شهد الاقتصاد المصري تباطؤا في المو ارد منذ اندلاع ثورة25 يناير نتيجة لتدهور القطاعات الأساسية فيه مثل السياحة, والعقارات, والصادرات. ومن ثم اضطرت الحكومات المتتالية منذ اندلاع الثورة إلي اللجوء للاقتراض من الداخل والخارج لمواجهة هذه التحديات في ضوء زيادة معدل التضخم وارتفاع العجز في الموازنة الحالية إلي160 مليار جنيه, وهو ما دفع بحكومة د.هشام قنديل للتقدم للتفاوض مع صندوق النقد الدولي للحصول علي قرض قيمته4,8 مليار دولار لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي ومواجهة الفجوة التمويلية, ولكن هل الاقتراض من الخارج هو الاختيار الأمثل, وهل هذا هو التوقيت المناسب لمثل هذه الخطوة؟ وهل الاقتراض من الداخل لا يؤثر علي قيمة الجنيه وهل اقبال الجهاز المصرفي علي شراء أذون الخزانة هو الأفضل لتوظيف الأموال السائلة ولا يزاحم النشاط الاستثماري للقطاع الخاص؟ أسئلة تثير جدلا كبيرا في الأوساط الاقتصادية تجيب عنها الأهرام المسائي في سياق الموضوع التالي الذي يرصد رؤيء الخبراء لضمانات الاقتراض الآمن من الداخل والخارج. الانفاق الاقتراض له مخاطره والحكومة لا يجب أن تلجأ إلي الاقتراض إلا عند التأكد من قدرتها علي السداد من خلال الدراسة الكافية والمستفيضة لكيفية زيادة مواردها وتوظيف المبالغ التي يتم اقتراضها بما يخدم النشاط الاقتصادي ويدعم زيادة الموارد هذا ما بدأ به فتحي ياسين الخبير المصرفي ورئيس بنك التجاريين السابق وأكد أن قدرة الاقتصاد المصري علي السداد جيدة, وطرح عدة ضمانات للاقتراض الآمن تتضمن تحسين اداء إدارة التحصيل علاوة علي المتابعة الجيدة لعمليات التحصيل وزيادة فعالية اداء مصلحة الضرائب خلال برنامج فعال لإدارة الموارد بما يساعد علي زيادتها, ويتفق مع الاراء التي تطالب بفرض ضرائب تصاعدية لزيادة موارد الحكومة وتخفيض الدعم المخصص لبعض السلع مثل البوتاجاز والبنزين... الخ, كما يؤكد أيضا ضرورة ترشيد الانفاق الحكومي بشكل أكبر مما هو عليه الآن, واعادة النظر في منظومة عمل المحليات موضحا انها لا تجيد إدارة الموارد والمصروفات وهو ما يهدر الكثير من موارد الدولة. بينما أكد د.أيمن محمد إبراهيم الخبير المصرفي أن الأولية يجب أن تكون لوضع برامج لزيادة الموارد وترشيد الإنفاق ثم المشروعات القومية, ويري أن فتح ملفات الضرائب المغلقة خلال السنوات الأربع الماضية التي شهدت مخالفات فادحة وغياب الدقة عن الاقرارات الضريبية, وإعادة قراءة الموازنة للعام الحالي في ضوء مستجدات الأوضاع بهدف ترشيد الإنفاق, وفتح الصناديق الخاصة ووضع الحد الأقصي للأجور, تعد أهم ضمانات الاقتراض الآمن. الاستثمارات الأجنبية وأوضح د.أيمن محمد إبراهيم أن الاقتراض من مؤسسات التمويل الدولية ممثلة في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي له العديد من المزايا والعيوب, مشيرا إلي أن تلك المزايا أهمها أن مجرد الاقتراض من تلك المؤسسات يعطي شهادة ضمان بأن الاقتصاد المصري قوي وواعد وهو ما يشجع المؤسسات التمويلية الأخري عالميا واقليميا علي ضخ الأموال للسوق المصرية, علاوة علي جذب الاستثمارات الأجنبية خاصة في ضوء الركود الاقتصادي الذي تعاني منه أوروبا والولاياتالمتحدةالأمريكية, بينما تتمثل العيوب في زيادة حجم الديون وزيادة الاعباء علي كاهل الدولة المصرية. حتي هذه اللحظة مازال الاستثمار في السندات وأذون الخزانة آمن تماما والاقتصاد المصري قادر علي السداد هذا ما أكده أحمد قورة رئيس البنك الوطني المصري السابق, ويتفق مع الرؤي التي تطالب بزيادة الموارد خلال فرض ضرائب تصاعدية وترشيد الإنفاق الحكومي, كما يطالب بزيادة الجمارك وتخفيض الدعم كضمانات للاقتراض الآمن. سياسات الائتمان الجهاز المصرفي يأخذ أذون الخزانة بفائدة16% ويعطي فائدة لا تزيد علي12% وهو ما يوفر4% لصالح الجهاز المصرفي دون أدني مجهود هذا ما بدأت به د.