تتعرض الأقليات المسلمة في أرجاء الأرض للقمع والعنف الممنهج، بهدف محو هويتهم، وردهم عن دينهم، فما بين إبادة وتشريد مسلمي الروهنيجيا في ميانمار، إلي اضطهاد وعدم اعتراف بالمورو في الفلبين، وقمع اليوغور المسلمين في الصين، إلي تهميش مسلمي إثيوبيا، تتوالي فصول القمع والقهر، وسط صمت عالمي، وتعتيم إعلامي، وضعف إسلامي عن النصرة، فما هو واجب المسلمين تجاه إخوانهم من الأقليات، خاصة وأن الإسلام رحم بين أهله، مهما اختلفت اللغات والألوان والعرقيات، وكيف يترجم هذا الواقع إلي خطوات عملية تناسب هذا العصر الذي نع يقول الدكتور محمود سعد مهدي أستاذ الشريعة المعار لكلية الشريعة جامعة نجران: مأساة الأمة المسلمة أبعادها مختلفة وأسبابها متشابكة، ومشكلة الأقليات المسلمة في جميع أنحاء العالم تمثل بعدا واحدا من أبعاد هذه المأساة، أما عن حجم المأساة الحقيقي، فيكفي أن غزة تقصف بنيران الصهاينة والعرب والمسلمون مشغولون بقضاياهم وهمومهم الداخلية، وعندما تتحرك الرئاسة في مصر لحقن الدماء المسلمة تجد من يقول إن "ما يحتاجه البيت يحرم علي الجامع" وهو قول خاطي شرعا وعقلا ومنطق لا يصمد أمام الواقع. ويستطرد د. محمود سعد مضيفا أما عن الأممالمتحدة ومنظمات حقوق الإنسان وغيرها فمن البديهي ألا ننتظر من هؤلاء أي خير لانهم يعرفون أننا أعداؤهم ولن يقدموا لنا خيرا إلا بيد شلاء، علاوة علي أنهم يكيلون بمكيالين ولم ينصفوا المسلمين مرة واحدة، فمن السفه أن ننتظر منهم خيرا، وضياع فلسطين وتمكين اليهود منها وما حدث في العراق وما يحدث في سوريا وغيرها خير شاهد. فالصمت العالمي تجاه إبادة وتقتيل المسلمين أمر متوقع ولن يتدخل هؤلاء إلا إذا كانت لهم المصلحة كالحصول علي النفط مثلا. أما عن واجب الأمة الآن فهو علي قدر واقعها ويتلخص في الآتي حسبما يقول د. محمود سعد في: 1- أن ينشط الدعاة في كل مكان بتبصير الناس بقضية الأقليات ويسمعون لنداء النبي صلي الله عليه وسلم في أمة الإسلام (المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعي بذمتهم أدناهم وهم يد علي من سواهم). 2- تفعيل دور المنظمات الرسمية القائمة مثل منظمة المؤتمر (التعاون) الإسلامي، ورابطة العالم الإسلامي، وعقد لقاءات وندوات عن أساليب نصرتهم. 3- علي رؤساء وملوك الدول الإسلامية استخدام وسائل الضغط السياسي والاقتصادي لحماية هذه الأقليات. 4- علي جامعة الدول العربية أن تحتضن مندوبين عن الأقليات وتخصص لهم البرامج والسياسات ولو بصورة مؤقتة. 5- علي مؤسسات الإغاثة العالمية أن تبذل ما في وسعها للوصول إلي هؤلاء المنكوبين. 6- إنشاء هيئة تابعة للأزهر الشريف لرعاية الأقليات وخاصة أن معظم الأقليات المسلمة منهم الكثير من خريجي الأزهر الشريف. مع تنشيط الدعوة الإسلامية في هذه البلاد. 7- تشجيع الباحثين والدارسين لدراسة أحوال الأقليات ووضع الحلول والمقترحات في كل المجالات. بينما يقول الدكتور فودة محمد علي، المدرس بكلية الإعلام جامعة الأزهر: في ظل الضعف الذي يسود الأقطار الإسلامية ووجود ركام من المشكلات التي تشغل شعوبها وحكوماتها تختفي أوضاع ومشكلات الأقليات الإسلامية، وتظهر فقط علي السطح من حين لآخر في صورة تطهير عرقي وإبادة لهذه الأقليات الإسلامية كما حدث للمسلمين في البوسنة والهرسك، وبورما، والشيشان وغيرها، أو في صورة استغاثات من التضييق وتعمد الإهانة لهم حتي في الدول الديمقراطية منها مثل قضية الحجاب في فرنسا أو الإضطهاد الديني في ألمانيا، أو بتدمير مساجدهم وتراثهم كما حدث في الهند بهدم أكبر مسجد هناك هو مسجد البابري، وتقوم وسائل الإعلام بنقل أو تغطية هذه الأحداث وفي غالب هذه التغطية إنما هو محض تصفية حسابات وأوراق ضغط تستخدمها الدول الكبري مع بعضها، وذلك باستعداء الدول العربية الإسلامية ضد بعضها البعض، فأثناء العداء الأمريكي الروسي أثارت آلة الإعلام الأمريكي القضية الشيشانية علي السطح وتفاعل معها العالم الإسلامي، ثم تصالح الدب الروسي مع رأس المال الأمريكي واختفت القضية من جديد. ومن هنا يتأكد لنا والكلام للدكتور فودة أن المسلمين تملي عليهم أجندة اعلامية بأحداث تقع للأقليات بهدف تحقيق مصالح معينة وليس تعبيراً موضوعياً كما يظن البعض، ومن هنا فإن ما نعرفه عن وضع الأقليات الإسلامية في العالم هو ما يراد لنا أن نعرفه، لذلك تظل حقوق هذه الأقليات ضائعة وحياتهم مهددة في ظل الانشغال العربي بمشكلاته التي صارت مستعصية ومزمنة، وفي ظل الآلة الإعلامية الغربية التي تتخذ من قضاياهم سلاحاً للضغط وكسب الأموال وتحقيق المصالح، بدليل لو سألنا: ماذا يذاع الآن عن القضية الشيشانية، وأوضاع المسلمين في أوروبا وأمريكا وما يلقونه من إذلال واضطهاد؟ لذلك تكون حاجتنا لوجود إعلام إسلامي قوي ووكالة أنباء إسلامية تضاهي وكالات الإعلام الكبري التي باتت محتكرة لأجندة الإعلام العالمية، حتي تستطيع التعبير بصدق وموضوعية عن أحوال هذه الأقليات والدفاع عن حقوقهم المشروعة. رابط دائم :