرة انه لم تكن المخلفات الالكترونية الجزء الأساسي من المخلفات لسنة1989 لكنها اليوم واحدة من أهم انواع النفايات زيادة وتوسعا. وتذهب الأممالمتحدة الي أن السلع الالكترونية التي تتحول الي مخلفات ونفايات في العالم تصل الي50 مليون طن سنويا وفي اوروبا يزداد حجم النفايات الالكترونية كل سنة بنسبة تتراوح بين3 الي5% بما يوازي تقريبا ثلاث مرات نسبة تزايدها علي المستوي العالمي, ومن المنتظر أن تتضاعف نسبة هذه النفايات في البلدان النامية لتصل الي ثلاث مرات خلال السنوات القليلة المقبلة. الدكتور عبد الستار محمد سلام استاذ بكلية العلوم جامعة عين شمس قال: إن مفهوم المخلفات الالكترونية يطلق علي المعدات الالكترونية التي وصلت الي نهاية العمر الافتراضي للاستخدام من هواتف الي الحواسيب والشاشات والبطاريات وهذه الأجهزة عندما تبدأ في مرحلتها التقاعدية تعتبر سامة بحرقها او تفكيكها لما تحتويه مكوناتها الداخلية من رصاص وزئبق وزرنيخ وكادميوم وبريليوم والكثير من المخلفات السامة التي قد تتسرب للانسان وللتربة والنباتات في حالة تخزينها بطرق غير علمية. وأضاف أن لعب الأطفال وما تحتويه من اشباه موصلات وضوء وليزر يؤثر سلبا علي عدسة العين ويعد محرما دوليا مما يؤكد الفوضي في التشريعات فضلا عن أجهزة المحمول خاصة الصيني رخيصة الثمن لعدم اخضاعها للتصاريح او الابحاث العلمية لتطابق المعايير الدولية. سلوكيات خاطئة وقال الدكتور مدحت المسيري استاذ الهندسة الطبية بكلية الهندسة جامعة القاهرة: إن مسألة الحفاظ علي البيئة مشكلة متعلقة بالسلوك الانساني, والتربية البيئية وتعد عاملا حاسما لبلوغ الأفراد الفهم والوعي والقيم والمهارات. وطالب بضرورة وضع برامج نموذجية وتثقيفية وتنفيذية لتوعية الجمهور بقضايا المخلفات الخطرة مع زيادة وعي اعلام الجمهور بمشكلة المخلفات الخطرة وتعزيز ونشر المعلومات المتعلقة بالمخلفات الخطرة كيفما تكون مفهومة لعامة الجمهور. وبالنسبة لدور الحكومة لمواجهة الأزمة فيقول د. المسيري يجب أن تقوم بوضع سياسة تضمن للمشترين لمنتجات تكنولوجيا المعلومات أن يكون عقد الشراء متضمنا طريقة التخلص من أدوات هذه التكنولوجيا مع وضع ترتيبات صارمة لوضع صناديق خاصة في أماكن استراتيجية لوضع المخلفات الصغيرة وسرعة نقلها وتحريكها مثل البطاريات, أجهزة التحكم, أجهزة لعب الأطفال الالكترونية العاب فيديو الاسطوانات المدمجة مع وضع نموذج شامل بمعلومات اعادة التدوير لأنها تمثل75% من حجم التسويق وأخيرا وضع اجراءات صارمة للتفتيش علي الواردات والحاويات عند دخولها إلي البلاد لأن معظمها يمثل أكبر مصدر للمخلفات والتلوث الالكتروني. وقالت الدكتورة أمنية نورالدين مدرس مساعد في قسم العلوم التربوية والاعلامية ان الرسالة الاعلامية التي تتعلق بالمخلفات الالكترونية فقيرة فمهما كانت الأرقام مفزعة وخطيرة فلابد من دعمها بصور تؤكد حجم الكارثة الناجمة عن المخلفات الالكترونية مما يزيد وقعها علي المتلقي مع شرح كيفية اعادة تدويرها من خلال رسائل اعلامية متعددة. الأضرار الصحية وشرح الدكتور وليد صلاح الدين مدرس مساعد بقسم طب المجتمع والبيئة وطب الصناعات كلية طب عين شمس الأضرار الصحية للمواد الداخلة في تصنيع الأجهزة الالكترونية) مثل الرصاص والكادميوم والكروم النيكل الزنك( حيث تمثل مخلفات عمليات التصنيع والانتاج نوعا مهما من المخلفات لاحتوائها علي مواد خطرة واستعرض المواد واضرارها الرصاص مثلا يؤدي إلي الحاق الضرر بالجهاز العصبي المركزي والطرفي مما له من تأثيرات سلبية علي الدم والكلي بالاضافة إلي الغدد الصماء ويؤثر سلبا علي نمو الأطفال أما الكادميوم فيؤدي التعرض له من خلال الاستنشاق إلي التهاب رئوي وقد يتسبب في اضرار شديدة بالكلي تصل إلي الفشل الكلوي اما الزئبق فيعمل علي تدمير الأعضاء الداخلية للانسان خاصة المخ ويؤثر علي الأجنة للسيدات الحوامل مما يؤثر سلبا علي نمو الجهاز العصبي للأطفال المعرضين له أما البولي فينيل المستخدم في الكابلات البلاستيكية وفي أجهزة الكمبيوتر فقد يؤدي حرقها إلي تلوث الهواء مما يؤثر علي الجهاز التنفسي اما الكروم الذي يدخل في صناعة الأجهزة الالكترونية مثل التليفونات المحمولة والبطاريات فيتسبب في التهابات شديدة في الأنف أو العين أو الجلد. أما البروم ثنائي الفينيل المستخدم في الروابط والكابلات والأغطية البلاستيكية فقد يتسبب في الاصابة بسرطان الجهاز الهضمي. نفتقد التعامل مع المخلفات وانتهت الندوة بمجموعة من التوصيات اهمها زيادة عمر الأجهزة بإمكانية اضافة تحسينات اليها بدلا من التخلص منها نهائيا, واستخدام بطاريات قابلة للشحن, امكانية اعادة استخدام أجزاء من الأجهزة القديمة, ودراسة الجدوي الاقتصادية لاستخلاص المعادن من الأجهزة القديمة, تشجيع المصنعين علي استعادة الأجهزة القديمة واستبدالها بأخري حديثة, والتشديد القانوني علي منع نقل المخلفات الالكترونية من بلد لآخر, والعمل علي التوعية المستديمة بأخطار المخلفات الالكترونية.