عندما تبكي الملائكة

لم أكن أعلم أن جزاء من يضع طفلة بريئة لا تحمل بين جفنيها غير الأمل والفرحة بحضن والديها‏,‏ ان يتركها الاب لولعه بحب الذكور‏,‏ مثلما كان الحال في الجاهلية‏.
بل ويعاقب هذه الملاك وشقيقتها بأن يتركهما بلا مأوي وحب‏..‏ بلا نقود ودفء‏..‏ من دون رحمة أو شفقة‏,‏ ويكتفي بتطليق والدتهما غيابيا‏.‏
هكذا بدأت نورهان الأم الثكلي قصتها مع زوجها‏,‏ الذي ترك ابنتهما حنان قبل أن تتفتح عيناها لتري ظلم البشر‏,‏ وكذلك شقيقتها نورهان المسماة علي اسم الأم‏,‏ وهي أيضا في عمر الزهور‏..‏ ولم تعرف الأسرة مكانا للأب أو حتي طريقا تقتات منه‏,‏ خاصة وأن الام ربة منزل‏.‏
اضطرت الام الي التردد علي بيت ابيها الملئ بأبناء شقيقتها‏,‏ التي وافت زوجها المنية‏,‏ واصبح الاب ذو المعاش الهزيل يقوم بالانفاق علي فلذات اكباد بناته بل وخرج ليقاوم الشيخوخة‏,‏ املا منه في الا يكتفي بالاطعام بل يبحث لزيادة دخله ليكسو ويعالج‏..‏ وبعد مرور عدة اشهر‏,‏ فوجئت الام نورهان بنزيف وقئ مدمم اي يحتوي علي دماء من ابنتها الرضيعة حنان‏.‏
سارعت بها الي اقسام التحاليل بالمستشفي‏,‏ وبعد اجراء بعض الاشعات لها‏,‏ فوجئت بما لم يكن في حسبانها‏,‏ حيث اكتشفت اصابة ابنتها بسيولة حادة في الدم وثقب بالقلب‏,‏ وعندما اخبرت والدها الذي تركهما في خضم الامواج‏,‏ هب مسرعا لتطليق الام الحزينة بدلا من نجدتها والوقوف الي جانبها‏.‏
طرقت الام كل ابواب المساعدة‏,‏ فلم تفلح سوي ان تحصل علي‏80‏ جنيها من الشئون الاجتماعية‏,‏ التي سرعان ما قطعتها عنها بحجة انها كانت قوانين الرئيس السابق حسني مبارك وعلي الرئيس الحالي الدكتور محمد مرسي ان يعطي تعليمات اخري‏..‏ احتارت الام ماذا تفعل فالمرض والنزيف ينهشان جسم الصغيرة‏,‏ والعلاج يلتهم جميع ما في جيوب الاسرة الطفلة يلازمها المرض حتي سن التاسعة من عمرها‏,‏ في حين ان وزنها لا يتعدي العشرين كيلو جراما‏.‏
انفطر قلب الام علي حال الطفلة التي باتت قاب قوسين او ادني من الموت بعد ان جفت عروق عطاء الاهالي والاصدقاء واصحاب الخير‏...‏ أسرعت الام الي محكمة الاسرة‏,‏ وبعد سنوات لم تحصل الا علي‏100‏ جنيه من طليقها‏,‏ وتضطر لتكمل نقل الدم لطفلتها ببيع دمائها شهريا لتستبدله بفصيلة حنان حتي اقتربت الام من اخطر حالات الضعف وفقر الدم‏.‏
التقي الأهرام المسائي مع الطفلة حنان التي اكتفت باللعب مكانها علي المقعد‏,‏ حيث انها لاتقوي علي فعل غير ذلك‏,‏ فالعين ضعفت والعظام تلونت بلون الجلد‏..‏ وعندما سألتها عما تتمناه قالت‏:‏ نفسي ألعب وأعيش وأشوف بابا وأقول له البنت زي الولد وأنا بحبك أكتروأضافت بأن نفسها تتقابل مع العالم المصري مجدي يعقوب وتعاتبه‏,‏ لانه مش بيجي بني سويف ويشوف اولاده من الاطفال المرضي‏.‏
كان اللواء عطية مزروع مدير امن بني سويف‏,‏ قد تلقي اخطارا من العميد علاء شاكر رئيس الرقابة الجنائية‏,‏ يفيد بتغيب شعبان‏.‏ ح عن منزله‏,‏ فأمر بسرعة البحث عنه‏,‏ ودلت تحريات المباحث التي قام بها العميد خلف حسين رئيس البحث الجنائي علي قيام المدعو شعبان بهجر بيته وابنتيه بسبب كرهه للإناث‏,‏ وعدم قدرة زوجته علي انجاب الذكور علي حد قوله‏,‏ وانه تزوج من اخري‏,‏ وقام بتطليق السيدة نورهان رزق محمد غيابيا‏.‏

رابط دائم :