عندما نتكلم عن العقل فنحن نتكلم عن حركة مثمرة تؤدي الي التعامل مع قضايا الواقع نتناول بالحل مشكلاته ونتناغم بالتفسير مع معطياته, فلابد من رصد الواقع واستقراء أحداثه وفهمها في ضوء نور كاشف هو نور العقل!! وكان انتصار عقل الانسان الفرد ولايزال بداية لتطور العلم والثقافة ومايطلق عليه الآن( الحركة العلمانية) بحيث بدأ كل من يهتم بالقدرات العقلية ويتناولها بالدراسة في ضوء لغة الأرقام ومقاييس الذكاء, حتي أصبح العقل يشار إليه من خلال مجموعة من الأرقام معتمدة علي نتائج من المقاييس المنوعة والمتعددة لقياس هذا الغرض وتسمي محصلة القدرات العقلية لذلك الانسان. والسؤال الآن: الي أي حد يستطيع الانسان الفرد أن يعيش مع لغة العقل بعيدا عن لغة الوجدان تلك التي اتهمت بأنها لغة تعبر عن عقلية مثالية مرهفة واهنة ففي رأي الذين يمجدون لغة العقل الواقعية يكون المرء عين تفكيره أي يرتبط بلغة الواقعASSuch حيث هي كذلك, أي هي صورة لواقعة, ومن يفكر هكذا فهو انسان عملي واقعي, هذا عكس صاحب العقلية المثالية( الوجدانية) فانه يأخذ في الامعان من فكره المتسامي يعقل القلب بلغة الوجدانHeartRatianalization والشئ المحير لنا أننا لانستطيع أن نعيش بمعزل عن لغة العقل ولغة الوجدان, إلا أننا في نفس الوقت لابد وأن نسيطر علي هذه الأحاسيس العجيبة والضاغطة بقسوة علي انسان العصر الحديث, فهذه الأحاسيس قد تدفعه الي اليأس والقنوط والاستسلام والأحاسيس التي تغذيها تتمثل في الماديات والاسراف في الاهتمام بالذات وخلق شرنقة حالكة السواد لايري من ثناياها إلا بصيصا من ضوء مترنح لايلبث أن يضيع..فالواقع المادي لايمكن أن يشبع الانسان مهما كانت قدراته العقلية لأن الانسان مهما تقدم في لغة الوجدان ولغة العقل فان لغة الوجدان هي التي تقوم بعملية تعقيل العقلRationalization ونعني بهذا التعقيل الوقوف أمان شطحاته فتحيل منه قدرة تهذب السلوك والاقدام والامن النفسي وقاية من جفاف الواقع وقسوته بحيث تجعله قوة مرشدة وموجهة الي طريق الفضيلة والاصلاح فيعم الرخاء وتعم الرفاهية والسلام والمحبة لغة العقل المصبوغة بالوجدان تجعل صاحبها متفوقا مع الجميع وليس فوق الجميع, وهذه لغة تعطي صاحبها القدرة علي القيادة دون تسلط وتدفعه الي أن يتعامل مع المواقف في حياء من يعلم أنه لايجاوز قدره, فهو يحترم الفروق والفردية ويعترف في نفس الوقت بقدرات الآخرين الفائقة!!! صاحب العقل الوجداني( اذا صح هذا التعبير) هو ذلك الانسان الحاني الذي لاتفلت من قلبه الذكي شاردة من آمال الناس وآلامهم إلا لباها ورعاها وأعطاها من ذات نفسه كل اهتمام وتأييد. هكذا تكون القدرة العقلية الفائقة المشبعة بالعاطفة البصيرة قدرة تجعل صاحبها يطيع الله كثيرا لأنه يحبه كثيرا, وتقبل علي الفضائل والواجبات جذلانا مبتهجا لأنه يحبها ويعقلها ويقبل من خلالها علي طريق الخير والنقاء والصفاء والطهر. هذا هو السر وراء التفوق العقلي لأن العاقل الحق هو ذلك الذي يحب عظائم الأمور ويمارسها في شغف عظيم ممارسة محب مفطور, لاممارسة مكلف مأمور, بحيث يكون وراء كل سلوكه العقلاني ومواقفه الواقعية وحياته المعاشة نجد الحب ينشر عبيره وأريحه في كل تصرفاته وهكذا تكون ضرورة الاهتمام بالعقل الذي يستند الي الوجدان فانه بهذا المزيج يروي عطشه ويمني فكره ويعود الي الواقع بتعامل ذكي يعبر عن الانسان في شكله المرموق الرفيع تماما كما نتذكر الشمس وهي تغرب فإنها قد تبدو لنا أنها تروي عطشها وهي تسقط بين أحضان الأنهار والبحار, لكنها وهي تروي عطشها في أحضان الأنهار والبحار تترقب العودة الي لحظة الشروق التي تعبر عن الاستمرار العقلاني بأمر الله, الانسان عليه أن يتحدث بلغة العقل ومايتعلق بها من قدرات, ثم لابد وأن يلوذ بلغة الوجدان لأنها الشرنقة المقدسة التي تحمل بين جوانبها عقلا فتجعله أكثر فائدة وتوظفه التوظيف السليم وتمنحه من الجموح أو الشطط بحيث لابد وان يشغل العقل نفسه بأمور الواقع, ولكن هذا الانشغال عليه بالسياج الوجداني الذي يجعله ينشغل في لذة العاشق ونشوة المحب