لا أعرف السبب الذي من أجله غيرت الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور اسم مجلس الشعب إلي مجلس النواب, واسم مجلس الشوري إلي مجلس الشيوخ. وأعرف أن مجلس الشعب كان اسمه مجلس الأمة خلال عهد عبد الناصر. وأن السادات غير الاسم في جلسة علنية للمجلس قائلا للأعضاء إنهم صاروا من ذلك اليوم- ولم يقل لماذا مجلس الشعب. وقبل الثورة كان في مصر مجلس النواب ومجلس الشيوخ. فهل العقلية الناصرية والعقلية الساداتية لا تزالان بيننا. ولا أقول العقلية المباركية لأن عهد مبارك كان فحسب امتدادا أكثر توحشا لعهد السادات. وإذا فهمنا أن الجمعية التأسيسية غيرت اسم مجلس الشعب إلي مجلس النواب علي سبيل النكاية المضمرة لعبد الناصر والسادات, فكيف نفهم أن تغير جمعية متهمة بأن الإسلاميين يسيطرون عليها اسم مجلس الشوري في وقت ما برح الإسلاميون يتحدثون فيه عن الشوري في الإسلام باعتبارها الديمقراطية في رأيهم. والحقيقة أن العقليتين الناصرية والساداتية الباليتين ما زالتا تعملان. فالمسودة الأولية للدستور التي أنتجتها الجمعية التأسيسية تنحو نحو رئيس جمهورية مستبد بوضوح. ودليل ذلك أنها تعطي الرئيس الحق في حل مجلس الشعب أو قل مجلس النواب عند الضرورة بقرار يورد فيه أسباب الحل وأن يستفتي الشعب وأن يتم انتخاب وانعقاد مجلس الشعب التالي في مدة أقصاها40 يوما. وهذا منحي استبدادي لأن مجلسا للشعب انتخبه الشعب في اقتراع حر يجب ألا يحل. فإرادة الشعب فوق إرادة الرئيس. فتلك الإرادة هي التي جاءت بالرئيس. وأليست إرادة الشعب هي التي ستأتي بالمجلس التشريعي والمذهل أن النص ورد في المسودة في وقت تعاني فيه مصر اضطرابا سياسيا أحد مكوناته حل مجلس الشعب- أيا كان الرأي فيه.