منذ أيام اقتحم بعض المتطرفين الإسرائيليين باحات المسجد الأقصي وأخرجوا المصلين منه, في سيناريو صار مكررا, ويمثل استفزازا كبيرا لمشاعر الشعوب العربية والإسلامية التي تقلقها التهديدات والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصي. وهذه الممارسات الاسرائيلية الاجرامية بحق المسجد الاقصي تندرج في إطار استراتيجية تستهدف تهويد المدينة المقدسة وتغيير معالمها الدينية والتاريخية وجميع المقدسات الدينية الإسلامية والمسيحية وإضفاء الطابع اليهودي علي الاماكن المقدسة. وهذا الاعتداء علي حرمة المسجد الأقصي المبارك, وتدنيس باحاته من المستوطنين اليهود وبحراسة الوحدات الخاصة من الشرطة الإسرائيلية, حلقة من حلقات المسلسل الإجرامي الذي يستهدف فرض سياسة الامر الواقع في المسجد الأقصي والذي يقوم علي تخصيص اماكن لصلاة اليهود في رحاب المسجد, ومن ثم السعي إلي تقسيمه والعمل علي إقامة ما يسمي بالهيكل المزعوم بجواره. وما حدث يمثل انتهاكا صارخا لجميع الاتفاقات والمعاهدات والمواثيق الدولية الموقعة عليها إسرائيل, والخاصة باحترامها للمقدسات الإسلامية والمسيحية وكفالة العبادة فيها لجميع الأديان, فضلا عن كونه يمثل خرقا للقانون الإنساني الدولي واتفاقيتي لاهاي وجنيف, وكل المرجعيات القانونية الدولية التي تنص علي عدم انتهاك حرمة الأماكن المقدسة إذ تحظر اتفاقية جنيف لعام1949 ضرب أماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي أو الروحي للشعوب, كما تنص المادة53 من تلك الاتفاقية علي أنه محظور علي دول الاحتلال أن تدمر أي متعلقات ثابتة أو منقولة خاصة بالأفراد أو الجماعات. هذه العمليات الاستفزازية المستمرة للمقدسات الإسلامية, تعيد أجواء ما حدث أثناء الانتفاضة الثانية, عندما قام رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون باصطحاب مجموعة من المتطرفين اليهود لاقتحام ساحات المسجد الأقصي, مما أثار حفيظة الفلسطينيين ودفعهم للانتفاضة حماية لمقدساتهم من عمليات الانتهاك والتدنيس. يحدث هذا في الوقت الذي ينشغل فيه المسلمون بصراعاتهم الصغيرة, وأخشي أن يأتي يوم تنهار فيه أساسات وجدران المسجد الأقصي, ونحن نكتفي بحوار الطرشان, وقصائد الشجب والإدانة التي أدمنها قادتنا العرب, وأعتقد أن هذا اليوم بات قريبا. وساعتها ستصدر الأوامر إلي قادة العرب من مقر السيد الأكبر في واشنطن بضبط النفس, وقمع المظاهرات, وطلب اجتماع عاجل لمجلس الأمن, ومشروع عربي متخاذل لإدانة هدم الأقصي لاقدر الله وبالطبع فيتو أمريكي ضد المشروع, لأنهم يعرفون رد فعلنا الهزيل دائما. المسجد الأقصي أسير منذ عام1967, ولم نفعل شيئا, وفي21 أغسطس عام1968 حرق اليهودي المتعصب مايكل دينيس المسجد الأقصي, وكانت جولدا مائير رئيسة حكومة الاحتلال في ذاك الزمان, تنتظر بفارغ الصبر شروق شمس يوم1969/8/22, كانت تظن أن الأرض ستميد تحت أقدامها, وأنها لن تقوم لدولتها قائمة! لكن طلع النهار وأشرقت الشمس, لم يحدث أي شيء من مخاوفها, فقد كانت الأمة العربية أضعف من أن ترد, وكل ما استطاعه قادة العرب والمسلمين هو تأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي التي تضمن ميثاقها السعي لتحرير القدس الشريف من الاحتلال الصهيوني, ثم انشئت لجنة القدس عام1975 م بهدف متابعة تنفيذ القرارات التي تتخذها منظمة المؤتمر الإسلامي, والاقتراح المناسب لتنفيذ المقررات وتحقيق الأهداف, وما حدث للجنة القدس, هو ما يحدث لكل اللجان العربية, مجرد ساحات لمعارك الكلام, أو كما نقول جعجعة بلا طحن وكيف يمكن لمثل هذه اللجنة أن تكون فاعلة أو تحقق شيئا في سبيل الحفاظ علي الطابع العربي للقدس وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها من عبث اليهود ومخططاتهم, وحال العرب والمسلمين, هو الضعف والتخاذل والتناحر؟ ولم نسمع صوتا لهذه اللجنة منذ فترة طويلة, بينما تمضي إسرائيل في مخططها القديم الجديد, ولم تكن مؤامرة حرق المسجد الأقصي هي المحاولة الأولي ولا الأخيرة في سجل مؤامرات اليهود لتهويد القدس وهدم المسجد الأقصي, وقد تم الكشف مؤخرا عن شبكة أنفاق جديدة أقامها الصهاينة تحت المسجد, كان أبرزها في منطقة حمام العين, كما ان هناك شبكة أنفاق تحت الأقصي كمشروع لبناء مدينة يهودية في الأسفل ومحيط المسجد الأقصي, كما أنهار جزء من طريق باب المغاربة مطلع عام2004, وبني كنيس يهودي ومبني أسفل المسجد الأقصي عام2006. وفي عام2007 تم هدم طريق باب المغاربة وغرفتين من المسجد الاقصي, وفي عام2008 كشف عن نفق جديد بطول200 متر ملاصق للجدار الغربي للمسجد الأقصي يربط بين ساحة البراق والكنيس اليهودي في منطقة حمام العين, وتبعه كشف لنفق جديد في قرية سلوان جنوب الأقصي طوله600 متر يحفر تحت بيوت حي وادي حلوة في قرية سلوان ويصل إلي الزاوية الجنوبيةالغربية للمسجد, وفي منتصف شهر فبراير2008 وقع انهيار بالقرب من سبيل قايتباي داخل ساحات المسجد الأقصي بين بابي المطهرة والسلسلة, وكشف عن تشققات واسعة في بيوت المقدسيين الواقعة في المنطقة نفسها. فهل بقي أمامنا مجال ان نتساءل عن حجم واعماق ومسافات الحفريات الاسرائيلية أسفل وفي محيط المسجد الأقصي, ام انه بات لزاما علينا ان نستصرخ قائلين للأمة جمعاء, انقذوا المسجد الاقصي حتي لا يهدم, ورحم الله لجنة القدس..!!