حضرة المحترم.. مؤنس أفندي ياقوت.. مرسل لكم طيه كشف بمبلغ92 جنيها و17 قرشا و3 ملاليم عن قيمة ما صرف في بياض الغرفة البحرية بمنزل حارة قواوير.. هذا هو نص الخطاب الذي أملاه الفنان عباس فارس ناظر الوقف علي الفنان نجيب الريحاني في واحد من مشاهد فيلم أبو حلموس.. وتوقف الأخير عن الكتابة وقال للناظر- الذي لم يكن يعرفه بحكم أنه موظف جديد: أوضة واحدة بيضتوها ب92 جنيه.. ليه.. بيضتوها بإيه.. لبن زبادي.. مربة تفاح.. ده نصب.. ده نهب.. بيني وبينك ناظر الوقف حرامي كبير من النوع التقيل.. حرامي حمار كمان! وبدأ يعرفه كيف يكتب التكاليف فقال: كحت البياض القديم كذا.. صنفرة الحيطان بعد الكحت كذا.. تقطيب الثقوب والخروم كذا.. تلييس الحيطان كذا.. دهان أول وش كذا.. دهان ثاني وش كذا.. دهان ثالث وش كذا.. بكده تقدر تقيد192 جنيها.. ولو مثلا عندك خروف تقدر تكتب حبل ومخلة وجردل لأكل وشرب الخروف.. حكيم بيطري للعناية بصحة الخروف.. مزين لحلاقة شعر الخروف.. وبالرغم من لسانه السليط إلا أن ناظر الوقف طار اعجابا بالموظف الذي يجيد فنون السرقة فقربه إليه, وطلب منه أن يكتب الخطاب وقال له: بح بح.. بح بح! وهكذا سارت الرياضة المصرية سنوات طويلة بعد أن وصل إلي مقاعد الإدارة من هم علي شاكلة هذا الناظر وذاك الموظف الذين يعرفون كيف يطوعون القانون, ويستغلون الثغرات, ويصرفون النثريات, ويضربون الفواتير, ويأخذون من وراء البطولات والمعسكرات والسفريات والبدلات والإعانات بدليل أنهم مازالوا حتي الآن بعيدين عن الحساب بالرغم من إحالة البعض إلي النيابة! هم باختصار يعرفون كيف يتعاملون مع فلوس الدولة ممثلة في الجهة الإدارية أو أي جهات أخري كثرت أوقلت, ولا تهمهم مصلحة الرياضة حتي وصل بنا الحال إلي القليل من الميداليات الأوليمبية معظمها من الزمن القديم.. والصعود مرتين فقط إلي نهائيات كأس العالم لكرة القدم.. هذا هو كل تاريخنا الرياضي, وهم مازالوا في أماكنهم.. فهل يفعل الوزير الجديد شيئا خاصة وأنه يعرف هذه الأمور جيدا.. أم أن عش الدبابير يصعب اختراقه ؟!