يمن الحماقي أستاذة الاقتصاد جامعة عين شمس, وتطالب بضرورة تدخل البنك المركزي في وضع سياسات الائتمان لمواجهة ظاهرة مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص بما يعرقل عجلة التنمية الاقتصادية. وتري أن ضمانات الاقتراض الآمن تتمثل في زيادة الإنتاج خلال تطوير العشوائيات الصناعية ودمجها ضمن النشاط الاقتصادي, ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة علاوة علي تفعيل المشروعات القومية ذات الايدي العاملة الكثيفة. وفيما يتلق بالاقتراض من مؤسسات التمويل أكدت أنه لا ضرر من الاقتراض من صندوق النقد الدولي حيث أن الشروط التي يضعها قابلة للتفاوض كما أنه يوجه القروض للمشروعات ذات الجدوي الاقتصادية وهو يساعد علي النهوض بالاقتصاد المصري, وفيما يتعلق بالاقتراض من البنك الدولي أوضحت أنه موجه لمشروعات البنية التحتية ويتم بناء علي دراسات وافية لكيفية السداد. ومن جانبه أوضح د.عبدالرحمن بركة رئيس مجلس إدارة بنك مصر رومانيا ان طرح سندات وأذون الخزانة يعد سياسة مالية ونقدية للدولة لمنع التضخم وضبط الموازين العامة, ويري أنه لا مناص من الاقتراض من الخارج نتيجة لعدم توفر وسائل الادخار المحلية علاوة علي عدم قدرة الحكومة علي الحفاظ علي مستويات معينة من الانفاق والمصروفات في ظل الأوضاع الراهنة, ويؤكد أن أهم ضمانات الاقتراض الآمن تتمثل في توجيه القروض للمشروعات الإنتاجية الكبري التي يمكن أن تدر عائدا يساعد علي السداد ودفع النشاط الاقتصادي وفيما يتعلق بالاقتراض من مؤسسات التمويل الدولية أكد ضرورة التفاوض وعدم قبول أية شروط اذعان علاوة علي عمل الدراسات الكافية لكيفية السداد والتوظيف الأمثل للقروض. ويري السفير جمال بيومي أمين اتحاد المستثمرين العرب أن أهم ضمانات الاقتراض الآمن تتمثل في ترشيد الانفاق والاقتراض الخارجي مؤكدا في الوقت ذاته ضرورة ايجاد مصادر جديدة للدخل القومي مثل زيادة الضرائب وتنشيط عجلة الإنتاج ودعم السياحة وتحسين اداء الصادرات. ويري د.محمود سالم الذي عمل مستشارا اقتصاديا لرئيس الوزراء الأسبق عاطف صدقي, أن شروط الاقتراض من صندوق النقد أفضل بكثير من اللجوء إلي الودائع الداخلية, وحول سبل تنشيط الاقتصاد المصري وضمان امان القروض, أوضح سالم أن استتباب الأمن يأتي في مقدمة الإجراءات المطلوبة. ودعا الحكومة إلي اتخاذ إجراءات لترشيد الانفاق لاسيما في المجالات التي يوجد بها تبذير لكنه رفض في الوقت ذاته أي إجراءات تقشفية خاصة أن الوضع في مصر يتطلب تشغيل خطوط الإنتاج المعطلة وتوفير فرص عمل. وأوضحت د.كوثر الأبجي أستاذة المحاسبة بكلية التجارة جامعة بني سويف ان هناك العديد من الإجراءات قبل اللجوء للاقتراض الخارجي, منها الاعتماد علي الذات للحصول علي ما نحتاجه من أموال. توسيع دائرة المتعاملين الرئيسيين: طرح سندات وأذون الخزانة بنفس فائدة البنوك الحكومية وتوسيع دائرة المتعاملين تري د.كوثر الأدبجي أنه أهم ضمانات آمان القروض الداخلية ويتمثل في ضرورة طرح سندات واذون الخزانة علي البنوك بنفس الفائدة التي يحصل عليها المصريون من بنوك القطاع العام والتي لا تزيد علي7% وفي المقابل تستنكر طرح سندات وأذون الخزانة علي هذه البنوك بفائدة بلغت14% وأضافت أن ذلك يساعد علي طرح سندات وأذون الخزانة علي الأفراد والمنشآت المصرية بالداخل والخارج بتكلفة لا تزيد علي7% وانطلاقا من ذلك تؤيد مطالبة العاملين بسوق المال البنك المركزي ووزارة المالية بتوسيع نظام المتعاملين الرئيسيين وضم باقي البنوك وهي37 بنكا وشركات الوساطة في الأوراق المالية وشركات التأمين واكتتاب الأفراد بما يؤدي إلي خفض عبء الدين العام مع بيان الواجب الوطني الداعي للمساهمة في تغطية احتياجاتنا. وتتوقع أن ذلك يساعد علي تغطية السندات بعيدا عن تمويل بنوك القطاع العام التي تحقق مكاسب طائلة دون مجهود وتصرف مقابلها مكافآت ضخمة بدون جهد. وفيما يتعلق بضمانات الاقتراض الآمن من الخارج تقترح د.كوثر الأبجي طرح سندات بالعملة الأجنبية للمصريين العاملين بالخارج موضحة أن ذلك يمكن أن يتم بتكلفة أقل من فائدة صندوق النقد وهي1,5% بينما تعطي الولاياتالمتحدة أغني دول العالم0,25% ويقبلها المجتمع العالمي الذي يستثمر أمواله بحكومة هذه الدولة.