ما يحدث في مصر منذ يوم25 يناير2013, والذي كان من المفترض أن يكون احتفالا وتأكيدا علي استمرارية العمل من أجل تحقيق أهداف ثورة25 يناير يجعل الانسان يشعر بالحيرة والارتباك, وغير قادر علي رسم صورة عقلانية لما يدور, فما يحدث شيء عبثي بكل المقاييس, اختلطت فيه الأمور وتعقدت فيه المواقف, واختلط الحق بالباطل, وخرجت الأمور عن السيطرة, وعن حدود التقييم. ما يحدث في مجتمعنا حاليا من عنف أمر غير مبرر, وليس في مصلحة أحد, ولا يرضي به أي مصري حقيقي يحب هذا الوطن, ويعيش علي أرضه, ومن يرض باستمرار هذا الوضع لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون مصريا. وهنا لا يجد المراقب مبررا لموقف أي فصيل من الفصائل المتصارعة علي الساحة, فاللوم يتوجه إلي الحكومة والمعارضة بجميع فصائلهما من ليبراليين وإسلام سياسي, وما يحدث هو نوع من الفوضي مع سبق الإصرار والترصد ورغبة أكيدة في تخريب البلاد, ووقف أية مسيرة لها باتجاه التعافي, وهذه مؤامرة لابد أن نتنبه لها جميعا, وأن نكون يقظين, ففي الوقت الذي نتعارك فيه, ونخرب بلدنا بأيدينا, هناك من يسعده ذلك ويحقق أهدافه في ألا تقوم لمصر قائمة, لأنهم يخشون من عودة المارد المصري إلي سابق قوته وصحوته, وللأسف نحن نساعدهم علي تحقيق هذا الهدف الخبيث بذلك الخلاف والتناحر الدائر بين القوي السياسية المختلفة حاليا, والذي وصل إلي حد إسالة الدماء, وتكوين ميليشيات مسلحة. فشلت هذه القوي في أن يكون لها مكان علي أرض الواقع فراحت تعمل علي هدم الدولة وزعزعة صورة الرئيس وجماعة الإخوان المسلمين, وفتح جبهات ومعارك يومية مع السلطة لإرباكها, واستنزاف طاقتها بعيدا عن تحقيق أهداف الثورة والعمل لحل مشاكل الناس. واعتقدنا أن الساعين إلي خراب مصر سيعودون إلي وعيهم, ويرجع إليهم رشدهم, ولكنهم استمروا في طريق الهدم والتخريب, بدعوي أن الحكومة عاجزة عن تحقيق أهداف ثورة25 يناير, وأنه لابد من تعديل الدستور, وحماية القضاء من تغول السلطة عليه, وتعيين نائب عام جديد وكل هذه الأمور ما هي إلا ستار يخفي خططهم في الهدم والتدمير وإسالة الدماء البريئة المخدوعة بأفكارهم المسمومة, وإعلامهم المأجور. نعم هناك أخطاء من جانب الحكومة, التي علق الناس عليها آمالا وأحلاما كبيرة, ولكن المحاسبة والرقابة لا تعني أبدا تلك المعارك الدائرة في الشوارع, وليس معني تعثر الحكومة أن نسقطها ونسقط شرعية الرئيس الحاصل علي ثقة أغلبية المصريين الذين ذهبوا إلي صناديق الاقتراع, فهذا خروج عن الشرعية وكفر بالديمقراطية التي للأسف يمارس هؤلاء المدمرون المخربون للوطن نشاطهم تحت مظلتها, والتي تحولت بفضلهم إلي سوقراطية جرأت الغوغاء علي الخروج عن القانون, وحولت الثوار إلي بلطجية, والثورة إلي هدم وتدمير, فهل من يقذف مقرات الرئاسة ويهدم المنشآت الحكومية, ويحرق العربات, وينشر الرعب في الشوارع ويتحرش بالنساء ويغتصب الفتيات ثوري؟ لقد طفح الكيل منكم أيها العاجزون عن مواجهة خصومكم في ساحة الديمقراطية الحقيقية وهي صناديق الانتخابات, فرحتم تدمرون وتعربدون يدعمكم إعلام مأجور يصر علي أن يكون متحيزا, مثلما فعل عندما ترك أسباب العنف وبدلا من أن يندد بحرق قصر الاتحادية راح يستغل سحل أحد المواطنين ويجعل منه القضية الرئيسية موجها سهام حقده ونيران كراهيته للرئيس وللإسلاميين, نعم نحن ندين ما حدث من امتهان لكرامة هذا المواطن, ولكن قبل ذلك ندين أي مظهر من مظاهر التخريب. والحل هو أن نكون جميعا علي مستوي مصر, وأن نحب هذا البلد بقدر ما منحنا من عزة وكرامة, وأن نتحاور ونتشاور, وأن نتوقف عن هذا العراك الذي يجر بلادنا إلي طريق الندامة, ولابد أن تكون أجهزة الأمن قوية بالقدر الذي تكشف وتفضح من يمول هذا العنف, ومن يقفون وراء حشد الشارع باتجاه الهدم والتدمير, حتي نعلم جميعا ما يحدث, لأننا حتي الآن تائهون معارضة وحكومة.