جلست هذه المرة بجوار صديقي المخرج.. والذي تربطني به علاقة فنية.. تسمح لكلينا أن نتبادل الآراء.. وأن نتناقش في أعماق الصناعة السينمائية.. والتجارب التي يمر بها كل منا.. لأنها في النهاية دروس.. يستفيد منها كل ممثل أو مخرج.. أو أي شخص يعيش في عالم فن السينما.. وسرعة تطوره!! أشار المخرج.. إلي صديقي النجم.. الجالس في حالة استعداد للتصوير في أحد أركان البلاتوه.. وقال لي.. هذا النجم منذ3 سنوات همست في اذن مدير التصوير الذي كان يقوم بتصوير فيلم من إخراجي وكان هذا النجم في أول مشواره السينمائي.. عندما شاهدته في احدي المسرحيات في دور صغير جدا.. واشركته في الفيلم.. قلت لمدير التصوير أنظر إلي هذا الشاب جيدا.. انه يعطي الكثير.. هو يقف أمام نجم كبير.. ولكن الست معي أنه وجه يستحق التقديم.. انه من ذلك النوع الذي لديه عطاء فني كبير.. سوف نركز عليه.. ونري!! ومرت3 سنوات.. وها هو نجم ساطع الآن.. واستكمل صديقي المخرج كلامه.. الذي اعتبرته درسا مفيدا جدا.. لي.. ولكل الممثلين!! قال.. وهكذا.. فان هناك ممثلا يعطي للمخرج فرصة كبيرة لاظهار فنه وابداعه.. والمخرج نفسه يستطيع مع هذا النوع من الممثل ان يبدع هو الآخر.. ويقدم أعظم ما عنده.. وان لكل ممثل لغة يقدمها المخرج وبسرعة.. يتعامل معه.. ويحرك الممثل.. بحرية كاملة دون أي معوقات.. يطلب منه المخرج أن يقدم اداء يحتاج إلي مرونة فنية في كل شيء.. ولا يحمل المخرج أي هم مع هذا النوع من الممثلين.. فلديهم ليونة فنية وشمول يستحقان الاستغلال.. هناك نوع آخر من الممثلين.. يقف أمامه المخرج حائرا.. انه ممثل بارع.. ولكن تقف بعض العقبات أمام تحريكه أو ليونته الفنية.. وهنا لا يجد المخرجمفرا من التقيد فلا حركة ولا اداء من نوع خاص ويسرع المخرج باستغلال قدرة الممثل هنا.. وهو جالس أو واقف.. ويحرك المخرج من حوله الأشياء.. تفاديا لذلك السكوت في حركة الممثل.. والقاعدة المعروفة.. أن المخرج يأخذ من الممثل.. ويعطيه فنا.. وبالمقابل فالممثل يعطي المخرج ويأخذ فنا أيضا. واستكمل المخرج كلامه.. الذي اعتبره درسا رائعا.. وقال ولكي تحدث تلك المعادلة.. بالنسبة للعطاء المتبادل.. ونحقق منها فنا جيدا.. فان التمثيل.. لا يقف عند قدرة الاداء فقط.. ولكنه يمتد ليشمل معاناة كبيرة في كثير من النواحي.. اللياقة البدنية الدائمة.. ملاحقة الثقافة في كل فروعها.. دراسة اجتماعية ضرورية لكل مكونات أي مجتمع.. دراسة نفسية تحتم عليه معرفة سياسية عامة وشاملة.. وملاحقة التطور العلمي في كل المجالات.. والالمام بالأديان.. وبالأدب.. والشعر. وفنون الرسم والموسيقي.. والطب.. والهندسة.. والمحاماة.. والشرطة.. والقضاء.. وعلوم البحار.. والقانون الدولي.. وإلمام بكل عناصر الحياة لكي يصل إلي درجة تسمح بالتناول والتعبير عنها بفهم في كل ما يعرض عليه من شخصيات في مشواره مع السينما وأفلامها.. ان الممثل الذي يحمل خلفية بهذا النوع.. هو قلب المجتمع.. وعين يري من خلالها الجمهور.. نفسه. ونظر إلي صديقي المخرج وأشار إلي نجمه الذي بدأ يتحرك مستعدا للتصوير وقال لي مارأيك في هذا النجم الذي يحمل كل هذا الذي قلته في قلبه وعلي كتفيه.. وهو يمثل.. قلت له انه يحمل درسا من مخرج عبقري مثلك وشكرا لسماعي هذا الدرس.. ورد المخرج وأنا شكرا مقدما يا صديقي النجم.. علي أن ترسل هذا الدرس في يومياتك التي اتابعها أنا وغيري.. كل أسبوع!! وأسرع صديقي المخرج يوسف شاهين ليمارس إخراجه الإبداعي.