مفارقة كبيرة وتناقض واضح بين ماتبثه الفضائيات من تشاؤم يوحي بنهاية كل شيء و التركيز علي المشاهد السلبية للمظاهرات في اماكن وجودها. سواء بالتحرير أو امام قصر الاتحادية او في بعض ميادين بعض عواصم المحافظات وماهو حقيقي علي أرض الواقع في باقي احياء العاصمة او المدن الاخري من استقرار لحياة الملايين ممن يعيشون حياتهم بشكل طبيعي يحلمون بالأفضل لليوم القادم.. وحول هذه المفارقة التي تشير إلي أن مصر جميلة بعيدا عن الفضائيات. في البدية يري الدكتور حسن ابو طالب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ان المواطنين الآن ابتعدوا عن مشاهدة القنوات الفضائية ومتابعة الأحداث علي الساحة السياسية في ظل وجود حالة من التناقض بين مايراه المواطن في الحقيقة وبين الأحداث علي القنوات الفضائية, مشيرا الي وجود حالة من الانفصال المجتمعي بمعني ان التحليل الاعلامي اصبح ذا آليات خاصة مقتصرة علي رواد ميدان التحرير فقط. وأوضح انه لابد من مراعاة القدرة الاستيعابية للشعوب والتدرج السياسي للمواطن البسيط حيث إنه طبقا للعلوم الاجتماعية لا يمكن ان يتحمل اي شعب حالة الثورة المستمرة لفترات طويلة دون ظهور نتائج إيجابية للثورات وعلي الجميع الآن العودة الي الاستقرار والهدوء مرة اخري. واضاف ان المواطن البسيط بدأ يشعر بأن قادة المعارضة ليسوا اصحاب موقف يؤدي الي تغيير إيجابي, مؤكدا استياء بعض المواطنين من البرامج الإعلامية حيث انها اصبحت منقادة لتيارات وفصائل محددة ولم تعد معبرة عن مطالب واحتياجات المواطن العادي. وأكد فقد الاعلام لمصداقيته وتأثيره علي المواطنين مع زيادة الفجوة بين المواطن العادي والمشاركة في الحياة السياسية, مشيرا الي أنه لابد من وجود ضغط شعبي من قبل المواطنين بالعزوف عن متابعة هذا النوع من برامج إثارة الفتن كرسالة الي الاعلاميين بإلتزام الحياد في نقل الاحداث. من ناحيتها وصفت الدكتورة عواطف ابو شادي استاذ العلوم السياسية بالجامعات الامريكية ما يحدث من تجاوزات بعض وسائل الاعلام في التركيز علي الجوانب السلبية للتظاهرات والاحداث السياسية بأنها فوضي اعلامية تحريضية لجذب المشاهد بمصداقية زائفة تخفي خلفها بعض المصالح الشخصية. واشارت الي ضرورة عودة دور قنوات الدولة المحلية بنوع من المصداقية كمحاولة لجذب المشاهد من جديد في وجود حياد إعلامي لنقل كافة الاراء والاتجاهات السياسية حتي لايتحول المواطن البسيط الي عنصر فاسد مثير للشغب في الميادين. وقال الدكتو احمد عارف المتحدث الاعلامي لجماعة الاخوان المسلمين إننا اصبحنا نري تضخيما اعلاميا وتهويلا شديدا في وسائل الاعلام بعضه متعمد يتم فيه تسليط الضوء علي بعض الوقائع الفردية وتعميمها, مشيرا الي ان رسالة الاعلام رسالة سامية تحمل علي عاتقها مسئولية وطنية كبيرة تكمن في عرض كافة الاتجاهات السياسية امام الراي العام. واوضح دور المواطنين في نبذ تسييس مشاهد العنف والاعلان عن الرفض التام لها لأن بعض قوي المعارضة تستخدم هذه المشاهد كوسيلة للضغط السياسي والابتزاز المرفوض شكلا وموضوعا من كافة فئات المجتمع. واشار المستشار محمود ابوالغيط عضو حركة قضاة من أجل مصر الي ان مايحدث علي الساحة عبارة عن مؤامرة سياسية وللاسف الاعلام المصري يمثل اهم ادوات هذه المؤامرة سواء اشتركت الصحف والقنوات الفضائية فيها بقصد او بدون قصد. وأضاف انه عندما ننظر الي مالكي القنوات الفضائية سنجد ان معظمهم من افراد النظام السابق كجزء من تكوين حملة لإسقاط الثورة المصرية عن طريق التلاعب في اللاوعي لدي المواطن البسيط لكره الثورة وكل ما هو ثوري وبث صورة بأن المتظاهرين هم مجموعة افراد مخربين ومثيرين للشغب. وقال ان حرية الاعلام التي اسقطت