تراجع فرص إعادة تشكيل الجمعية وضع جميع القوي أمام اختبار صعب, وأصبحت قضية إعداد دستور جديد للبلاد أمام سيناريوهات مفتوحة واحتمالات صعبة. في ضوء اتساع هوة الخلافات وتصاعد حدة الصراعات التي تغذيها حالة الاستقطاب الشديدة التي تشهدها الساحة السياسية. ولعل الرفض الواسع لما سمي بمسودة الدستور يؤكد خطورة المشهد الحالي مما يتطلب من الجمعية مراجعة ما هو مطروح من مواد ونصوص والبدء في حوار جاد بين القوي الوطنية للتوافق حول القضايا الخلافية في الدستور, فقد كشفت حصيلة الحوار المجتمعي بعد أسبوعين من الجدال والسجال عن عوار واضح وانتهاك فاضح لحقوق ومكتسبات كان يجب أن يتم الحفاظ عليها وتوفير المزيد من الضمانات لترسيخها, وأشير هنا إلي عدة ملاحظات في هذا الشأن في مقدمتها أن بعض النصوص المطروحة تضع في يد رئيس الجمهورية صلاحيات لم تكن موجودة قبل الثورة التي قامت ضد هيمنة سلطة الرئيس, فقد تم سحب صلاحيات المحكمة الدستورية في تعيين أعضائها ورئيسها واسنادها للرئيس, وكذا إلغاء دورها في الرقابة اللاحقة علي بعض القوانين ثم أعطت الرئيس سلطات تعيين رؤساء الهيئات الرقابية, بالإضافة إلي جعل الاستقالة وجوبية للرئيس في حالة رفض الشعب حل البرلمان, كما تم إلغاء منصب نائب الرئيس الذي كان من مكتسبات ثورة يناير وإذا اضفنا الملاحظات الأخري التي تم الكشف عنها في النصوص الخاصة بحقوق المرأة والطفل التي تفتح المجال أمام زواج القاصرات وكذا استمرار عقوبة حبس الصحفيين وغلق الصحف سنجد أننا أمام دستور يحمل قنابل موقوتة ويعيد البلاد إلي الوراء. واعتقد أنه لا بديل عن تفعيل التحركات الشعبية للضغط علي الجمعية التأسيسية واجبارها علي إعداد دستور يليق بمصر التي ثارت ضد الاستبداد وحكم الفرد ويقينا أن هذا الشعب الذي اسقط أكبر طاغية قادر علي اسقاط المواد المشبوهة وفضح المتآمرين والمتواطئين ولعل الخلافات التي تفجرت بين لجنة الصياغة وبعض لجان الجمعية التي اتهمت لجنة الصياغة بتحريف نصوص بعض المواد التي يتم الاتفاق حولها يكشف عن وجود لوبي داخل الجمعية يسعي إلي تفصيل دستور علي المقاس. [email protected] رابط دائم :