هكذا سيكون علي الأرجح شكل علب السجائر في استراليا اعتبارا من نهاية العام الحالي.. عبوات موحدة لاتحمل سوي صور مروعة لأضرار التدخين أي بدون العلامات التجارية البراقة لشركات التبغ العالمية الكبري, فيما وصف بأنه واحدة من أكبر الصفعات علي وجه صناعة التبغ الدولية التي تتسبب في مقتل ستة ملايين شخص سنويا. فقد أيدت المحكمة العليا في استراليا دستورية تشريع جديد لمكافحة التدخين يقضي بإجبار شركات التبغ علي بيع سجائرها في عبوات موحدة الغلاف وبدون إبراز لأية ماركة تروج لهذه الشركة أو تلك والاكتفاء بدلا من ذلك بكتابة اسم الشركة المنتجة بخط صغير. وجاء حكم المحكمة بعد أن طعنت شركات سجائر عملاقة أمريكية وبريطانية ويابانية في دستورية هذا التشريع, زاعمة أنه يشكل اعتداء علي حقوق الملكية الفكرية بدون تعويض يذكر. وتخشي صناعة التبغ من أن تحذو دول أخري حذو استراليا وهو ما قد يعني ضربة هائلة لأرباحها التي تبلغ ألفا ومائة دولار في الثانية الواحدة فقط. فشركات التبغ العالمية تحقق عائدات سنوية تقترب قيمتها من نصف تريليون دولار, وذلك من بيع خمسة تريليونات ونصف التريليون سجارة سنويا يستهلكها أكثر من مليار شخص يموت منهم شخص واحد كل ست ثوان أي أن هذه الصناعة الضخمة صارت من أشرس القتلة في التاريخ. الاتحاد الأوروبي ولعل هذا مادفع الاتحاد الأوروبي إلي أن يبحث إمكانية إجبار شركات التبغ علي تعبئة السجائر في علب لاتحمل أية ماركة. فقد صرح متحدث باسم المفوضية الأوربية بأن الاتحاد الأوروبي يدرس الآن إمكانية إجبار شركات التبغ علي تعبئة السجائر في علب لاتحمل أية ماركة من الماركات الشهيرة. جاء هذا التصريح بعد ساعات من القرار الذي أصدرته المحكمة العليا الاسترالية بقانونية هذا الإجراء. وأوضح المتحدث أنتوني جرافئيلي للصحفيين في بروكسل نعكف الآن علي وضع اقتراح يقضي بتعديل التعليمات الخاصة بمنتجات التبغ. وتجري مناقشة أمور كثيرة من بينها إمكانية التعبئة في علب لاتحمل أي علامات تجارية! وأضاف جرافئيلي أنه من المتوقع طرح الاقتراح في شهر أكتوبر أو نوفمبر القادمين. وسيتعين التصديق عليه من قبل الدول الأعضاء بالاتحاد والبرلمان الأوروبي لكي يصبح قانونا ونوه جرافئيلي قائلا نحن لانزال في بداية عملية التفكير ولايوجد أي شيء ملموس في هذه المرحلة ونحن نبحث في مجموعة كاملة من الأمور. كما ذكر جرافئيلي أن هناك خيارات آخر قيد الدراسة وهي زيادة حجم الصور المنفرة من التدخين في دول الاتحاد. تفاصيل القضية وإذا ماعدنا إلي تفاصيل القضية في استراليا سنجد أن المحكمة العليا هناك قضت بأن أحدث تشريع لمكافحة التدخين لاينتهك القوانين التي تطالب بمصادرة الملكية وفقا لشروط عادلة. وقد راقبت كل من بريطانيا وكندا ونيوزيلندا هذه القضية عن كثب حيث هناك ضغوط في هذه الدول لكي تحذو حذو استراليا بالاضافة إلي حظر إعلانات التبغ. وأكدت المدعية العامة في استراليا نيكولا روكسون أن الحكومات يمكن أن تواجه شركات التبغ الكبري وتنتصر ويتعين علي الدول أن تدرس مجددا الخطوة المقبلة الملائمة لها. ودعت شركات التبغ لتقبل قرار المحكمة وألاتتخذ خطوات قانونية في محاكم أخري بغرض وقف تطبيق التشريع. وكان قد تم التصديق العام الماضي علي هذه القوانين التي تعد الأولي