يمكن أن تستريح الولاياتالمتحدة لمصر قوية إذا كانت قوتها عامل استقرار في المنطقة. فمصر في حال قوتها بإمكانها أن تضبط وقع السياسة في الشرق الأوسط. لكن الغرب يشترط لتمكينها من ذلك أن تكون سياستها متفهمة لمصالحه. ومن بين تلك المصالح بقاء إسرائيل. وأهمية مصر القوية المتفهمة لمصالح الغرب أكبر بكثير لدي واشنطن من أهميتها إذا كانت عاجزة بصورة تجعلها عبئا ومصدر خوف من أن يحدث فيها انفجار داخلي غير معلوم الاتجاه وغير مأمون العواقب. وربما كان ذلك سببا في أن واشنطن شجعت المجلس الأعلي للقوات المسلحة علي تسليم السلطة للإخوان المسلمين وهي تتصور أن قاعدة التأييد الشعبي للجماعة يمكن أن تكون أساسا لسياسة اتجاهها تطوير الديمقراطية وتعزيز الاقتصاد ونشر الاستقرار الإقليمي. ومن الضروري أن الهجوم الذي استهدف السفارة الأمريكية بسبب الفيلم المسيء للنبي محمد صلي الله عليه وسلم جعل واشنطن تتوقف عن المضي بثبات في دعم الحكم الإخواني لمصر. وأسهم في ذلك أيضا ظهور قوة الإسلاميين المتشددين في سيناء قبل ذلك. فأكثر ما يمكن أن يقض مضاجع الأمريكيين في العلاقة مع مصر أن تظهر بوادر أو سمات منحي إيراني في السياسة المصرية. وقد سعت واشنطن كثيرا لمنع ثورة25 يناير من إسقاط جميع مؤسسات النظام السابق قاصدة ألا يصبح الحكم الجديد للبلاد قلبا للأمور رأسا علي عقب. ومازالت واشنطن تأمل في أن تحصد ما زرعت. لكن يتعين عليها أن تدرك أن الحصاد الذي تأمل فيه معلق علي مساعدة مصر في تخطي محنتها الاقتصادية لا في الضغط عليها اقتصاديا. ويتعين علي واشنطن أيضا أن تدرك أن تعجيز الإخوان عن حكم مصر في فترة البناء الديمقراطي سيعني تقوية التيارات الإسلامية الأقرب للتشدد. والحديث موصول.