من العلمين إلي السلوم مرورا بسيدي عبد الرحمن وغزالة والضبعة ودلال وفوكة ورأس الحكمة وكراولة وسبلة ومطروح وسيدي براني تتكون المنطقة الغربية في مصر. ظلم وتهميش وألغام ونظرة أمنية لأبنائها, بعض مما عانوه في ظل النظام السابق.. فوضي وانفلات وتهريب أسلحة وسيارات واشتباكات واقتحامات, بعض مما يعيشونه حاليا. الأهرام المسائي كانت هناك ترصد بعضا من هذا وذاك وملامح من واقع ينذر بخطر أن لم يتم التعامل معه.. وكانت البداية بالضبعة والعلمين. علي بعد دقائق من الساحل الشمالي وقراه السياحية التي تعتبر مقصدا سياحيا للأغنياء صيفا وشتاء تقع مدن محافظة مطروح ومنها الضبعة التي يعاني أبناؤها الكثير من المشكلات في الوقت الذي يشاهدون فيه غيرهم من أبناء الوطن المنعمين بخيرات بلادهم لتصبح المنطقة هناك شاهدة علي أن مصر مصران وليست واحدة وأن ترف القليل من أبنائها لم يمس الغالبية العظمي من الشعب القابع في الفقر والتهميش. مثلها مثل الكثير من المدن في مصر..تغرق مدينة الضبعة ومايتبعها من قري في الإهمال ونقص الخدمات والمرافق الحيوية والأساسية, فجولة واحدة في أي محافظة مصرية بمدنها وقراها تؤكد أن الاهمال والتقصير في الحقوق طال الجميع إلا إنه يتجلي في المحافظات النائية والبعيدة عن الرقابة والمتابعة حيث المطالب والاحتياجات الأساسية لاتزال حلما يراود ساكنيها, وكيف لاووجود مستشفي يعمل ويستقبل المرضي لعلاجهم كان المطلب الذي تردد علي ألسنة الجميع ولا نبالغ إذا قلنا أنه كان القاسم المشترك في جميع من تحدثنا معهم في محافظة مطروح لذلك كان الذهاب لمستشفي الضبعة المركزي هو وجهتنا داخل المدينة التي تبدأ إداريا من قرية غزالة شرقا حتي قرية فوكة غربا ومساحتها الإجمالية تبلغ60 كيلو مترا علي الساحل وتضم سكانا من قبائل أولاد علي والجميعات والسمنة وغيرها. وصلنا الضبعة ظهرا فإذا بطرقها التي تغرقك بالأتربة والمطبات تستقبلنا في طريقنا الي المستشفي المركزي ليتأكد لنا أن المدينة التي اقترنت عند المصريين بمشروع الحلم النووي لمدة30 عاما لم يشفع لها شئ في سبيل الاهتمام والتطوير وبمجرد اقترابنا من المستشفي حتي نبهنا دليلنا الي مشهد يحتاج التصوير حيث إلقاء أحد الأشخاص حمولة عربة كارو محملة بالقمامة لحمولتها علي بعد خطوات من المستشفي وأمام الباب الرئيسي له مباشرة ويستقبلنا حسين محمد حسين مدرس علي المعاش قائلا هنا الأحوال كلها سيئة فسواء مدارس أو مستشفيات أو مياها أو كهرباء تعاني جميعها من الإهمال فالخدمات هنا علي درجة عالية من السوء ويكفي أن تعرفوا أن التعليم عندنا يعتمد علي ما يسمي الفصل الطائر حيث الدراسة علي أكثر من فترة وإذا خرج الأطفال فسحة أو حصة العاب في ساعة من اليوم يدخل غيرهم مكانهم لنقص الأماكن المتوفرة للتعليم والفصول المتاحة لهذا الغرضوبسؤاله عما إذا ماكانوا قد تقدموا بشكاوي في هذا الشأن للمحافظة أو رئاسة المدينة قال المحافظ لايعرفنا ولانعرفه ورئيس المدينة رجل طيب!. تنامي الي أسماعنا صوت مرتفع لفتاة منهارة تطالب بإنقاذ والدتها وسط نظرات شفقة من الحاضرين وما إن سألناها عن الأمر