التي يتم إقرارها في العالم. ويذكر أن نحو16% من الرجال و14% من النساء يدخنون بانتظام في استراليا حاليا, وذلك مقارنة مع40% و32% علي التوالي في عام1983 وذلك وفقا لهيئة لمكافحة التدخين الأسترالية. وذكرت آنا جونز مديرة الهيئة إن العبوات الجديدة تأتي في إطار خطة إصلاحات صحية شاملة لحماية الأجيال الجديدة رد شركات السجائر العالمية وذكرت أربع شركات أن مطلب الحكومة ببيع جميع علب السجائر بغلاف موحد يعد بمثابة مصادرة علامات تجارية قيمة دون تعويض مناسب. واصرت الحكومة في المحكمة علي انها اتخذت هذا الاجراء لحماية الصحة العامة وذلك في اطار حملة مكافحة التدخين التي بدأت منذ مائة عام تقريبا. وقالت الشركة البريطانية الامريكية للتبغ صاحبة العلامة التجارية دونهيل أن أنصار القانون كانوا خاطئين في الاعتقاد بأن ذلك سيسهم في خفض معدلات التدخين. وأضافت الشركة نحن نعارض بشدة تطبيق هذا التشريع وقالت أيضا أن الذين يدعمون هذا التشريع يعتقدون انه سيجعل السجائر أقل جاذبية للاطفال علي الرغم من عدم وجود دليل يشير الي أن العبوات الجديدة سوف يكون لها تأثير علي تدخين المواطنين للسجائر ومنهم الاطفال. وقالت المحكمة انها سوف تكشف أسباب قرارها في وقت لاحق. وفي ضربة أخري لشركات التبغ أمرت المحكمة الشركات بدفع التكاليف القانونية للحكومة. أرقام مذهلة وتقول منظمة الصحة العالمية أن التدخين يقتل نصف من يتعاطونه تقريبا, كما تؤدي هذه الظاهرة القاتلة كل عام بحياة ستة ملايين نسمة تقريبا منهم أكثر من خمسة ملايين ممن يدخنون أو سبق لهم التدخين واكثر من ستمائة ألف من غير المدخنين المعرضين لدخان السجائر, ومن الممكن اذا لم تتخذ اجراءات عاجلة أن يزيد عبء الوفيات ليبلغ أكثر من ثمانية ملايين حالة وفاة بحلول عام.2030 ويعيش نحو80% من المدخنين البالغ عددهم مليار شخص علي الصعيد العالمي في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل. كما أن اجمالي استهلاك التبغ آخذ في الزيادة علي الصعيد العالمي, وذلك علي الرغم من انخفاضه في بعض البلدان المرتفعة الدخل وبعض بلدان الشريحة العليا من الدخل المتوسط. سبب رئيسي للفقر فالتدخين يعد من أكبر الاخطار الصحية العامة التي شهدها العالم علي مر التاريخ, ويقضي شخص واحد نحبه كل ست ثوان تقريبا من جراء هذه الظاهرة القاتلة مما يمثل عشر وفيات البالغين في العالم, كما أن نحو نصف المدخنين حاليا سيموتون في آخر المطاف جراء مرض له علاقة بالتدخين. وتقول منظمة الصحة العالمية في تقرير لها ان الوفاة المبكرة لمن يدخنون تحرم أسرهم من الدخل وتزيد تكاليف الرعاية الصحية وتعوق التنمية الاقتصادية. في بعض البلدان يتم علي نحو متكرر تشغيل الاطفال المنتمين لأسر فقيرة في زراعة التبغ كي يدروا الدخل علي أسرهم وهؤلاء الاطفال معرضون بوجه خاص للإصابة بداء التبغ الاخضر الذي يتسبب فيه النيكوتين الذي يمتصه الجسم عن طريق الجلد أثناء مناولة أوراق التبغ الرطبة. التبغ قاتل متدرج ونظرا للسنوات العديدة التي تفصل بين بدء الناس في تعاطي التبغ أو التدخين وبين بدء معاناتهم الصحية منه فإن العالم بدأ يشهد زيادة الامراض والوفيات ذات الصلة بالتبغ. فالتبغ تسبب في100 مليون حالة وفاة في القرن العشرين واذا استمرت الاتجاهات