أصبح الارهاب يمثل تهديدا حقيقيا للأمن المصري والعربي والاسلامي خاصة, وأنه منذ اندلاع الثورات العربية والاطاحة بالانظمة الحاكمة في تونس ومصر وليبيا واليمن, انتشرت موجات جديدة من التيارات الجهادية والتكفيرية أشد ضراوة وأكثر عنفا, بعد أن أعتقد الكثيرون أن الثورات السلمية العربية قد كتبت بداية النهاية لتلك التيارات لاسيما في عالمنا العربي والاسلامي ليكون مصيرها إلي الزوال والاختفاء. وها هي سيناء أصبحت مرتعا للجماعات التكفيرية يوجد بها العديد من الجماعات, والمتمثلة في( جماعة التكفير والهجرة ومنظمة الرايات السوداء, ومنظمة السلفية الجهادية, ومنظمة أنصار الجهاد, ومنظمة مجلس شوري المجاهدين, وجماعة التوحيد والجهاد والتي تتخذ من سيناء مقرا لها وبداية لعملياتها, واتساع مسرح عملياتها, والذي أمتد من سيناء إلي العمق والداخل المصري ولعل المعضلة الاولي للتيارات التكفيرية والجهادية هي أنها غير محددة الملامح بدقة, ومتداخلة مع بعض التيارات الاخري وسرعان ما تنشق تلك الجماعات الجديدة علي نفسها لتكون خلايا ارهابية صغيرة مختلفة الرؤي, والتي لاتري غضاضة في استهداف المدنيين وقتل الأبرياء, اضافة إلي شراسة مقاتلي التنظيمات الجهادية( ولعل هذا مااتضح جليا في سيناء أثناء عملية نسروالتي تقوم بها القوات المسلحة والشرطة ضد الارهابيين في سيناء, بعد العملية الاجرامية في رفح, مع عدم معرفة الأمن بكل أعضاء هذه التنظيمات ووجود بعض عناصر فلسطينية في هذه التنظيمات في غزة, وتوفير مساحات جديدة للقيام بعملياتها. ومكمن خطورة الجماعات التكفيرية والجهادية في مصر الآن, هو امتداد أذرعها إلي الداخل والعمق المصري, لاسيما في عمق القاهرة والمحافظات, بعد تضييق الخناق علي تلك الجماعات في سيناء وتجفيف منابع الموارد البشرية بالنسبة لها بسبب الضغط الأمني الشديد الذي يمنع من تجنيد عناصر جديدة, وضرب معظم المعاقل التي كانت توجد فيها هذه التيارات, وتقيم فيها معسكرات للتدريب وتتخذ منها قاعدة للانطلاق لشن الهجمات ضد مصر وإسرائيل مما أدي إلي أن تصبح هذه التنظيمات الآن دون مأوي أو ملاذ آمن, وبالتالي بدأت تبحث عن الوطن البديل لاستعادة نشاطها من جديد, هذا مع عدم اغفال أبعاد ومصالح الدور الإيراني مع الجماعات الارهابية. ونظرا للتداعيات المتعددة والمتنوعة للنشاط الكبير للتيارات التكفيرية في سيناء وغيرها في مصر والمتمثلة في تداعيات أمنية حيث تهديد أمن المجتمع والفرد, وتداعيات اقتصادية متمثلة في هروب الاستثمارات وتعطيل الانتاج وهدم السياحة, مع سعي هذه التيارات إلي القضاء علي الأنظمة السياسية الحاكمة الآن بزعم أنها أنظمة كافرة لاتطبق شرع الله. ومحاولتها تكوين امارات اسلامية في المناطق المسيطرة عليها, إزاء كل ذلك لابد من وضع استراتيجية عربية ومصرية سريعة لمواجهة هذه التيارات التكفيرية والجهادية, تتبلور أهم ملامحها في ضرورة سرعة حدوث استقرار داخلي علي جميع الأصعدة في مصر تحقيقا لأهداف الثورة المصرية المتمثلة في العيش والحرية والكرامة الانسانية والعدالة الاجتماعية لتجفيف منابع التيارات التكفيرية والجهادية, وتهميش دورها وهنا تكمن أهمية تنمية سيناء وتعميرها لتتكامل مع الحلول الأمنية, مع ضرورة قيام الأزهر الشريف والمؤسسات الدينية الرسمية كافة بمراجعات فكرية لهؤلاء, هذا بجانب الدور المهم الذي يجب أن يلعبه قادة التيارات الدينية المناهضون لهذا الفكر الارهابي, وممن لهم تأثير كبير في الشارع العربي والإسلامي بعد ثورات الربيع العربي, ومما يعظم تأثير هذا الدرور الديني في القضاء علي الجماعات التكفيرية الارهابية هو أن هذه الجماعات ليس لها قبول أو أنتشار في مصر, وهناك اقتراح بتشكيل هيئة دائمة تضم في عضويتها كل التيارات الاسلامية بما فيها مؤسسات الدولة الدينية, وأن يتم اختيار عناصرها الافضل فكرا وسياسة وحوارا, بهدف احتواء وتعديل فكر هذا التيار المتشدد المتطرف. مع ضرورة معالجة قضية المعابر والأنفاق الفلسطينية والمصرية والتي تمثل شريان حياة كبيرا لهذه التيارات الارهابية والتي تعطيها القدرة علي البقاء والمقاومة, لاسيما بعد أن أصبحت سيناء بؤرة الاهتمام في المنطقة مع التطور في الأحداث علي المسارين المصري والفلسطيني في غزة ومن أهمها الانقسام الفلسطيني وسيطرة حماس علي قطاع غزة وظهور العديد من المشكلات الحدودية مثل قضية المعابر والانفاق بين مصر وغزة وعمليات التسلل والهجرة غير الشرعية عبر الحدود إلي إسرائيل ثم العمليات الارهابية المتعددة, مع ظهور توجهات دينية متشددة علي أرض سيناء تنسب اليها معظم هذه العمليات. هذا ناهيك عن ضرورة التعامل مع العناصر الخارجة علي القانون وفقا للضوابط القانونية ومراعاة ضوابط ومبادئ حقوق الانسان المتعارف عليها دوليا والتعامل مع منطقة جبل الحلال وفقا للدراسات الامنية والتي وضعت تصنيفا للموجودين بهذه البؤرة علي أنهم مجموعات من الشباب المصري المتشدد فكريا ودينيا والذين يتبنون عقيدة الجهاد, مع الاشادة بالتعاون المستمر والفعال من أهالي سيناء الشرفاء, وتشجيع جميع المبادرات لوحدة الصف المصري, مع ضرورة الاهتمام بالدراسات النفسية والبحوث الاجتماعية الميدانية والأمنية لوضع خارطة طريق للتعامل البناء مع أهل سيناء, ومعالجة موضوعات التوطين وتملك الارااضي بشكل فوري أسوة بما حدث مع تجربة بدو الصحراء الغربية( قبائل بني علي) بشأن تملك الاراضي وكذلك مع أهالي النوبة بشأن التوطين.