أخبرتنا الصحف أواخر ديسمبر2012 أن الاتحاد العام لمنتجي الدواجن تقدم بمذكرة إلي السيد رئيس الجمهورية يطالب فيها بحظر استيراد الدواجن المجمدة من الخارج لأجل غير مسمي أو زيادة الرسوم الجمركية علي واردت الدواجن إلي80% كما كانت سابقا وذلك بعد أن تم إغراق الأسواق المصرية بنحو130 ألف طن خلال عام2012 مما يتسبب في خسائر فادحة لصناعة الدواجن المحلية نتيجة عدم قدرتها علي منافسة الدواجن المستوردة وأن مجلس الوزراء يدرس إصدار قرار بحظر استيراد الدواجن المجمدة لمدة ستة شهور. * وفي الحقيقة أن صناعة الدواجن بمصر ليست صناعة وليدة أو حديثة بل هي صناعة قديمة ونالت حظها من الحماية لسنوات عديدة وأن المطالبة بحظر الاستيراد للدواجن المجمدة أو زيادة الرسوم الجمركية علي الواردات منها يعني أن المستهلك المصري سوف يدفع ثمنا أكبر في سلعة كان يدفع فيها ثمنا أقل في السابق ويترتب علي ذلك انتقاص من رفاهية المستهلك وخفض لمستوي معيشته. * ومن المعروف أن حماية أي صناعة لا تستمر طوال فترة حياتها بل تفرض الحماية في المراحل الأولي من حياة الصناعة وهي مرحلة النشوء أو الولادة وتسمي مرحلة الطفولة حيث تكون الصناعة غير قادرة علي منافسة الواردات لصناعات بلغت درجة متقدمة من النضج استطاعت خلالها الصناعة خفض تكلفة الإنتاج إلي أدني حد ممكن.., السؤال الذي يفرض نفسه هنا, ما هي الأسباب التي أدت إلي ارتفاع تكلفة الإنتاج المحلي من الدواجن بالمقارنة بالمستورد. * وتوضح النظرة التحليلية لصناعة الدواجن بمصر أن اقتصاديات إنتاج الدواجن تعاني من خلل كبير يتمثل في ارتفاع تكلفة الإنتاج نتيجة عدم كفاية خامات الأعلاف المحلية وأهمها الذرة الصفراء والمركزات من العناصر الغذائية الأخري لاحتياجات هذه الصناعة الأمر الذي يؤدي إلي استكمال هذه الاحتياجات عن طريق الاستيراد للكميات المطلوبة من الذرة الصفراء والمركزات من الخارج وتعرض هذه الواردات لارتفاع الأسعار في الأسواق الخارجية وتقلب هذه الأسعار من وقت لآخر بالإضافة إلي انخفاض قيمة الجنيه مقابل العملات الأخري في حين يواجه المنتج منافسة كبيرة في تسويق الإنتاج من الدواجن لا تمكنه من رفع أسعار البيع مقابل ارتفاع تكلفة الإنتاج. * ومن منظور رفاهية المستهلك ومستوي معيشته فإن حظر استيراد الدواجن المجمدة من الخارج أو رفع الرسوم الجمركية علي الواردات لحماية الإنتاج المحلي ليس هو الحل الأمثل لأنه في هذه الحالة سوف يدفع المستهلك ثمن الاختلال في اقتصاديات الإنتاج في هذه الصناعة. * إن الحل الأمثل يجب أن يتمحور حول إصلاح الخلل في اقتصاديات الإنتاج وليس في تحميل المستهلك أعباء جديدة تخفض من مستوي معيشته وتنتقص من رفاهيته لذلك أري أنه من واجب الحكومة بدلا من دراسة قرار بحظر استيراد الدواجن المجمدة أن تقوم الحكومة بتكليف مجموعة من الخبراء في صناعة الدواجن بدارسة أوجه الخلل في اقتصاديات إنتاج الدواجن وسبل إصلاح هذا الخلل في سبيل خفض تكلفة الإنتاج وزيادة تنافسية هذه الصناعة من ناحية والحفاظ علي رفاهية المستهلك ومستوي معيشته من ناحية أخري. * إن صناعة الدواجن في مصر يجب أن يخطط لها لكي تكون صناعة تصديرية تغزو الأسواق الخارجية بسلع جيدة وأسعار تنافسية وليس فقط لتغطية احتياجات السوق المحلية والاكتفاء بهذا المستوي من الإنتاج. * وفي هذه الدراسة أقترح دراسة إمكانية زيادة الإنتاج المحلي من الذرة الصفراء من خلال زيادة الرقعة المزروعة من هذا المحصول علي حساب خفض الرقعة المزروعة من محصول آخر مثل القطن الذي يعاني من تكدس الإنتاج في مخازن الفلاح الذي أصبح يشكو من صعوبة تصريف إنتاجه من القطن بسبب زيادة المعروض عن احتياجات الأسواق المحلية واحتياجات التصدير وكذلك إمكانية الاتفاق مع حكومة السودان علي قيام مصر بزراعة رقعة معينة في الأراضي الصالحة للزراعة في السودان بالذرة الصفراء لتوفير احتياجات السوق المحلي. * كما يمكن أن تتضمن الدراسة المقترحة إمكانية إقامة مصانع لإنتاج المركزات الغذائية التي تضاف إلي الذرة الصفراء لتكوين عليقة التغذية للدواجن هذا هو المنهج العلمي الذي يجب أن يتبع لحل أزمة صناعة الدواجن وعلاج الإختلال في اقتصاديات الإنتاج وليس حظر الاستيراد أو رفع الرسوم الجمركية علي الواردات.