"الدستور يهدف إلي تنظيم الاختلاف لا حسمه وللمشرع الاجتهاد". تغريدة أطلقها الدكتور محمد محسوب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية، أمس معلقا علي المصارعة والمبارزة المشروعة وغير المشروعة في معركة صياغة الدستور. قال إن بعض أعضاء اللجنة التأسيسية يرغب في حسم معاركه وتحقيق انتصاراته الوهمية في نصوص الدستور حتى ولو علي حساب البلد كلها. وأقول للدكتور محسوب الذي أكن له كثيرا من الاحترام مواطنا وفقيها وعالما ووزيرا: "لقد أوجزت فأنجزت"، فالمتبارزون في معركة الدستور لا يعرفون علي ماذا يتصارعون، وما هو الهدف الذي ستنتهي إليه صراعاتهم الوهمية؟ الكل يتربص بالغير ويفتش عن مصلحته ويرفض مناقشة الآخر ويقترح الضمانات الواقية له ولأسرته وكأنه سيكون رئيسا ويرغب في صلاحيات الرئاسة أو محافظا ويريد دهس الناس بما له من سلطات أو حتى مسئولا صغيرا يريد الهروب بكثير مما خف وزنه وزاد سعره، ولا أحد يفكر في المواطن الذي لا يعرف شيئا عن الدستور وكلما شاهد فضائية أو تابع حوارا لملوك الشو السياسي تراه يكاد يموت غيظا وألما من سارقي الفرح والممثلين بجثة الوطن بشعارات جوفاء. ولأن دولة مثل أمريكا كانت ترغب في النهوض الحقيقي وليس الشكلي فقد حسمت معركة دستورها بالرجوع إلي أفكار اثنين من الفلاسفة الإنجليز هما جون هوبز وإدوارد كوك، والفرنسي جان جاك روسو وتوحدت الولايات بالقانون والحرية والديمقراطية وفور نجاح الثورة الفرنسية كانت باريس علي موعد من وثائق للحقوق والواجبات والحرية والديمقراطية قادتها إلي نموذج متكامل لدستور يتفاخر به كل الفرنسيين. وهناك مئات الحالات التي لن تجد للنموذج المصري مثيلا بينها لأنه يعتمد علي صيحات الفردية وصرخات الأمور الشخصية وينتهي دائما مع دموع مكبوتة في جسد الوطن ومن بعيد تري رقصة البجعة الأخيرة التي لا هي للنصر ولا للهزيمة وإنما تترجم سكرات الموت التي يعاني منها كل من يحب هذا الوطن. لذلك نهرب من صراع إلي صراع ومن خلاف إلي خلاف ويستمر الصدام الذي لن تنهيه اللجنة التأسيسية بحملتها لتوعية المواطنين بالدستور، لأنها جعلت تلك التوعية لمن أسمتهم بالمواطنين العاديين رغم أن خبراء الفضائيات وفقهاء الكلام وأبطال السيرك السياسي هم الذين يستحقون عن جدارة حضور جلسات التوعية بالدستور!