أصعب شيء علي النفس أن يحرق الإنسان أصله وتاريخه بيده.. وهذا ليس مستغرباً في مصر الآن بعد أن اختلط الحابل بالنابل ولم نعد نعرف من هو المخلص لوطنه ومن هو الخائن والبلطجي.. فالجميع يقف حاليا في شارع قصر العيني والشيخ ريحان وميدان التحرير يرددون شعارات تنطلق من كل جانب فهذا يسمي "ناشط" وآخر "ثائر" وتلك "مسحولة" والاتهامات توجه للجميع بدءاً من الجيش والحكومة مروراً بشباب التحرير وانتهاء بأطفال الشوارع الذين غرر بهم وحرقوا المجمع العلمي وبعض المنشآت التي تحيط بمجلس الوزراء. ونحن نتساءل.. لمصلحة من يتم حرق هذه المنشآت فالمجمع العلمي كان يضم بين جنباته 200 ألف كتاب نادر منها "وصف مصر" الذي يحكي تاريخها ونشأتها وأصلها وتراثها وأن من أهم أهدافه العمل علي تقدم مصر العلمي ونشر الثقافة والمعرفة وبحث ودراسة أحداث مصر التاريخية ومرافقها الصناعية وإذا ببعض المأجورين يحرقون كل ذلك ليعودوا بنا للخلف عشرات السنين؟.. من يحرك هذه المواجهات ومتي يتم القبض علي "اللهو الخفي" الذي يسعي إلي حرق مصر؟.. وأين هم الثوار الحقيقيون الشرفاء مما يحدث الآن من أعمال بلطجة وفوضي وتخريب؟.. أسئلة كثيرة تثور في أذهان الشعب المصري الذي أصبح عاجزاً عن تفسير ما يحدث حوله.. حتي المؤتمرات الصحفية التي يعقدها المجلس العسكري لم تشف غليل هذا الشعب ولم توضح لنا حقيقة "اللهو الخفي" الذي يتهمونه في كل مرة بأنه يخطط لهدم الدولة. أصابع الاتهام تتجه الآن نحو أطفال الشوارع الذين انصاعوا للإخوة الأعداء الذين أغروهم بالمال والطعام لحرق بلدهم وهنا يجب ألا نلوم هؤلاء الأطفال فقط فقد أجرمنا في حقهم قبل أن يجرموا هم في حقنا بعد أن تجاهلهم النظام السابق وجعلهم يعيشون تحت الكباري وعلي الأرصفة يتعاطون "الكُلة" ويبحثون عن طعامهم في سلات وبراميل القمامة. للأسف أحرقنا ذاكرة الأمة ونحاول الآن حرق رمز البلد "الجيش المصري" الذي حمي الوطن ووقف سداً منيعاً طوال تاريخه في وجه كل من حاول استعمار البلد والاستيلاء علي ثرواته.. فماذا يتبقي لنا بعد ذلك؟. آن الآوان ليلتف شرفاء الوطن حول جيشهم وحكومتهم لحماية مصر من أبنائها الذين يريدون هدم المعبد علي رءوس الجميع فيرشد ثوار التحرير عن البلطجية الذين يندسون بين صفوفهم.. وعلي المجلس العسكري والقضاء والداخلية الكشف بكل شفافية عن هؤلاء الخونة لتتم محاكمتهم سريعاً حتي تحقن الدماء وتستقر الأمور وتنطفيء نار الحسرة في الصدور.