لم يعد مشروع وادي النقرة الزراعي الذي تحتضنه محافظة أسوان, وتحديدا شرق مدينة كوم أمبو هو الحلم الذي كان ينتظر تحقيقه الملايين ليكون سلة غذاء الجنوب, فالمشروع الذي تصل مساحته إلي65 ألف فدان بالاضافة إلي20 ألف أخري بوادي خريت علي بعد كيلو مترات قريبة منه أصبح كابوسا مزعجا بعد أن أحاطت به المشاكل والأزمات من كل جانب, فتارة تتعرض كابلات ووصلات خطوط الكهرباء وأبراج الضغط العالي للسطو المسلح لتتوقف محطات الري عن ضخ المياه للزمام, مما يهدد الزراعات بالعطش, وأخري تراق خلالها الدماء من أجل الصراع والاستيلاء علي مساحات من أراض خارج الزمام, وثالثة تعلو فيها الأصوات بسبب العيوب الفنية للترعة الرئيسية التي تعالج من أن إلي آخر.. ما يحدث في منطقة وادي النقرة يعود إلي الانفلات الأمني وعدم الوجود والرقابة, حيث مازالت الأجهزة الأمنية تتعامل بمبدأ الطبطبة مع الخارجين عن القانون وتخشي مواجهة العصابات المسلحة حتي لا تتعرض للمساءلة, وهو ما حذر منه المهندس علاء أبو الوفا رئيس شركة مصر العليا لتوزيع الكهرباء, واصفا ما يحدث بأنه كارثة قد تؤدي ليس لتوقف مياه الري في المحطات المختلفة بطول ترعة النقرة الرئيسية فقط ولكن قد تؤدي إلي تعرض أسوان والصعيد للظلام التام. وتعود بداية المشروع إلي حقبة التسعينيات حين بدأت هيئة مشروعات التعمير التابعة لوزارة الزراعة استصلاح65 ألف فدان بمنطقة وادي النقرة, بحيث تتم تغذيتها بمياه الري من خلال ترعة رئيسية تبدأ من محطة هندسة الطويسة غربا وحتي الزمام بطول نحو45 كيلو مترا وتتناوب عليها13 محطة رفع بخلاف7 محطات أخري تختص بري35 ألف فدان بزمام مركز نصر النوبة, وبعد فترة تم عرض50 ألف فدان للمستثمرين وكبار الشركات المتخصصة, وتخصيص15 ألف فدان لشباب الخريجين من جميع محافظات الصعيد, بواقع5 أفدنة لكل شاب ومسكن للتوطين في5 قري هي: الآمال والبراعم والكرامة والحكمة والمنار, وكما يقول أشرف محمد عبد الحميد من قرية الحكمة إن أزمة المشروع بدأت بعد ثورة25 يناير مباشرة, ففي ظل الانفلات الأمني أصبح صيدا سهلا وثمينا للصوص الكابلات الكهربائية ومافيا الخردة, ويواصل: في نوفمبر2011 تعرضنا لأول محاولات السطو المسلح علي أبراج الضغط العالي وتعرضت القري وزمام المشروع للعطش حتي تدخل اللواء مصطفي السيد محافظ أسوان وقام بتوفير مولدات بالسولار من الاسكندرية لحين إصلاح الخطوط, وللأسف ظل عدم الوجود الأمني قائما وتكررت السرقات ومازلنا نعاني أشد المعاناة من مياه الري والشرب, ويتدخل فوزي محمد علي من قرية الآمال قائلا أعول14 فردا في أسرتي وأصبحنا مهددين بالموت نتيجة عدم وصول مياه الشرب والري للأراضي التي ستتحول إلي البوار ومعها سنتشرد ولن يصبح لنا مورد رزق, خاصة وأن الديون تخنقنا ولا نستطيع الوفاء بها بسبب مشاكل المشروع المتكررة, ويضيف للأسف المستثمرون الكبار لديهم مساحات كبيرة ولا يفرق معهم وصول المياه من عدمه لأنهم يزرعون