أصبح كل من هؤلاء النجوم الجدد قادرا علي ضبط موجته وفقا لطبيعة الجمهور المستهدف, فأصبحت لغة خطابه في الجزيرة مغايرة نسبيا لتوجهاته في العربية وفي المنار يختلف عن الحرة وفي القاهرة اليوم يختلف عن الحياة اليوم, جملة شهيرة, يتذكرها من عاش احدي فترات السينما التي اشتهرت باسم المقاولات, حين كانت جنبات قاعة العرض تهتز بهتافات المتفرجين الذين يكتشفون عادة في آخر الفيلم أنهم قد تعرضوا لخدعة كبري بأصوات غاضبة سينما اونطة هاتوا فلوسنا. ومشهد آخر شهير حيث يعود المواطن البسيط الي منزله مساء, بعد يوم طويل وشاق من العمل, يمسك الريموت ويقلب بين القنوات الفضائية, التي تتصارع عليه بإذاعة كل المشكلات والقضايا, التي تهمه والتي لاتهمه, حتي لايغير المحطة. مابين الجملة الاولي التي جاءت ردا علي عبارة الجمهور عايز كده والمشهد الثاني الذي يجيء تحت نفس العبارة ايضا الجمهور عايز كده تطرح عدة اسئلة عن الاعلامي او الفنان الذي يلبي رغبات الجمهور ونزواته ومحاولة اشباعها, وبالتالي تكون النتيجة انتاجا لايحمل من الابداع قيمته وإعلاما يحتوي علي توابل لاتتوخي الدقة المهنية. بتطبيق النموذجين السابقين السينمائي والاعلامي علي الحالة الاعلامية التي نعيشها خلال الاعوام الاخيرة نكتشف ان هناك حالة من سيطرة مفهوم الجمهور عايز كده علي معظم وسائل الاعلام خاصة التليفزيونية منها وينسحب هذا ليس فقط علي محطات التليفزيون والقائمين عليها خاصة البرامج المسائية المسماة التوك شو والتي تعتمد الا قليلا منها علي اثارة الجدل حول مايحدث طوال اليوم بل يمتد تطبيق النموذج الي نجوم المرحلة التليفزيونيين من السياسيين والمحللين والمعلقين وضيوف هذه البرامج, واصبح كل من هؤلاء النجوم الجدد قادرا علي ضبط موجته وفقا لطبيعة الجمهور المستهدف, فأصبحت لغة خطابه في الجزيرة مغايرة نسبيا لتوجهاته في العربية وفي المنار يختلف عن الحرة وفي القاهرة اليوم يختلف عن الحياة اليوم, ولن يمانع في ان يتبدل او يتغير قليلا ليتناسب مع جمهور الفضائية المصرية او السودانية او الموريتانية, وبالتأكيد فإن اللغة والتوجه سوف يكونان مختلفين تماما اذا ماكان الحوار مع سكاي نيوز او سي ان ان وفي كل مرة نجد هذا النجم يبحث عما يمكن ان يدغدغ مشاعر الجمهور ويثير حماسه يزايد علي المواقف, ويعلو الصوت ويتحشرج احيانا, وعينه علي المتلقي فالنجم التليفزيوني يعلم اين مناطق الاشتعال والحماسة لدي المتلقي فيتخلي عن رزانته وحياده وعمله وقدرته علي التحليل ليضغط بكل ما اوتي من قوة صوت ظنا منه انه يكسب بذلك تعاطف المتلقي حتي لو تناقض ذلك مع حقائق الامور. وتكون النتيجة المزيد من الغرق في أوهام قوة, او انتقام او تلبس حالة غير حقيقية لاتكون نتيجتها الا غيبوبة سوف يدفع ثمنها الوطن كله. موجة الافلام سالفة الذكر لم تنته الا عندما تخلص المبدعون, او نفر منهم, من مبرر الجمهور عاوز كده, وهذا هو الضمان الوحيد لأي نهضة حقيقية, عدم التمسح في رغبات ونزوات الجمهور, واقامة مساحة اوسع للابداع والتفكير في حرية حقيقية تستند علي المهنية الحقيقية التي تحل مشاكل الوطن والمشاهد.