استيقظ أحمد من نومه كعادته في الايام الاخيرة عابس الوجه رث الثياب اشعث فاقد القدرة علي التواصل مع كل من حوله.. بعد ان خارت قواه امام ديكتاتورية والدته هانم الاربعينية والتي صممت علي عدم اتمام زواجه بالفتاة التي ارتبط بها الا بعد ان يستقل بذاته ماليا عن الاسرة المكونة منه والام وشقيقه عبدالرحمنوكعادة الشباب في منطقة طرة بالمعادي اذ يقاومون الخوف والجوع وضيق الحال بالحب والعشق والزواج وهذا مافكر فيه أحمد بعد ان تقطعت به سبل العيش وبدا اكثر عرضة للفراغ القاتل الذي لم يتوان في النيل منه واجباره علي ان يسلك طريق الشيطان ظهرت لاحمد فتاة يانعه استولت علي قلبه منذ ان تعرف عليها في حفل زفاف احد اصدقائه وعاشا معا اجمل ايام عمرهما وكان السير علي كورنيش النيل من امتع اوقاتهما والشمس تستأذن في المغيب وهما يتبادلان الهمس وكلمات الحب والشاب والفتاة يستمتعان علي سطح احدي المراكب النيلية. مرت الايام والشهور بلذة الحب الجميلة وهما يخططان للزواج وفجأة قطعت اسرة الفتاة ذلك الحلم الجميل بعد ان تجهم والدها في وجه احمد قائلا: يابني الناس بتتكلم وكفاية كده بقي عايزين نلمكم في شقة كانت اجابةاحمدغير مقنعه لوالد الفتاة خاصة بعد ان وقف شقيقها مع والده مؤيدا لموقفه ولم يأت اي دعم من اسرة الفتاة الا من والدتها التي كثيرا ماطلبت من زوجها الصبر علي احمد لانه لايملك من امر الزواج شيئا كغيره من شباب المنطقة الذ ين ادارت الدنيا لهم ظهرها., خرجاحمد من منزل حبيبته منكس الرأس لا تكاد قدماه تحملان جسده فاقد الشعور بحركة السيارات وجلبةوضجيج الباعة والناس في الشارع ولم ينتبه الا بعد ان رن هاتفه المحمول وجاءه صوت حبيبته باردا علي غير العادة وكأنها انقلبت عليه مثل ابيها بعد ان غسلت الاسرة عقلها ولقنتها ماستقوله لحبيبها واغلقت الهاتف بعبارة ولجت اذنه ياريت تتصرف وتقولي عملت ايه؟بات احمد ليلته حزينا واخذ يسترجع شريط ذكرياته الجميلة مع حبيبته لحظة وشعر انه كتب عليه الا يعيش سعيدا هانئا في هذه الدنيا وانه كتب عليه ان يشقي وفي لحظات مرت عليه كالدهر شعر بغمامة تدور حوله لتصيبه بدوار أفقده القدرة علي الرؤية ليدخلاحمد في سبات عميق لم يستيقظ منه الا بعد ظهر اليوم التالي وكعادتها لم تكن والدته موجودة بالمنزل اذ انها دائما ماتذهب الي السوق لشراء مطالب المنزل المعيشية وكذلك شقيقهعبدالرحمن الذي يعمل مبلط رخام ودائما مايكون موجودا في عمله في ذلك التوقيت. وفجأة قفزت الي ذهن احمد فكرة بدت غريبة علي نمط تفكيره وكأن شخصا خفيا كان قد وسوس له للتخلص من مشاكله دفعة واحدة وبشكل بسيط جدا فقام علي الفور ودون ان يشعر بسكب بعض البنزين الذي اشتراه لدراجته النارية علي مقاعد غرفة الصالون واستعد الي الرحيل وعلي باب الشقة اشعل ورقة جورنال قديمة كانت ملقاة علي منضدة المطبخ والقي نظرة اخيرة عليها وتذكر سريعا انها تحوي صفحة حظك اليوم التي قرأها من قبل ولم تصدق توقعاتها والقي بالورقة المشتعلة علي الارض. وفي دقائق شعر الجيران بالنيران وقد اشتعلت بشقة احمد الفتي يهرول علي سلم العقار بعد ان اشعل النيران فيها وابلغوا شرطة الحماية المدنية التي انتقلت الي الشقة وتمكنت بمساعدة الاهالي من اخماد الحريق بعد حوالي نصف الساعة من اشتعاله بمحتويات الشقة لتأتي النيران علي مابها واثناء اطفاء الحريق لام الجيران الفتي علي فعلته ولكنه واجه لومهم هذا بحجج قبلها الشباب ومنهم في مثل سنه بينما بدا منبوذا امام الاباء والامهات من الجيران الذين مالت احدهن علي اخري قائلة: لو كل شاب عايز يتجوز يعمل زيه البلد كلها هتولع وبعد ساعتين من احتراق الشقة كانت الام امام المقدم محمد العسيلي رئيس مباحث قسم شرطة المعادي تحرر بلاغا قررت فيه ان نجلها احمد قام بإضرام النيران في الشقة التي يسكنونها مما تسبب في احتراق محتوياتها وتم ضبطه بواسطة قوة من مباحث القسم بقيادة النقيب عمار عبدالحميد. وبمواجهته امام اللواء حسن السوهاجي نائب مدير الادارة العامة لمباحث القاهرة اعترف بأنه اشعل النيران في اثاث الشقة لرغبته في الزواج من فتاة يرتبط بها عاطفيا وذلك بعد اعتراض والدته وعدم موافقتها علي زواجه منها مضيفا انه اراد فعل ذلك لتأديب والدته وشقيقه وطردهما من الشقة ليتمكن من الزواج بها. وفي حجز القسم جلس الشاب ينفث دخان سيجارته ويقلب علبة السجائر بين يسديه شارد الذهن واذ بأحد زملائه يطلب منه مشاركته في طعامه ولما استبد به الجوع ودفعه في حركة لااراديه الي تلبية مطلب زميله امسك بالاوراق التي تحوي الطعام وكانت بعض صفحات جريدة تحوي قسما اعتاد قراءته فيها وهو الابراج والحظ وكان طالعه اليوم يقول اندفاعك قد يجلب لك متاعب لاقبل بها