بعد قيام ثورة25 يناير وازدياد معدلات الحرية لوسائل الإعلام بصفة عامة والمرئي بصفة خاصة ودخول فضائيات جديدة في معترك العمل الإعلامي عقب إزالة العديد من المعوقات التي كانت تقف أمامها وتراجع دور الدولة في الرقابة علي هذه الفضائيات والتي كانت تمارس من خلال أجهزة منها جهاز أمن الدولة, وبدلا من أن تركز هذه الفضائيات علي مشاكل المواطن اليومية والمتمثلة في الغذاء والمسكن والصحة وكلها أهداف قامت من أجلها الثورة تركت الفضائيات, كل هذا وركزت علي انتقاد المواقف السياسية للحكومة والرئيس وأصبح همها الأول هو إشاعة عدم الاستقرار وأصبحت تتنافس في توجيه الانتقادات التي وصلت في كثير من المراحل إلي حد الاهانات لرأس الدولة. بداية تقول الدكتورة ليلي عبد المجيد عميدة كلية الاعلام بجامعة الأهرام الكندية أن أغلب البرامج فعليا تسلط الأضواء علي الاهتمام بالسياسة لأن هناك أحداثا كثيرة تطغي علي الساحة وتفرض نفسها علي المجتمع وتوجه فكرها علي النقد والسلبيات, لكن هذا لايبرر أن نستمر في طرح السلبيات وأن تمتلئ برامج التوك شو بالحديث عن السياسة ونقد سلوكيات الحكومة عمال علي بطال تاركين دورهم في الإصلاح الاجتماعي والتنويري في ظل الوقت الذي يحتاج فيه المواطن أن نقدم المشاكل التي تعوقه في حياته وطرح حلولها بأن يعرض الإعلام للمواطن المعلومات التي يستطيع أن يكون بها المواطن رأيا صائبا. وتضيف الدكتورة ليلي عبد المجيد أن مايجري الآن علي شاشات الفضائيات يؤكد إلي أننا نحتاج الآن إلي ثورة ثقافية واجتماعية لعودة القيم التي ضاعت بسبب التركيز علي السلبيات السياسية فقط مثل قيمة العمل الأخلاقي والعمل الجماعي وروح الفريق وعلي رأس هذه القيم قيمة العلم التي لابد أن يطرحها الإعلام من أجل محو الأمية التي تبلغ ال40% من الشعب المصري وهي السبب الرئيسي فيما يحدث من سلوكيات وسلبيات سيئة تقابل المجتمع والمواطن. لهذا لابد أن يكف الإعلام عن النقد السياسي فقط وسلبيات الحكومة وأن يبرز الدور الهام في علاج مشاكل الوطن والمواطنين والبحث عن الحلول لها وتثقيف المواطن والسعي وراء تحقيق أهداف الثورة والتي لاتعني التمرد والبلطجة, كما نري الآن وإنما تعني وضع أساس سليم وتحقيق فوائد ونتائج إيجابية ليس بوضع كل المصائب والسلبيات علي كاهل الحكومة إنما علينا أن نشرك المواطن وندعمه إعلاميا بتوجيهه أخلاقيا وعلميا وفكريا عبر التوك شو حتي يصبح مواطنا صالحا في المشاركة الحقيقية في كل ماهو بناء في المجتمع المصري. وهذا لايعني أن ننسي دور الأسرة والمدرسة والمسجد والكنيسة في تنوير المجتمع المصري بأن يشاركوا مع الإعلام في أن يصنعوا مواطنا حرا في تفكيره لديه معلومات وحلول تجعله يميز ويقيم ما طرح عليه من مشاكل وآليات حلولها حتي يتقدم ويتقدم معه المجتمع الذي يعيش فيه. ويوضح الدكتور بركات عبد العزيز الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة أن التركيز علي السلبيات أصبحت هي المهمة الرئيسية للإعلام الآن وفيها مايركز علي سلبيات الحكومة والرئاسة ويتجاهل دور المواطن مما يؤكد المثل بأنهم يركزون علي الفرع وينسون الأصل, وفي هذا ترك للمهمة الأصلية وهي الواجب والإصرار علي الإصلاح في المجتمع وأن يرشد المواطن ويحسه علي المسئولية وأن يقوم بواجباته حتي يحصل علي حقوقه كاملة لأنه من الطبيعي الا نلقي كل السلبيات علي كاهل الحكومات لأن هناك مسئولية علي عاتق المجتمع. ولهذا ان كان المجتمع فاسدا فلن