السائدة حاليا فسيتسبب في نحو مليار وفاة في القرن الحادي والعشرين حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية. يمكن الرصد الجيد من تتبع حجم هذا الوباء وخصائصه وتحديد أفضل طريقة لوضع السياسات, وقد قام59 بلدا أي ما يمثل نصف سكان العالم تقريبا بتعزيز أنشطتها في مجال هذا الرصد لادراج بيانات حديثة أو بيانات ذات دلالة فيما يخص البالغين والشباب وذلك بجمع تلك البيانات مرة كل خمس سنوات علي الاقل ولكن اكثر من100 بلد لاتزال تفتقر الي تلك البيانات أو انها لا تملك أية بيانات علي الاطلاق. التدخين السلبي قاتل ونحن جميعا نشاهد دخان التبغ غير المباشر أو دخان السجائر وهو منتشر في المطاعم والمكاتب وسائر الأماكن المغلقة وهو ينبعث من احتراق منتجات التبغ كالسجائر والنارجيلة ولا يوجد أي مستوي مأمون من دخان التبغ غير المباشر. وينبغي أن يتمكن كل شخص من أن يتنفس هواء خاليا من دخان التبغ والقوانين الخاصة بالأماكن الخالية من دخان التبغ تحمي صحة المدخنين وتخظي بالشعبية ولا تضر بالاعمال التجارية, كما أنها تشجع المدخنين علي الاقلاع من التدخين. حقائق حقائق وهناك ثلة من الحقائق التي توردها منظمة الصحة العالمية في هذا الصدد منها: * لا يتمتع بحماية القوانين الوطنية الشاملة الخاصة بالأماكن الخالية من دخان السجائر إلا11% من الناس. * في عام2010 ارتفع عدد من يتمتعون بالحماية من دخان السجائر غير المباشر بنسبة تجاوزت النصف, حيث وصل إلي739 مليون نسمة بعد أن كان يناهز354 مليون نسمة في عام.2008 * من بين أكثر100 مدينة اكتظاظا بالسكان هناك22 مدينة خالية من دخان السجائر. * نصف عدد الأطفال تقريبا يتنفسون بانتظام هواء ملوثا بدخان السجائر. * أكثر من40% من الأطفال يدخن أحد والديه علي الأقل. * يتسبب دخان السجائر غير المباشر في حدوث أكثر من ستمائة ألف حالة وفاة مبكرة سنويا. * في عام2004 شكل الأطفال28% من الوفيات الناجمة عن دخان السجائر غير المباشر. * دخان السجائر يحتوي علي أكثر من4000 مادة كيميائية, من بينها250 مادة علي الأقل معروف أنها مضرة وأكثر من50 مادة معروف أنها تسبب السرطان. * يتسبب دخان السجائر غير المباشر في إصابة البالغين بأمراض قلبية وعائية وتنفسية خطيرة, بما في ذلك مرض القلب التاجي وسرطان الرئة ويتسبب في إصابة الرضع بالموت المفاجئ. أما فيما يتعلق بالحوامل فيتسبب في نقص وزن المواليد. المدخنون وتبين الدراسات أن عددا قليلا من الناس هو الذي يفهم المخاطر الصحية المحددة المترتبة علي تعاطي التبغ, فعلي سبيل المثال كشف مسح أجري في الصين في عام2009 عن أن37% فقط من المدخنين يعرفون أن التدخين يتسبب في الإصابة بمرض القلب التاجي, و17% فقط يعرفون أنه يتسبب في الإصابة بالسكتة الدماغية. ومعظم المدخنين الذين يدركون أخطار التدخين يريد الاقلاع عن هذه العادة السيئة, ومن شأن الاستشارة والأدوية أن تزيد فرصة نجاح محاولة المدخن الإقلاع عن التدخين أكثر من الضعف. ولعل من أكبر المشكلات في هذا الصدد أن خدمات الرعاية الصحية الشاملة الوطنية التي تدعم الإقلاع عن التدخين متاحة في19 بلدا فقط, أي أنها متاحة لنحو14% من سكان العالم, كما لا توجد أي مساعدة للإقلاع عن التدخين في28% من البلدان المتخفضة الدخل