مرشحان للرئاسة ابرزهما د. عبدالله الأشعل، سئلا ليل أمس الأول على إحدى الفضائيات الخاصة، عن موقفهما من "الإخوان"! تقرير أمني سويسري نشرته "المصريون" في عدد السبت 24/4/ 2010، كشف عن تراجع تأييد "واشنطن" للدكتور محمد البرادعي، بسبب دعوته إلى قبول "الإخوان" في التركيبة السياسية المصرية الرسمية! مجلة "نيوزويك" الأمريكية قالت يوم 21/4/2010، "إذا لم يجد مبارك جماعة الإخوان المسلمين لمعارضته لكان عليه أن يخترعها"! والحال أن "الإخوان" لم تعد الفزاعة التي يخيف بها مبارك الغرب: إما "أنا" وإما "الإخوان".. وإنما باتت "ملهاة" يتخذها البعض لإلهاء الرأي العام، بعيدا عن جوهر محنة مصر الحقيقية. اللافت أن بعض مقدمي برامج ال "توك شو" أو "التكتوك" على رأي د. مأمون فندي، يلعبون ذات اللعبة مع المرشحين الجدد المنافسين لمرشح الحزب الوطني.. إذ يستهل اللقاء معه بالسؤال عن موقفه من جماعة الإخوان المسلمين.. وفي سياق يضع "الضيف المرشح" في صف المؤيد ل"الفاشية الدينية" حال تكلم بموضوعية عن حقوق الجماعة السياسية، وهي طريقة تخدم على سيناريو استنساخ النظام المقبل من ذات الجينات الوراثية للنظام الحالي، باعتبار أن ثمة أوضاع ومكاسب ومصالح بما فيها مصالح الإعلاميين الجدد (الذين يتقاضون الملايين من الجنيهات سنويا) والقنوات الفضائية الخاصة.. يظل الحفاظ عليها مرهونا بفحوى مرحلة ما بعد الرئيس مبارك. ثمة اتجاه داخل مصر يتعمد التلاعب ب"سؤال اللحظة".. وينحو منحى تحويله من سؤال "التغيير" إلى سؤال "التشهير" بالمجتهدين السياسيين، لصوغ رأي عام "يتعاطف" مع أية صيغة تصدر من مكاتب الوطني باعتبارها "الخيار الأفضل" من "مجهول" قد يمتطيه الإخوان وصولا إلى السلطة!. تقديم الإخوان باعتبارهم "عبئا" على الإصلاح السياسي، لن يحل مشكلة مصر الحالية، وسيحيلها إلى "حلم مؤجل" إلى أجل غير مسمى، وسيعطي للطغاة فرصتهم في تجديد دمائهم وتبرير طغيانهم .. لأن ربط "التغيير" باختفاء الإخوان من الساحة، افتراض خيالي وغير واقعي بل يمكن اعتباره "مؤامرة" على أحلام وأشواق المصريين للإصلاح والديمقراطية، ولقد سمعت بنفسي من بعض كبار المثقفين قوله إنه سيعطي صوته لمبارك خوفا من الإخوان! الخوف والقلق من الجماعة، ربما يكون حقيقيا، واعتقد أن قطاعا ليس بالقليل من النخبة، لا يزال غير واثق في استقامة ما تبديه الحركة من خطاب ينحاز إلى الدولة المدنية وحقوق الإنسان والحريات العامة، ولعل ذلك يرجع إلى اعتماد الخبرة الأوروبية مع المسيحية السياسية باعتبارها مرجعية عامة يمكن ان تنسحب على أي دين بما فيه الإسلام، ولا يمكن بحال أن نبرئ الجماعة من مسئولية تشكيل انطباع عام أخاف النخبة من احتمال امتطاء الإخوان مقاليد البلاد يوما ما. وأيا كان الأمر فإن الجماعة سواء اتفقنا أو اختلفنا معها باتت إحدى أكبر الحقائق في المجتمع السياسي المصري ولا يمكن تجاهلها أو القفزعليها، وإنما ادخالها تحت مظلة العمل السياسي العام، وذلك لن يتحقق إلا في ظل نظام سياسي جديد يدخل إصلاحات دستورية جادة ومسنودة بتأييد شعبي واسع لا يترك للإخوان فرصة لتبرير عزوفهم عن تحولهم إلى حزب سياسي أو الظهور بمظهر "ضحية" القمع الأمني.. فالتعديل الدستوري المصاغ وفق إرادة الأمة، سيضع الجماعة أمام مأزق تاريخي كبير وأمام خيارين لا ثالث لهما: إما القبول بما توافقت عليه الجماعة الوطنية بارادتها الحرة، وإما "الخيار الثاني" والذي لا نتمنى أن تلجأ إليه الدولة حينئذ. [email protected]