مصر لن تستطيع أن توقف نزيف الدم الذي يتواصل علي الطرق والسكك الحديدية, وأسفل العمارات المنهارة ما لم تستعد الدولة هيبتها, وتسترد قوتها في تنفيذ القانون, ومداهمة أوكار الفساد الذي يعشش في دواوين الحكومة, نعم مصر صارت دولة بلا قانون, ووطنا للفاسدين والعابثين بأرواح المواطنين, دولة بلا حكومة قوية قادرة علي إعادة الانضباط, واستعادة الأمن والاستقرار. من يراجع أسباب الحوادث الجسيمة التي حلت بالبلاد خلال الأيام الماضية, سيكتشف أن الإهمال والتقصير الحكومي وراء هذه الحوادث, وأن الفساد الحكومي هو مكون رئيسي في هذا الإهمال. مئات القتلي والجرحي يذهبون تحت الأنقاض, أو دهسا تحت القطارات والمركبات في مشهد فريد من نوعه, وكأن مصر تحولت إلي غابة تغتال فيها الأرواح يوميا بفعل الإهمال. والمثير للدهشة والسخرية أن تعلن الحكومة بعد اجتماع مجلس الوزراء أمس الأول, ما قالت عنه إنه خطة جديدة لمواجهة الحوادث, تتضمن مراجعة أعمال الصيانة للقطارات, وتدبير الموارد اللازمة لإعادة هيكلة السكك الحديدية, وإجراء عمليات إحلال وتجديد للعربات المتهالكة, وكأن الحكومة كانت تنتظر سقوط مئات القتلي والجرحي حتي تهتم بتطوير السكك الحديدية, وللأسف أن مثل هذه التصريحات قيلت قبل ذلك في مناسبات قتل سابقة ولم تنفذ, بل إن الحقيقة التي تخفيها الحكومة أن كل القطارات التي تعمل علي خطوط السكك الحديدية غير صالحة للتشغيل بشهادة رؤساء سابقين للهيئة, وأن عمليات الصيانة تتم بصورة تقليدية وروتينية بسبب عدم وجود تمويل كاف للقيام بعمليات صيانة دورية, ناهيك عن عدم وجود دورات تدريبية منتظمة للعاملين في قطاع الصيانة تساعدهم علي إتقان هذه المهمة الخطيرة, كل هذه الإجراءات المطلوبة أسهمت في رفع فاتورة إصلاح هذا المرفق, وجعلت من معالجة أوجه القصور مهمة تحتاج إلي حكومة قادرة علي مواجهة التحديات وتجاوز الصعاب بفكر جديد, ورؤي غير تقليدية تتجاوز الأيدي المرتعشة التي تعمل بها حكومة قنديل. وربما تكون الخطوة الأولي للإصلاح والاستقرار تبدأ بحكومة جديدة قادرة مسئولة علي لم الشمل الوطني, واستعادة هيبة القانون, فهل يفعلها الرئيس؟!