رغم وجود نقاط مراقبة ثابتة ومتحركة, فإن أربعة ملايين طن من المخلفات الصلبة الدبش تجد طريقها كل ليلة الي شوارع القاهرة وميادينها, خاصة في الأحياء التي تقام فيها مبان او أبراج, حيث يقوم عدد من أصحاب سيارات النقل والكارو بإلقائها ليلا في نهر الطريق وأمام المدارس وعلي الكباري العلوية في تحد صارخ لمسئولي الأحياء وهيئة النظافة. وعلي الرغم من تأكيدات المحافظين ومديري هيئات النظافة والتجميل المستمرة بأنهم يبذلون قصاري جهدهم لحل هذه المشكلة والعمل علي اعادة الوجه الحضاري للقاهرة وفأن المشكلة قائمة حتي اعتاد الناس علي وجود هذه المخلفات. يقول: أحمد عبد الجواد علي(45 سنة موظف ومقيم بمنطقة حلمية الزيتون أنه يطل من نافذة منزله يوميا علي كوبري علي باشا اللالي الذي يربط جهتي مترو الأنفاق ما بين الحلمية وعين شمس وبعد منتصف الليل يري سائقي كارو وقد اعتادوا حمل كميات كبيرة من ال دبش ومخلفات المباني والقائها في وسط الكوبري وعندما سأل أحدهم عن سبب قيامه بذلك قال ان إلقاء القمامة علي الكوبري سوف يجبر مسئولي الحي علي ازالتها وليضمن أنه عندما يأتي في اليوم التالي سيجد الكوبري فارغا ويلقي فيه بكميات أخري. وأضاف أن كل هذا يجري بشكل دوري وأن مئات البلاغات قام بها الأهالي في الحي وأقسام الشرطة وهيئة نظافة وتجميل القاهرة والمسئولين لا يبالون. شارع حائر وتقول سامية عيد سالم(53 سنة موظفة ومقيمة بمنطقة عزبة النخل الغربية) ان شارع ترعة التوفيقية القريب من مسكنها تحول الي تلال من القمامة يشعر السكان بالمعاناة الشديدة في عبوره من كثره الدبش والطوب ومخلفات المباني التي تلقي به ومازال هذا الشارع يعاني الاهمال بسبب الخلاف علي تبعيته لمحافظتي القاهرةوالقليوبية فهناك جزء منه يتبع القاهرة وآخر يتبع القليوبية وهكذا. كتب عليه الاهمال. ويقول ميشيل عادل(30 سنة مهندس مقيم بالتجمع الخامس) ان الطريق الذي يصل بين منطقة الطوب الرملي والتجمع الخامس بمدينة نصر تحول الي مأساة حقيقية فقد اعتاد سائقوا النقل والكارو علي إلقاء مخلفاتهم فيه في الوقت الذي تنعدم فيه الاضاءه ليلا لدرجة أن طالبة من بطلات النادي الأهلي في السباحة عمرها16 سنة كانت عائدة الي منزلها بعد انتهاء التدريب واستقلت تاكسي وكان الوقت متأخرا فاصطدم سائق التاكسي بأحد أكوام الدبش فانقلبت السيارة ولقيت الطالبة مصرعها في هذا الحادث لتدفع حياتها ثمنا لاهمال الزبالين والمسئولين عن النظافة علي حد سواء. مافيا الزبالة ويقول الحاج عبد الفضيل عز الدين(65 عاما) ان شارع9 بالمعادي حيث يقيم صورة صارخة لتجاوزات مافيا الزبالة فقد تحول الشارع علي أيديهم الي مقلب عمومي لمخلفاتهم علي مرأي ومسمع من المسئولين بالحي. وأضاف أنه يتذكر في شبابه كيف كانت القاهرة تمتاز بشوارعها الجميلة التي تحيط بها الأشجار والخضرة من علي الجانبين وهناك احترام للرصيف الذي لم يعد له وجود هذه الأيام خاصة منطقة المعادي التي كانت نموذجا للمنطقة المتحضرة. أما الدكتور سيد جاد الخبير بشئون البيئة ورئيس جمعية مثقفي المعادي فأكدأن المحليات ليس لها أي دور في حل مشكلة القاء المخلفات بالشوارع وأن المشكلة تستشري وتكبر يوما بعد يوم حتي تحولت المنطقة عند نهاية امتداد شارع9 بالمعادي الي منطقة جبال من مخلفات المباني وأصبح الشارع غير صالح للمرور. وأضاف أن تصريحات مسئولي الحل وهيئة النظافة ليست الا للاستهلاك المحلي فهم يقومون بحملات وقتية تنتهي فور انصرافهم وتظل المشكلة كما كانت وهذا يجعلني أطرح تساؤلا علي خبراء البيئة أليس من الممكن اجراء أبحاث علمية لاعادة تدوير وتصنيع