نظام الرئيس مبارك تستغل الان لإسقاط الثورة المصرية, مشيرا الي ضرورة الكشف في إطار الحياد التام عن العناصر الفاسدة داخل الوسط الاعلامي بشكل عام مع ضرورة وضع ميثاق شرف إعلامي للتعامل مع حرية الاعلام بشكل لا يهدم الدولة ومحاسبة من يخرج عن نطاق الميثاق. وأكد انه من المفترض ان المواطن المصري يستطيع التمييز بين الصحف والقنوات الفضائية التي تغير من وجهتها السياسية تبعا للمصالح والاغراض الشخصية. بينما يري الدكتور عثمان محمد عثمان رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة6 اكتوبر ان الاعلام لا يستطيع صناعة الخبر واي اعلامي يفتعل الاخبار او الاحداث المثيرة للفتن لابد من محاسبته قانونيا ولكن هناك بعض القنوات الفضائية التي تنقل الاخبار بشكل يبدو أمام البعض بأنه إثارة للرأي العام. واضاف ان مصر شهدت مساحة كبيرة من الحريات عقب ثورة25 يناير ارتفع معها سقف الاعلام وحريته لحد كبير وبالتالي اصبح الحكم الان للقارئ او المشاهد القادر علي تحديد القنوات التي تبالغ في عرض الاحداث وبين القنوات المعتدلة. واكد علي ضرورة ان تناول وسائل الاعلام بأكملها لكافة وجهات النظر من جميع الجهات وعرضها امام المشاهد او القارئ بشكل حيادي يكفل له القدرة علي التمييز. علي صعيد اخر يري الدكتور عدلي رضا استاذ الإعلام بجامعة القاهرة ان ما تفعله بعض الفضائيات الان اشعال لنيران الفتنة والانقسام في المجتمع حيث ان الفضائيات اصبحت لا تبالي بمصلحة الوطن والمواطنين وإنما تعمل علي مصالحها الشخصية ومصالح من يعملون بها. ووصف ما تقوم به بعض القنوات الفضائية من إثارة ومبالغة وتهويل وتزييف للحقائق واستغلال الوعي السياسي الضعيف للمواطن البسيط بأنه كارثة إعلامية حقيقية تبتعد تماما عن الضوابط المهنية والاخلاقية لرسالة الاعلام. واشار الي انه لابد من وقفة حازمة امام كل من يحول دون مصلحة الوطن مع مراعاة وضع ضوابط تشريعية تحكم الاداء الاعلامي ومحاسبة كل من يخرج عن قواعد العمل المهني ويثير الفتن ويضخم من الاحداث السياسية. واوضح دور القنوات المحلية في كشف الحقائق امام المواطن البسيط الذي يتأثر بما يقدم له في وسائل الاعلام والاعلان عن وجود بعض المبالغات والتضخيم الاعلامي في بعض القنوات. بينما يري الدكتور حسن مكاوي استاذ الاعلام بجامعة القاهرة ان وظائف وسائل الاعلام نقل الاخبار والاحداث السياسية والاقتصادية للجماهير ونقل مجريات الاحداث بشكل مباشر حتي وان اشتملت بعض هذه الاحداث علي مشاهد عنف. واضاف ان دور الاعلام ليس تجميل الحقائق وإنما نقل الواقع كما هو مع التركيز علي بعض السلبيات الموجودة بهدف إصلاحها وتلافي اضرارها في المستقبل, مشيرا الي وجود حالة واضحة من الانقسام في الشارع والقنوات الفضائية والصحف واساتذة الاعلام. واشار الي بعض الحلول المؤقتة للمواطن البسيط مثل الابتعاد عن متابعة الاخبار في وسائل الاعلام واللجوء الي معرفة الاحداث من خلال مصادر موثوق بها داخل الحدث او الابتعاد عن متابعة الجانب السياسي تماما في الفترة الحالية حتي لا يصاب بالاكتئاب والاحباط. من جانبه قال الدكتور كمال القاضي استاذ في السياسة الاعلامية انه غير مؤمن بفكرة الفصل بين الواقع السياسي والاعلام حيث ان الاعلام لا يخلق الحدث وإنما يقتصر دوره علي نقل الصورة فقط, مؤكدا ان الاختلاف عن الاحداث يظهر في برامج التوك شو تبعا للرؤية السياسية للتيارات المختلفة ووصف وتحليل كل فصيل منهم للاحداث. واشار الي ان المواطن البسيط قد ينخدع ببعض مشاهد العنف التي تنقلها وسائل الاعلام ولكن المواطن الواعي سياسيا( النسبة العظمي من المجتمع) قادر علي تحديد الاحداث الواقعية والمفتعلة من جانب بعض القنوات الفضائية.