حتي قالت أمي تعاني من التعب منذ20 يوما ولا يفعلون لها شيئا في المستشفي رغم ازدياد الالام عليها وبمجرد ان رأتنا السيدة فتحية عباس سكرتيرة مدرسة الضبعة بنات وهي راقدة علي فراش المرض حتي أشارت لنا من بعيد لنقترب منها وطلبت منا تصويرها وأمام إلحاحها استجبنا لمطلبها الذي بررته قائلة لعل هذه الصورة ترقق قلوبهم علي المرضي هنا وتجعلهم يهتمون بتحسين المستشفي وتطويره فما أعانيه من آلام وإهمال وعدم وجود أي أدوات للعلاج هنا لا أريد غيري يذوق مرارته وأشارت ابنتها التي كانت تنتفض خوفا علي أمها في حجرة مدير المستشفي وعلي مرأي ومسمع منه ورغم ذلك لم يعلق بشئ الي وجود التذاكر التي توثق لترددها علي المستشفي منذ بداية شعورها بالمرض ولم تتلق سوي تأشيرات لتحويلها الي مستشفي اخر ولم يتغير حالها الا للأسوأ نتيجة ازدياد الالام بزيادة المرض والمعاناة..محسن يوسف أحد أبناء الضبعة قال وهو يحمل طفلته الصغيرة ابنتي تصرخ منذ يومين بسبب ألم في قدمها اليمني التي لاتستطيع وضعها علي الأرض ولاتوجد بجانبنا وحدة صحية وحتي عندما ذهبنا للمستشفي لم نجد علاجا يخفف آلام الطفلة الرضيعة ولاسبيل أمام صراخها المستمر إلا السفر بها الي مطروح أو الإسكندرية وتحمل مشقة المسافة البعيدة بسبب عدم وجود خدمات صحية لأهالي الضبعة أو ضواحيها. كل ما رأيناه كان مبررا أمامنا لما تشهده محافظة مطروح من حالة الغضب منذ إعلان تغيير المحافظين الأخير والذي لم يطل سوي10 محافظات فقط واعترض أهالي مطروح علي عدم تغيير المحافظ الحالي اللواء طه محمد السيد رغم ماتشهده المحافظة من تراجع في الخدمات وتراكم العديد من المشكلات وتزايدها كالقمامة ومشكلة نقص المياه وتدني الخدمات وتدهور الصحة والتعليم وسيطرة مجموعة من رجال النظام السابق علي زمام الأمور. وشهدت المحافظة علي مدار الأسابيع الماضية عددا من الوقفات الاحتيجاجية والعديد من المطالبات لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بضرورة تغيير المحافظ وعدد من القيادات, ومازالت الاحتجاجات مستمرة أمام ديوان عام المحافظة بعد دخول العشرات في اعتصام مفتوح لليوم الثالث علي التوالي. الحديث عن الانفلات والفوضي علي الحدود المصرية وعمليات تهريب الأسلحة والسيارات الي داخل البلاد كان له نصيب من اهتمامنا بمعرفة تفاصيله ورغم أن سؤالنا كان علي استحياء خوفا من أن يفهم منه اتهام إلا أن الرد جاء واضحا وبلا مواربة نعم هنا تجارة أسلحة رائجة وعلي كل نوع! وأمام دهشتنا من الرد جاء الاستطراد بأن هناك يقينا لدي الناس هنا أن البلد لاتعترف بنا ولسنا علي خريطتها وأمام السرقة والنهب الذي نسمع عنه ليل نهار من رجال الدولة في النظام السابق شعرنا أنها مقسمة عزبا لكل منهم عزبته الخاصة واهمال التنمية وعدم وجود فرص عمل فالشعور العام بين الناس هو الظلم والاضطهاد ومع بداية أحداث25 يناير وماتبعها من انفلات وفوضي بعد اقتحام السجون وهروب المساجين وعمليات اختراق الحدود زادت عمليات تهريب السيارات والأسلحة التي كان المستهدف هو الحماية والدفاع عن النفس في ظل عدم وجود الشرطة بعد أن ذاق منها