يغيره عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولو أخذنا نموذجا لهيئة أو مدينة أو وزارة ورئيسها غاية في العمل والعدل ومرؤسيه فاسدين فلن يصلح الله أبدا وهو أكبر دليل علي أن رئيس الدولة ليس المسئول الأول والأخير حيال كل مايحدث من سلبيات بالمجتمع يبرزها الإعلام ومايفعله الإعلام هنا هو عكس للصورة ولايساهم في توضيح الأصل والحلول وهذا خلل جسيم ومسئولية علي عاتق الإعلاميين والإعلام وعليهم أن يوجهوا المواطن بالتوعية وكذلك دور كل من له منبر أن يرشد ويوضح ولايكتفي بالتنكيل والمعارضة والكف عن الممارسات الإعلامية السيئة. وأدعو كل الإعلاميين القائمين علي برامج الرأي العام التوك شو أن يجعلوا أساليب الممارسة الإعلامية تمحو سلبيات المواطن السياسية والاجتماعية ولاتضع كل ثقلها علي إبراز سلبيات الحكومة لأنها ليست وحدها المسئولة عن تردي أحوال المجتمع بل المجتمع ذاته المسئول عن هذا التردي وانتشار السلبيات. ويشير الشيخ يوسف البدري عضو المجلس الأعلي للشئون الإسلامية أن الإعلام هو السلطة التي تنور وترشد المجتمع وله قوة ومكانة لاتقل قدرا عن منابر المساجد في تقديم النصح والرشد وعلاج مشكلات المجتمع وهو ضمير الأمة ولهذا يجب أن يكون حارسا لكل مقومات المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكل من يتحدث فيه لابد أن يكون لديه أمانة الكلمة ومسئول في موقعه عن كل مايقدم ويتجنب إثارة المشاكل وإزعاج الناس وعليه أن يغير نظرته وأن يضع كل مشكلات المجتمع علي قائمة البحث ويسعي مع الخبراء لوضع حلولها وان يصنع للبلد مادة دسمة من شأنها جني ثمار الخير للبلد والمواطن وتغيير وجهات النظر التي دعوا إلي الرذيلة والخراب وهذا هو الدور الأساسي للإعلام, أما الآن للأسف فإن الإعلام هو الذي يخرب المجتمع ويدمر كل عطاء ولايبرز إلا السلبيات ويصور للناس أن الدنيا قد هزمت ويعبأ الرأي العام من خلال رأي المذيع أو المقدم للبرنامج. لهذا قمنا برفع قضية رقم20100 لسنة67 قضائية نطالب فيها بغلق القنوات والبرامج التي تهين الرئيس وعلماء الأزهر وتحول التصريحات طبقا للاهواء والشائعات التي لا أساس لها من الصحة والتي تمارس في برامج كل من محمود سعد والابراشي ولميس الحديدي وعمرو أديب ويوسف الحسيني وغيرهم ممن لايعترفون بوجود الرئيس محمد مرسي وحولوا برامجهم منذ فوزه بمنصب الرئيس إلي قلاع للهجوم ضد الرئيس والتطاول عليه والسخرية من كل ماهو شرعي حتي الدستور والتأسيسية وأصبحوا كأنهم موظفون بتلك المحطات الفضائية تخصصوا في السب والشتم والإهانة لدرجة بلغت حد إلصاق تهم الزنا وقلة الحياء لبعض علماء الأزهر وغيرهم ولهذا فهم انكشفوا وتحولوا من مهمتهم إلي مهمة أخري يريدون من خلالها تعكير الماء والبحث عن مزابل الحياة من أجل تبخيرها لتكون رائحة كريهة فهم يخدعون الناس ونسوا أن الكلمة الطيبة حسنة أو قول النبي صلي الله عليه وسلم من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت أم أن يظل التزييف مستمر فهذا يعتبر إعلاما فاقدا لدوره ويجب أن يغير من سلوكه الذي مله الناس إلي سلوك صالح غير طالح بناء غير هدام يستنبط الخير من قلوب الناس وأفعالهم ويحرك الموارد البشرية إلي الولاء والحب والخير تجاه بلادهم وليعلم الإعلاميون ان الإنسان بنيان الله ملعون من هدمه والهدم هنا بتزييف الإرادة والسلب والكذب وتغيير النظرة لذلك فعلي الإعلام أن يعود إلي رشده وإلي مهمته السليمة لإرشاد المجتمع.