مخلفات المباني أسوة بإعادة تدوير الزبالة عسي أن تتحول الي مواد صلبة يمكن استخدامها في أعمال الرصف وانشاء الأرصفة وغيرها. ودعا الي وضع خطة مشتركة بين المجتمع المدني ومسئولين من المحليات ووزارة البيئة لمواجهة هذه المشكلة ووضع حلول فعلية دائمة لها. مراقبة المخالفات ويقول أمين الخيال رئيس الادارة المركزية للمخلفات بوزارة البيئة ان مشكلة القاء المخلفات الصلبة تشمل مخلفات مبان ومخلفات مستشفيات وبقايا تجديد الشقق وهي مشكلة كبيرة انتشارها بشكل صارخ في كل أحياء القاهرة والسيطرة عليها أمر في غاية الصعوبة لذلك يجب تضافر أجهزة الشرطة مع وزارة البيئة ومسئولي المحليات لمواجهة المشكلة بشكل حاسم. وأضاف أن دور الادارة المركزية للمخلفات بالوزارة ينحصرفي المراقبة وتحديد المناطق التي تحدث فيها المخالفات وتلقي فيها المخلفات وابلاغ هيئة النظافة عنها وتلقي شكاوي المواطنين وتصعيدها لمسئولي هيئة النظافة والمحليات. وقال ان المنطقة التي تقع علي طريق الفسطاط تحت كوبري العاشر الغربية من وزارة البيئة لم تسلم من القاء المخلفات فيها وتم ابلاغ الحي وهيئة النظافة ولكن مازال سائقو عربات النقل والكارو يتخذون منها هدفا لالقاء مخلفاتهم. أجهزة ومعدات ويقول المهندس أحمد علي رئيس هيئة النظافة وتجميل القاهرة ان مشكلة القاء مخلفات المباني من أكبر المشكلات التي تواجه الهيئة علي مستوي القاهرة ولك أن تتخيل قرابة الأربعة آلاف طن من الرئيس المخلفات الصلبة يتم القاؤها يوميا في شوارع وميادين القاهرة بشكل متعرج وفي أوقات متأخرة من الليل وهذا يؤكد حجم المعاناة في مواجهة هذا الأمر فالهيئة تستخدم أجهزة ومعدات وتنفق ملايين الجنيهات سنويا في رفع هذه المخلفات ولكن بدون تعاون من المواطنين ووجود ضمير حي يشعر بالمشكلة من قبل المجتمع ستكون المواجهة صعبة وقد سبق أن أعلنت الهيئة بالصحف وأجهزة الاعلام عن تحديد رقم152 خط ساخن للاتصال بالهيئة والهيئة علي استعداد تام لارسال سياراتها الي مكان البلاغ ونقل المخلفات بالمجان بمعني لو أن أحد المواطنين يقوم بأعمال تطوير وتجديد في الشقة السكنية التي يقيم بها بالتأكيد فسوف ينتج عن هذا التجديد كمية كبيرة من المخلفات الصلبة.. وسوف يتفق مع سائق سيارة نقل أوكارو ليخلصه من هذه المخلفات ويدفع له مبالغ كبيرة قد تتجاوز المائة جنيه في حين أنه لو اتصل بنا في الهيئة سوف نرسل له سيارة علي الفور تخلصه من هذه المخلفات الصلبه ودون أن يتكبد أي مصاريف مادية. وقال أنه فوجئ أثناء قيادته لسيارته في منطقة ابن سندر بسراي القبة بوجود تلال من المخلفات الصلبة تشوه الشكل الجمالي والحضاري للمنطقة والشارع فقام بالاتصال بالهيئة واستدعي عددا من السيارات المجهزة وظل معهم حتي الواحدة من منتصف الليل حتي تم الانتهاء من رفع المخلفات واعادة الشارع الي سابق عهدة من النظافة وقال رئيس الهيئة ان تجربته هذه خرج منها بأن ضمير المواطن الذي ألقي بهذه المخلفات هو الأساس فلو أنه فكر لحظة أنه يتسبب في ايذاء غيره من المواطنين ولو فكر أن هذا خطأ كبير سيعاقبه عليه خالقه من منطلق مبدأ اماطة الأذي عن الطريق لما فعل هذا. وأضاف رئيس الهيئة أن هناك توجها للقضاء علي هذه المشكلة بالتنسيق مع محافظة القاهرة بجميع أحيائها ووزارة الداخلية من خلال أقسام الشرطة بالمناطق المختلفة حيث تم تحديد13 منطقة بالقاهرة هي أكثر المناطق التي تتعرض لالقاء المخلفات الصلبة بها مثل مناطق البساتين ومدينة نصر والمعادي والنزهة والزيتون وغيرها ووضعنا في كل منطقة نقطة مراقبة يكون عملهاعلي مدار ال24 ساعة وتضم موظفا من هيئة