و7% من البلدان المتوسطة الدخل. التحذيرات المصورة وتعتقد منظمة الصحة العالمية أن الإعلانات الصارمة المضادة للتبغ والتحذيرات البيانية علي العلب, وخصوصا التي تحتوي علي صور, تقلل عدد الأطفال الذين يشرعون في التدخين وتزيد عدد المدخنين الذين يقلعون عن التدخين. يمكن للحملات الإعلامية الإسهام ايضا في الحد من التدخين, وذلك بحث الناس علي حماية الاشخاص الذين لا يدخنون وإقناع الشباب بالإقلاع عن التبغ. يمكن للحملات الإعلامية الإسهام ايضا في الحد من التدخين, وذلك بحث الناس علي حماية الاشخاص الذين لا يدخنون وإقناع الشباب بالإقلاع عن التبغ. ولا يطبق سوي19 بلدا أي ما يمثل15% من سكان العالم الممارسة المثالية المتمثلة في وضع تحذيرات مصورة بما في ذلك تحذيرات مكتوبة بلغة البلد المحلية وتغطي نصف واجهة وظهر علب السجائر علي الأقل, ولا يطبق هذه الممارسة أي من البلدان المنخفضة الدخل. ويشترط42 بلدا أي ما يمثل42% من سكان العالم وضع تحذيرات مصورة علي أغلفة التبغ. ويمكن للتحذيرات المصورة إقناع المدخنين بوجوب حماية صحة غيرهم ممن لا يدخنون وذلك بالتقليل من التدخين داخل البيت وتلافي التدخين قرب الأطفال. ويعيش أكثر من1.9 مليار نسمة أي ما يمثل28% من سكان العالم في23 بلدا نفذ حملة واحدة علي الأقل من الحملات الإعلامية القوية المناهضة للتبغ خلال العامين الماضيين. حظر الإعلان إن حظر الإعلان عن التبغ والترويج له ورعايته يمكن أن يحد من استهلاكه, ويمكن بفرض حظر شامل علي جميع أشكال الإعلان عن التبغ والترويج له ورعايته خفض معدل تعاطيه بنسبة7% في المتوسط علما بأن نسبة الانخفاض قد تصل إلي16% في بعض البلدان. ولا يملك إلا19 بلدا أي ما يمثل6% من سكان العالم قوانين وطنية شاملة تحظر جميع أشكال الإعلان عن التبغ والترويج له ورعايته. ويعيش46% من سكان العالم في بلدان لا تحظر توزيع منتجات التبغ بالمجان. الضرائب إن ضرائب التبغ أو الضرائب المفروضة علي السجائر تعد هي أكثر الوسائل فاعلية للحد من التدخين, وخصوصا بين الشباب والفقراء, وزيادة ضرائب التبغ بنسبة10% تقلل استهلاكه بنسبة4% تقريبا في البلدان المرتفعة الدخل وبنسبة8% تقريبا في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل. وهناك27 بلدا فقط أي ما يمثل8% من سكان العالم, تتجاوز فيها نسب الضرائب المفروضة علي التبغ75% من سعر البيع بالتجزئة. في البلدان التي تتوافر فيها المعلومات تفوق إيرادات ضرائب التبغ, بنحو154 مرة قيمة الانفاق علي مكافحة التبغ. استجابة منظمة الصحة العالمية * تعتبر منظمة الصحة العالمية نفسها ملتزمة بمكافحة ظاهرة التدخين القاتلة علي الصعيد العالمي, وقد بدأ نفاد اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ في شهر فبراير من2005, ومنذ ذلك التاريخ أصبحت الاتفاقية إحدي أكثر المعاهدات التي حظيت بالقبول في تاريخ الأممالمتحدة, حيث يبلغ عدد الاطراف فيها أكثر من170 طرفا, مما يشمل87% من سكان العالم وتعد اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية أهم أدوات مكافحة التبغ لدي المنظمة, كما تشكل معلما بارزا في مجال تعزيز الصحة العامة, وهي معاهدة مسندة بالدلائل التي تؤكد مجددا حق الشعوب في التمتع بأعلي مستوي من الصحة يمكن بلوغه.