بعيدا عن أزمات الدستور التي لاتنتهي وسلسلة الإضرابات التي لا تنقطع ومطالب ثورية متجددة في قلب الميدان.. وحتي الصراع الرياضي المستمر بين الألتراس واتحاد الكرة بشأن عودة النشاط الكروي من عدمه وغيرها من الأزمات التي نعيش معها يوميا يأتي عيد الأضحى فارضاً حالة من الهدنة علي الجميع. "عيد بأي حال عدت يا عيد". قالها المتنبي ليلة عيد الأضحى عام 350 ه عندما ترك مصر والآن وبعد سنوات طويلة تشعر بقول المتنبي يصف ويشرح الحال الذي وجدنا عليه عندما جاء العيد ولأننا نبحث عن فرحة مشتركة تنسينا الهموم يحتفل"الأهرام المسائي" مع رجل الشارع الذي يشاركه فيه الأحزاب والقوي السياسية من خلال العيدية الحزبية، ومع مستخدمي الفيسبوك الذين يحتفلون بالأضحى في تأكيد علي وجه الشبه بين عيد الكحك وعيد اللحمة! وعلي الطرف الآخر تنطلق تحذيرات تجدد كابوس كل عيد وظهور مشكلة جديدة تنضم لقائمة المشاكل والأزمات التي تواجه المجتمع مرددين في نفس واحد "كفاية تحرش"! - "هو كابوس التحرش هيرجع تاني؟". سؤال يتردد علي أذهان معظم الفتيات اللاتي قررن النزول إلي شوارع القاهرة وغيرها من المحافظات التي تشهد زحاما شديدا خلال أيام العيد خاصة وأننا نشهد موسماً ملازماً للعيد وهو موسم التحرش الذي عاني منه مئات الفتيات في عيد الفطر الماضي بل ظل التحرش عرضا مستمرا بعد العيد والعدد لم يتوقف عن الزيادة سواء من هؤلاء اللاتي تجرأن وحررن محضراً بالواقعة أو ممن "أنقذها" وجود بعض الناس حولها وضبطوا المتحرش وآثرت إنهاء الموقف دون الوصول لقسم الشرطة. ولأن العيد موسم "تجمعات" فقد كان للتحرش أماكن محددة مثل شوارع وسط البلد المزدحمة وعلي كورنيش النيل وفي الحدائق العامة وشارع جامعة الدول العربية والهرم. وكعادة كل عيد تنطلق التحذيرات والحملات المضادة لظاهرة التحرش ومبادرات "بنات مصر خط أحمر" و"لا للتحرش" و"استرجل واحميها بدل ما تتحرش بيها" وأخيراً حملة ادهنوهم بالدوكو "كرد فعل سريع من الفتاة التي تتعرض للتحرش تجاه من يفعل بها ذلك، وعشرات المبادرات التي انطلقت لعلها تقف أمام "وباء" التحرش الذي يجبرنا كل موسم علي فتح القضية من جديد. من وسط السيدات والفتيات اللاتي قد يكن وقعن "فريسة" من قبل لواقعة تحرش انطلقت صرخات الطرف المتضرر لأنهن يشعرن بالألم نفسه ويداهمهن الخطر ذاته كان حديثهن يعبر عن وجهة نظر محددة ولسان حالهن يقول "كفاية تحرش. عايزين نحس بفرحة العيد"، حيث بدأت شيماء محمد موظفة بهيئة الثروة السمكية حديثها مؤكدة أن غالبية الفتيات تعرضن لواقعة تحرش أو ربما أكثر لأن أي فتاة ترتاد المواصلات العامة لابد وأن تتعرض لمضايقات، واستطردت حديثها قائلة" مش عارفة ليه لازم وكأنهم مش عايزين البنات تنزل من بيوتهن؟". وتري أن قضية التحرش تظهر أكثر في مواسم الأعياد لأنها الأيام التي تشهد زحاماً شديداً كما تشهد خروج الشباب والفتيات في أوقات متقاربة خاصة الفئات العمرية التي تتراوح ما بين 13 إلي 17 عاماً وهو العمر الأكثر خطورة والأكثر قياماً بحوادث التحرش. وتوافقها الرأي حبيبة سعيد ربة منزل التي تؤكد أن المتهم الرئيسي في هذه الأزمة هم أطفال لا تتعدي أعمارهم 15 عاماً، وتتساءل " ولادي دول لسه صغيرين نفسي اعرف بيعملوا كده ليه؟". وتري حبيبة أن الحل يكمن في تكثيف الوجود الأمني في الشوارع والميادين التي تشهد زحاماً وسبق لها أن شهدت حوادث تحرش سابقة خاصة أن حوادث التحرش خلال أيام العيد كان سببها الرئيسي قلة الوجود الأمني رغم التأكد من خطورة هذه المواسم وانتشار هذه الظاهرة فيها. وبنبرة شديدة اللهجة تحدثت مي التهامي طالبة بكلية الإعلام عن ظاهرة التحرش مؤكدة أن السبب الرئيسي فيها الشباب الذين لا يحترمون آدمية الفتاة علي حد وصفها لأنهم ينتهكون حقها في ممارسة حياتها بشكل طبيعي لتخشي بسبب تلك الظاهرة من النزول في أي وقت وأي مكان، وقالت ان المسألة هنا لا تتعلق بما ترتدية الفتاة بقدر الحديث عن أسلوب حياتها الذي لابد وأن يتأثر بمثل هذه التصرفات "الهمجية". واستكملت حديثها عن نفسها قائلة "أنا تعرضت للتحرش زى بنات كتير" مشيرة إلي أن التحرش يشمل كل فعل أو قول يقوم به الشاب وكأن له الحق في"مضايقة فتاة ماشية في حالها". وتساءلت عن قانون التحرش "الصوري" علي حد قولها لأنه لا يطبق علي أرض الواقع وقالت إن القانون حدد عقوبة التحرش مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تجاوز عامين لتنهي حديثها قائلة "ده مش بيحصل ومحدش بيتعاقب. مفيش فايدة!". وتقول هبه عبدالرحمن مدرسة لغة إنجليزية "أتمني أن أري عيداً مختلفا يخلو من تلك الظاهرة" مشيرة إلي حق الفتيات في الخروج والاستمتاع بالعيد دون التعرض لمضايقات، وتضيف أن حديث بعض الشباب عن أن سبب الظاهرة ملابس الفتيات أو نزولهن في أماكن مزدحمة "كلام فارغ" لأن هذه الظاهرة لم تكن موجودة من قبل.