النظافة مع موظف من الحي التابعة له المنطقة المراقبة وأمين شرطة من قسم الشرطة بالمنطقة ومهمة هذه النقطة محاربة سيارات النقل والكارو التي تلقي بالمخلفات ليل نهار وأضاف أن أحد مهندسي الهيئة لقي حتفه علي يد أحد الزبالين الذين يلقون بمخلفاتهم مما يؤكد مدي شراسة المشكلة وصعوبة مواجهتها والحاجة الي تأمين القائمين علي المراقبة. سيارات متحركة يقول اللواء وجيه الرفاعي الرئيس السابق لهيئة النظافة أن نقاط المراقبة موجودة فعلا ولها دور كبير في مواجهة المشكلة ولكن يجب أن يتم تزويدها بسيارات حتي تتحول الي نقاط متحركة يمكنها مطاردة أي سيارة من السيارات النقل التي تقوم بإلقاء المخلفات والامساك بسائقها وتطبيق القانون عليه وقال الرفاعي ان الشركات الأربع الأسبانية والايطالية مع الشركتين الوطنيتين تقوم بجهد لمواجهة المشكلة ولكن لن يكتمل هذا الجهد الا تتضافر عناصر المجتمع والتعاون معهم وحتي لا يكونوا عنصرا معوقا لهذه الشركات. وأضاف أن هناك شركتين متخصصتين في اعادة تدوير المخلفات الصلبة سواء الطبية أو( الدبش) مخلفات مبان وتحويلها الي مواد نافعة يمكن استخدامها في مجالات كثيرة 24 ساعة وأكد الدكتور عبدالعظيم وزير محافظ القاهرة تعليقا علي هذه المشكلة التي تحولت الي ظاهرة تهدد المجتمع بالخطر أنه تم التنسيق مع مديرية أمن القاهرة لتفعيل مهام النقاط الأمنية المختصة بمراقبة ظاهرة إلقاء مخلفات الهدم بالشوارع بإضافة سيارات متحركة لكل نقطة والبالغ عددها13 نقطة بالمواقع التي تنتشر بها الظاهرة علي أن يكون دور هذه السيارات المتحركة مراقبة السيارات المحملة بمخلفات الهدم والتأكد من القاء حمولتها بالمقالب المخصصة لذلك وقال المحافظ أن المحافظة كانت قد تكفلت بإنشاء هذه النقاط علي أن تضم مندوبين من الأطباء التابعين لها ومن هيئة النظافة وعنصرين من الشرطة أحدهما من شرطة المرافق والثاني من الأمين العام علي أن يتم العمل داخل هذه النقاط علي مدار اليوم في ثلاث ورديات بالتبادل وأضاف المحافظ أنه سوف يتم صرف حافز مالي للعاملين بكل نقطة كنوع من الاثابة والتشجيع لهم وقال أنه سوف يتم تزويدهم بأجهزة اتصال لاسلكية للابلاغ عن خطوط سير السيارات المحملة. جولات ميدانية وقال المحافظ انه مهتم بالقضاء علي هذه المشكلة وانه يقوم بجولات ميدانية كثيرة للتأكد من سير العمل في مواجهتها وأضاف أن المحافظة اتخذت عددا من الاجراءات والقرارات التي اتحدث عن تخفيف حدة انتشار هذه الظاهرة بفرض تأمين اجباري علي رخص الهدم بمقدار25 جنيها لكل متر مكعب علي ان يتم صرفها مباشرة فور تقدم صاحب الشأن بإثبات إلقاء كميات الهدم المقررة في المقالب العمومية المخصصة لذلك بالاضافة الي تشديد العقوبات علي كل من يتم ضبطه بالقاء مخلفات في الشوارع. خدمة مجانية وقال المحافظ أن المحافظة اعلنت اكثر من مرة أن هيئة النظافة تتحمل نفقات نقل مخلفات المباني البسيطة التي يقوم المواطنون بها في وحداتهم الخاصة لتنفيذ حمامات أو مطابخ أو تعديلات بالشقق وذلك بإبلاغ الهيئة تليفونيا علي الخط الساخن152 وتحديد موعد لنقل المخلفات دون أن يدفع صاحب الوحدة أي مبالغ مالية. وقال المحافظ انه تسهيلا علي معاوني الهدم والسائقين فقد تم انشاء عدد من محطات المناولة الوسيطة والتي تمكنهم من القاء المخلفات بها بديلا عن المقالب العمومية علي أن يتم نقلها يوميا بمعرفة سيارات الهيئة الي المقالب العمومية وجار تطوير هذه المحطات وانشاء محطات أخري جديدة مع تسويرها بسور حجري وآخر من الأشجار وانشاء سقف من الجمالون عليها لعدم تعرض المباني المجاورة لأي آثار سلبية.