التحرش الجنسي ليس جديدا علي الشعب المصري, فكم اشتكت السيدات والفتيات من المضايقات والمعاكسات والملامسات في المواصلات العامة وفي الشوارع وفي محاريب العلم وقاعات الدرس,لكن الجديد هو النيولوكالذي أصبح عليه المتحرشون والبجاحة التي يمارسون بها هوايتهم ويعبرون بها عن كبتهم الجنسي ورغيتهم المحبوسة في أجساد أصبتها ظروفها الاجتماعية بالعقد وأفقدتها الأمل في الزواج وأخرجت منها ذلك السلوك الشاذ المريض. منذ نحو عقدين من الزمان, ماتت في مجتمعنا النخوة, واندثرت شهامة أولاد البلد ضمن قيم وأخلاق عديدة فقدناها عندما غاب التعليم عن البيت والمدرسة, وهجرنا دور العبادة إلي المقاهي والملاهي الليلية, فأصبحت بنت الجيران مستباحة, ولم تعد الفتاة في الشارع مثل الأخت أو البنت أو ذات القربي, فقط صارت مجرد جسد مثير وحلم قريب المنال ومتعة للفائز بفرصة الاحتكاك بها أو خدشها بألفاظ تجرح حياءها وبراءتها. غابت القيم وحضرت السطحية والإسفاف, في هوجة غزت المجتمع بأفلام هابطة تخاطب الغرائز وتؤصل للسفالة, وبأغان تثير المراهقين بمفرداتها الجنسية ورقصاتها اللولبية وعريها الفاحش, فوصلنا الي مانحن فيه..واقع مأساوي تعيشه حواء..يحرمها من أن تسير آمنة في شوارع مدينتها التي تعج بالذئاب والحيوانات المفترسة من بني الانسان. ففي الوقت الذي تفرغت فيه دور العبادة للسياسة ووسائل الإعلام للحروب الكلامية والمدارس للدروس الخصوصية, انفلت الزمام وأصبحت العقيدة الجنسية هي المكون الأساسي لثقافة جمع غفير من شباب يفترض أن يتسلموا الراية ومفاتيح خزائن مصر وثروتها وتراثها مستقبلا. في المظاهرات والمليونيات التي شهدتها الميادين تعرضت فتيات مصريات وأجنبيات لتحرش مفضوح ظهر علي الشاشات وسود وجهنا أمام العالم, وظننا أن ذلك كان حادثا عارضا أو ظرفا طارئا فرضته ظروف الانفلات الأمني, وحالة البيات الشتوي والصيفي وقتما كانت الشرطة تغط في نوم عميق, لكن الأحداث المخزية التي تبدو عليها الشوارع الآن تقول عكس ذلك. رأينا في قلب القاهرة فتيات محاصرات وسط حلقات من المراهقين يتسابقون علي اقتناص لمسة أو شدة, وأحرقتنا دموع العذاري اللاتي يطلبن النجدة من أياد قصيرة لاتحمل سنجة أو مطواة لتصد بها عدوان المتحرشين, والويل لمن أخذته الشهامة أخذ عزيز مقتدر. تلفتنا يمينا ويسارا فلم نجد أثرا لكاميرا رصد المتحرشين التي وعدونا بها ولالضابط أو أمين شرطة, ولم نطلب العون من إله لعن قوما ضاع الحق بينهم, وماتت فيهم النخوة, ولم نعد نؤمن بجدوي تطبيق التجربة الإيرانية التي طالما حدثنا عنها زملاؤنا العائدون من طهران. بحثنا في القانون عن عقوبة رادعة لهؤلاء الذئاب, ترحم صرخات البنات المطاردات من قبل الصبية المسعورين في وسط البلد, وتسكن روع الفتيات الخائفات من مغادرة عملهن الي المنزل المتحصنات بوسائل الدفاع الذاتية وأسلحة الردع النسائية..اسبراي الشطة, والحزام الواقي من التحرش فلم نجد القانون رادعا, فما الحل إذن,والكل يخشي علي البنات والزوجات والأخوات من ضوء النهار وعتمة الليل, والمتربصين بالفرائس إن كل فتاة تستغيث من نهش المتحرشين في جسدها, تنتفض أعماقها صائحة: وامرساه..أنقذني ياسيادة الرئيس, الحل عندك ياسيدي, إذا كانت سلطة التشريع التي آلت إليك عزيزة وغالية, فهي ليست أعلي من بنات مصر التي تنتهك حرمة أجسادهن في مهد عاصمة دولتك..أنقدنا ياسيادة الرئيس بتشريع يحمينا من النزوات والموتورين,ويقر عقوبة لمن يتحرش ببناتك وأخواتك تقطع يده قبل أن تعبث بأجسادنا. افعلها ياسيادة الرئيس وسيسجل لك التاريخ أنك أجبت فتاة صرخت وامرساه..افعلها.. فالمتحرشون مثل قمامة الشوارع أحد أركان ال100 يوم الخمسة