الناس الظلم طوال سنوات كانت تفرض فيها الاتاوات علي الناس واذا اعترض أحد يجد زوار الليل قد قبضوا عليه وتم تحرير محاضر تجارة مخدرات وغيره الامر الذي جعل الاحتجاجات وقتها انتهت بحرق قسم الشرطة. بالعودة لتجارة السلاح وأنواعها قال محدثنا جميع أنواع الأسلحة يتم بيعها ومن جميع مناطق الجمهورية سواء من الصعيد أو بحري يأتي التجار ليشتروا هذه الأسلحة الرائجة تجارتها والتي توفر دخلا يصل الي20 ألف جنيه في اليوم لمن يعمل بها فما بالك بالتاجر الكبير؟ وبسؤاله عن مصير هذه الأسلحة قال تذهب الي مناطق الجمهورية المختلفة فيأتي تجار من الوجهين البحري والقبلي وبخاصة ناحية سيناء والعريش مثلما كان الحال مع ال14 صاروخا التي ضبطت منذ أيام وكذلك الصعيد وفيما يتعلق باستخداماتها فالأمر مفتوح لمن يشتريها وعلي أجهزة الدولة القيام بدورها في هذا الصدد. من جانبه قال خميس مراد من قبيلة الجميعات بحكم موقعنا علي الحدود المصرية بجانب ليبيا ومع قيام الثورة هناك وما صحبها من معارك وانفلات علي الجانبين وجدنا الكثير من السيارات الليبية انتشرت في المحافظة بشكل كبير وأصبحت الطرقات تمتليء بسيارات تحمل لوحات الجماهيرية الليبية المميزة وهذا الأمر زاد بشكل كبير لكنه بحكم ما تعانيه البلاد من عدم قيام أجهزة الأمن بدورها لوقت طويل. الحديث عن نقص الخدمات احتل الأولوية في حديث خميس الذي شدد علي معاناة المصريين بالضبعة من عدم الاهتمام بالمرافق بشكل عام أو عدم وجودها من الأساس كما هو الحال بالنسبة للصرف الصحي قائلا اشتكينا من هذه المشكلة لطوب الأرض بداية من مسئولي مدينة الضبعة التي تعد المدينة الأكبر بالمحافظة وحتي رئاسة الجمهورية التي تم ارسال فاكسات وشكاوي كثيرة لها. وبسؤاله عن زيارات المسئولين للمكان باعتباره يحوي أهم المشروعات التي كان مزمعا إنشاؤه وهي المحطة النووية أكد أن هذه الزيارات كانت تتم اجتماعاتها بعيدا وحتي إن حضروا فالوجهة كانت دائما للقري السياحية الفاخرة بالساحل الشمالي وليس للضبعة أو, لمدن مطروح جميعها! مشيرا الي اعتصام المواطنين هناك بعد الثورة المستمر أمام مبني المحافظة اعتراضا علي الكثير من اهمال الاستجابة لمطالبهم من قبل المسئولين الأمر الذي يوحي بأنه لايوجد تغيير ولن يكون هناك تحسن. أنور صالح طالب الثانوي قال المدارس هنا مشكلة كبيرة فالمسافات الشاسعة التي يقطعها التلاميذ في المراحل الدراسية الأساسية المختلفة بدءا من الابتدائي وحتي الثانوي تعتبر سببا رئيسيا في ترك الكثيرين للدراسة وبخاصة البنات التي يخشي عليهن أهلهن في ظل الانفلات والفوضي وأيضا الشباب الذين لايجدون عملا بعد الدراسة أيا كانت شهادتهم أو ما حصلوا عليه من تعليم ففي النهاية البطالة هي مايجده الشباب في ظل عدم توافر فرص العمل أو المشروعات التي ان وجدت في مجال البترول أو الكهرباء فالعمالة غالبا ماتكون من غير أبناء الضبعة أو المحافظة الذين لايمثلون سوي نسبة ضئيلة جدا من العمالة الأمر الذي يسبب مرارة شديدة لدي السكان هنا ويرسخ لفكرة إهمال الدولة أو تهميشها لنا أو نظرتها لنا علي أننا مواطنون درجة ثانية.