محاصيل نادرة مثل النباتات الطبية والعنب الأحمر الذي يصدر للدول الأوروبية, أما نحن والكلام علي لسانه فلا نزرع سوي القمح فقط, ويطالب المنتفع الذي ترك محافظته وأغترب من أجل لقمة العيش الرئيس محمد مرسي بالتدخل وفرض الأمن علي المنطقة بعد أن تعددت شكاواهم للمسئولين بلا جدوي. ويحمل محمد حسن من نفس القرية المسئولية للأمن غير الموجود علي حد مسئوليته ويقول نتعرض للمشاكل من كل إتجاه وفي النهاية يطلب من المسئولون الدفاع عن الأبراج والكابلات وحمايتها ونحن عزل من السلاح, وطالب بأن يوفر الأمن لهم الأسلحة المرخصة المناسبة, حتي يتمكنوا من الدفاع عن أراضيهم, وأسرهم. ويشير عبد الوهاب عثمان أحد المنتفعين بالمشروع إلي إن تكرار أعمال سرقة الخطوط والوصلات وانقطاع المياه, لن تكون الأخيرة مالم تتوافر القوة الأمنية المطلوبة لحماية هذه المرافق, خاصة وإنها ترتبط ارتباطا وثيقا بتشغيل محطات الري, ويتساءل لمصلحة من هذا التقاعس والإهمال الذي سيؤدي إلي تشريد عشرات الآلاف وتعرض نحو80 ألف فدان للعطش ويؤكد أن هناك أراضي كثيرة خارج الزمام ولا تدخل ضمن المساحة الرسمية للمشروع, حيث يقوم المتعدون بعمل فتحات علي الترعة الرئيسية لري أراضيهم, في الوقت الذي عجزت فيه أجهزة الري عن مواجهتهم بسبب تقاعس الأمن كما يقولون, ويستنجد عبد الوهاب بجميع المسئولين لإنقاذ المشروع والحفاظ علي الزراعات والمواشي من التلف والنفوق. ووسط تبادل الإتهامات وإلقاء المسئولية من كل علي الأخر رفض مسئولو الري الحديث بالتفصيل حيث اكتفي المهندس أحمد بشير مدير عام الري بإخطار مصلحة الميكانيكا والمحافظ بسرقة الكابلات وتوقف المحطات وتحديدا في المحطتين الخامسة والسادسة, حذر المهندس علاء أبو الوفا رئيس شركة مصر العليا لتوزيع الكهرباء من الإظلام التام لأسوان والصعيد في حالة تكرار سرقة الموصلات وأبراج الضغط العالي بالنقرة, وهي خطوط ذات جهد فائق220 ألف كيلو فولت حيث تقوم علي تغذية محطة شمال أسوان الرئيسية وجنوب الصعيد, وقال إن العصابات المسلحة لابد من مواجهتها بقوة وقد قمنا بإبلاغ جميع الأجهزة لتدارك الموقف الصعب وأكد أن منطقة النقرة من أخطر مناطق الجمهورية كهربائيا ولابد من الاهتمام بها جديا, أما عن أسوان فيتم حاليا تغذيتها من محطات بديلة. من جانبه أكد اللواء مصطفي السيد محافظ أسوان ضرورة التنسيق بين الأجهزة الأمنية ومسئولي الكهرباء والري ومنتفعي وادي النقرة لحماية الخطوط والأبراج, وقال إن عودة الأمن بفاعلية ستقضي علي جميع المشاكل, لافتا إلي أن اللصوص يقومون بنشر الأبراج للحصول علي القوالب النحاسية وقال: نشدد حاليا علي رقابة جميع الطرق لضبط المجرمين, حيث تم القبض علي عدد منهم أخيرا, وأكد السيد أنه لن يتواني عن الوقوف مع المنتفعين الغلابة ومساندتهم تحقيقا لاستقرارهم الأسري سواء بتكثيف فناطيس مياه الشرب أو وجود المولدات البديلة لمحطات الري لحين الانتهاء من أعمال الإصلاحات سريعا.