قال محمد فريد، رئيس هيئة الرقابة المالية، إن الهيئة خلال الفترة الأخيرة عملت على عدد من الإصلاحات، أهمها إطلاق المشتقات المالية وآليات صانع السوق، وتعمل حالياً على نظام اقتراض الأوراق المالية بغرض البيع (الشورت سيلينج)، إلى جانب تطوير قطاع التأمين، وإطلاق أول سوق كربون طوعي منظم ومراقب في مصر وأفريقيا، وتدشين المختبر التنظيمي للابتكار المالي، فضلاً عن جهود التوعية ونشر الثقافة المالية. وأضاف فريد، خلال لقاء بالمحررين الاقتصاديين ضمن فعاليات ورشة عمل تدريبية تعقدها الهيئة على مدار يومين لاستعراض تطور مؤشرات الأداء والملفات الإصلاحية، أن الخدمات المالية غير المصرفية تُعد أحد المحركات الرئيسية لدعم الاقتصاد الوطني، من خلال ما توفره من حلول تمويلية واستثمارية وتأمينية متنوعة تسهم في تحقيق مستهدفات خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة. وأشار إلى أن زيادة معدلات الادخار والاستثمار التراكمي طويل الأجل تمثل عاملاً رئيسيًا في خلق طبقة متوسطة ميسورة الحال على المدى الطويل. وأضاف أن تعزيز معدلات الادخار في المجتمع، إلى جانب توسيع نطاق الشمول المالي والاستثماري والتأميني، سيسهم في رفع قدرة الاقتصاد الوطني على توفير التمويلات محليًا، بما يقلل من الاعتماد على مصادر التمويل الأجنبية. وشدد رئيس الهيئة على أن تنظيم وتقنين جميع أنشطة التمويل غير المصرفي والاستثمار يُسهم في حماية حقوق المتعاملين، وضمان استقرار الأسواق، وتعزيز مستويات إدارة وقياس المخاطر. وقال فريد إن أبرز الإصلاحات التي تعمل عليها الهيئة في سوق رأس المال خلال الفترة الأخيرة تشمل إطلاق المشتقات المالية، وآليات صانع السوق، ونظام اقتراض الأوراق المالية بغرض البيع (الشورت سيلينج). أما في قطاع التأمين، أوضح أن رفع كفاءة إدارة الاستثمارات في صناديق التأمين الخاصة كان ضرورياً لأنه سيسهم في زيادة العوائد والمزايا المقدمة للمشتركين وأصحاب المعاشات بشكل مباشر. وتُعد صناديق التأمين الخاصة أنظمة تأمينية مسجلة لدى الهيئة وتتمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة، وتُنشأ لتقديم مزايا تأمينية واجتماعية لمجموعة من العاملين تجمعهم صلة مشتركة، سواء في صورة معاشات إضافية أو مزايا ادخارية أو رعاية صحية. وأكد فريد أن تنظيم وتقنين أنشطة التمويل الاستهلاكي وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر كان ضرورياً لدمج هذه الأنشطة في الاقتصاد الرسمي، وتوفير تمويلات لكافة فئات المواطنين، بما يحقق الشمول المالي والاستثماري والتأميني. وأشار إلى أن جهود التطوير بالهيئة مستمرة، إذ لا يزال أمامها مشوار طويل من العمل والإصلاح في سبيل دعم الاقتصاد الوطني. وأوضح أن تطوير معايير المحاسبة المصرية يمثل خطوة محورية في هذا الاتجاه، حيث يساعد الشركات على التعبير بدقة عن مراكزها المالية ونتائج أعمالها، بما يدعم اتخاذ قرارات تمويلية واستثمارية سليمة. وقد شهدت الفترة الماضية تطويراً شاملاً لمعايير المحاسبة المصرية، بدءاً من تطبيق مبدأ القيمة العادلة في تقييم الأصول، مروراً بالاستثمار العقاري وحقوق الملكية. وفي سياق متصل، أوضح رئيس الهيئة أن صناديق الاستثمار في المعادن – وعلى رأسها الذهب – تمثل تشريعاً مبتكراً جذب أكثر من 200 ألف متعامل بصافي أصول تجاوز 2.7 مليار جنيه حتى نهاية أغسطس الماضي. كما أشار إلى أن تنظيم منصات الاستثمار الرقمية في وثائق الصناديق العقارية يتيح حلولاً ميسّرة وآمنة للاستثمار في الحصص العقارية، مؤكداً أن التحول الرقمي والابتكار يمثلان ركيزتين أساسيتين لتحقيق الشمول المالي والاستثماري والتأميني. وأكد فريد أن التحدي الحقيقي لا يكمن في مجرد ابتكار أدوات جديدة، وإنما في بناء منظومة متكاملة تتضمن بنية تشريعية متطورة، وممارسات حوكمة رشيدة، وشفافية مالية، بما يعزز ثقة جميع الأطراف في السوق. وأشار إلى أن مصر حققت خلال السنوات الأخيرة تقدماً ملموساً في تحسين البيئة القانونية والتنظيمية، حيث أصبحت الجهات الرقابية أكثر تعاوناً مع الشركات طالما التزمت بالقانون، وأضاف أن هناك دعماً حكومياً واضحاً لتسهيل إجراءات تسجيل الشركات والتعامل مع المتطلبات التنظيمية، وهو ما يعكس وعيًا متزايدًا من الدولة بأهمية دور الشركات الناشئة في تحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل. كما أشار إلى اهتمام الهيئة بإضفاء الطابع المؤسسي على الابتكار، بحيث لا يظل نهجاً فردياً، بل يتم دمجه في منظومة عمل مؤسسية مستدامة، وهو ما دفع الهيئة لإطلاق مبادرات مثل المختبر التنظيمي لدعم الأفكار الناشئة، وتحويل الابتكارات إلى مشروعات قابلة للتنفيذ، موضحاً أن تقبّل الرقيب للتطورات التكنولوجية لن يتحقق إلا إذا ارتبط بالالتزام الكامل بالأبعاد الرقابية، مثل قواعد القيد والتداول، ومتطلبات "اعرف عميلك"، والربط بقواعد البيانات، مؤكداً أن رؤية الهيئة ترتكز على أن التكنولوجيا هي مستقبل الخدمات المالية غير المصرفية بكافة أنواعها. واختتم رئيس الهيئة حديثه بالتأكيد على أن الصحافة شريك أساسي في دعم خطط التنمية الاقتصادية وخلق التأثير المجتمعي الإيجابي، مشدداً على تقدير الهيئة الكبير لجهود الصحفيين ودورها الحيوي في توعية الرأي العام وتسليط الضوء على مستجدات القطاع المالي غير المصرفي.