هذه المرة ما عليها سوي أن ترقمه بنظرات تائهة.. تاهت منها في زحام السنين الماضية.. أخذت غينيها واستدارت تعبر فوق الرخام البارد.. ترتعش خطاها كلما اقتربت من نهاية العمر الخارجي للقصر.. تبطئ الخطي.. تتسمع آهات الناس.. وتتوجيه حين تري نزيف الدم الساقط منها. باتت سعاد تتآكل.. أمام سبابه تحولت لخرقة ألقاها بيده بعدما رمي عليها أيمان الطلاق.. أخذت ما تبقي منها وهي ترنو بعينيها إلي بعيد.. جاست خلال الديار تحوم حولها أحزانها القديمة التي لازمتها منذ زوجوا الغراب أحلي يمامة. عنده كانت الدنيا قصور وغلمان وزنزانة.. كان نعيق الغربان الحائمة يأكل سمعها.. ويتآكل قلبها كلما تاه منها الطريق.. نامت عيون الليل عن كل ما حولها إلا من صغيرين التقصا بها.. اختلط بكاؤهما مع نعيق الغربان فخرجت سيمفونية أعادت لذكراها ليلة الزفاف.. ليلة رأت عندها كل شيء.. رأت الحياة بجانب مشنقة وزنزانة.. كان الليل قد دخل وأضواء الكويت تتلاشي ليعلن للمسافرين عن قرب وصول القاهرة خارج المطار.. كان المسافرون قد اختلطوا بذويهم إلا عن سعاد أخذها صوت من بعيد أفردت ذراعيها له.. همست فيه.. لماذا بعتني يا أبي بتأشيرة ؟! مصطفي والي ديرب نجم