من جديد عاد الانتاج السمكي لبحيرة ناصر للتقهقر بشكل مخيف ليهدد اكبر المسطحات المائية العذبة في مصر بالتجريف, فخلال النصف الأول من العام الحالي بلغت نسبة التراجع نحو18 % عن مثيلتها في نفس الفترة من العام الماضي. وهو مايعد جرس انذار للمسئولين وعلي رأسهم الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي الذي يضع هذه البحيرة وماخلفها ضمن مشروع النهضة الكبري الذي يتبناه برنامجه الانتخابي. الأمر جد وخطير ويتطلب التدخل الفوري خاصة ان دماء مشاكل المسطح المائي باتت مهدرة بين جهات الاشراف المتعددة وهي هيئتا تنمية بحيرة السد العالي والثروة السمكية والاتحاد التعاوني وجمعيات الصيد ومحافظة اسوان. وما بين هؤلاء تتوزع الاتهامات, ففي الوقت الذي تحمل فيه الجمعيات وتتضامن معها مسئولة القطاع السمكي بالهيئة مسئولية تدهور الانتاج للانفلات الأمني وعدم القدرة علي مواجهة المهربين تصدر تصريحات من رئيس هيئة الثروة السمكية, يؤكد خلالها ان طموح هيئته هو الوصول بالانتاج السمكي للبحيرة إلي35 الف طن سنويا, ثم تعود الجمعيات للمطالبة بتوحيد جهة الاشراف علي البحيرة للثروة السمكية, بل وتطالب وزير الزراعة بإلغاء تخصيص تحصيل5 قروش عن كل كيلو لصالح هيئة السد العالي لانها وعلي حد قولها ليس لها دور فعال في تنمية الانتاج. وخلال اجتماع اللجنة العليا للاشراف علي البحيرة, وهو الاجتماع الشهري المعتاد وبلغة الأرقام التي لاتعرف الكذب تبين ان انتاج بحيرة ناصر السمكي في الفترة من أول يناير وحتي مايو من هذا العام بلغ6140 طنا وهي نسبة تقل بنحو18% عن مثيلتها في نفس الفترة تقريبا من العام الماضي مع الأخذ في الاعتبار ان موسم الصيد قد استمر هذا العام شهري ابريل ومايو وهما الشهران المخصصان لتوقف الصيد حفاظا علي تكاثر الاسماك. وارجعت الدكتورة الفت دنقي رئيسة القطاع السمكي بهيئة تنمية بحيرة السد العالي انخفاض الانتاج لعدة اسباب منها انخفاض منسوب المياه بسبب انحسار الفيضان وهبوب عواصف رملية وترابية متكررة ادت لعزوف الصيادين عن ممارسة اعمال الصيد وقتا طويلا, بالاضافة لزيادة معدلات التهريب للانفلات الأمني علي حد قولها بسبب انشغال اجهزة الأمن بتأمين المنشآت الحيوية والمهمة ولم تتطرق مسئولة القطاع السمكي بالهيئة خلال الاجتماع إلي خطورة اعمال التهريب وتأثيرها السلبي علي مستقبل الانتاج المهدد بالتجريف في ظل قيام المهربين بصيد اسماك تقل عن الوزن المسموح به بيئيا وقانونيا. اما مسئول مباحث التموين فقد جاء بيانه الرقمي كوميديا حين ابرز جهود رجاله بضبط4 متهمين فقط بالاضافة إلي4 سيارات تقوم بتهريب2.2 طن اسماك في الوقت الذي تتواصل عمليات التهريب جهارا نهارا بشوارع اسوان المختلفة وعلي عينك ياتاجر. ولم يكن بيان قائد مسطحات السد العالي الجهة المنوط بها تأمين المسطح المائي ومراقبته اقل من سابقه, حين اعلن عن ضبط16 متهما قاموا بتهريب3.1 طن من الاسماك, كما قام بضبط5 مراكب صيد مخالفة و450 مترا من شباك الغزل المخالف و9 موازين بالاضافة إلي7 مولدات واسطوانتي بوتاجاز. من جانبه أعرب الدكتور محمد فتحي رئيس هيئة الثروة السمكية عن أمله في ان يصل انتاج البحيرة إلي35 الف طن سنويا, وقال إن ذلك لن يتحقق إلا من خلال التنسيق ما بين الجمعيات العاملة في مجال الصيد والجهات الأمنية لمواجهة التهريب ومحاولات تجريف الثروة السمكية لحماية المسطح المائي, وأكد ضرورة استغلال المرابي السمكية بشكل جيد وتكثيف تواجد الصيادين المرخص لهم في مناطق الصيد وعدم السماح بتواجد اللنشات غير المرخصة بالصيد وقال فتحي ان الهيئة استجابت لطلب الجمعيات بتخصيص ماعون اضافي للنقل بجانب الماعون الاصلي علي ان يكون مدعما بثلاجة لحماية الانتاج المصاد من التلف بشرط عدم اضافة اي مراكب جديدة. ومن الجمعيات قال حمدي عبدالظاهر عضو مجلس إدارة جمعية ابناء اسوان لصيد الاسماك ان الارقام الحقيقية للانتاج السمكي تختلف تماما عن ما يتم إعلانه, حيث لاتدخل في هذه الأرقام نسبة ما يتم تهريبه, كما ان هناك البعض من عديمي الضمائر يرفضون الافصاح عن انتاجهم الذي يتم نقله من خلال الجهات الرسمية للهروب من دفع الرسوم المقررة ب250 جنيها عن كل طن, وللأسف يشيرون إلي نصف ما يقومون بنقله, كما ان هناك من يقوم بنقل انتاجه من شواطئ البحيرة مباشرة ولايدخل ضمن الأرقام الرسمية, ويقول عبدالظاهر ان التهريب موجود ولابد من مواجهته بكل حزم وقوة عن طريق الجهات الأمنية وليس الجمعيات حتي لايتسبب ذلك في اراقة بحور من الدماء خاصة وان بؤر المهربين معلومة وواضحة. ويشير عبدالظاهر إلي ان مشاكل بحيرة ناصر سببها الرئيسي هو تعدد الجهات المشرفة عليها ويقول: طلبنا من وزير الزراعة ان تنقل جميع اختصاصات القطاع السمكي من هيئة بحيرة السد العالي إلي هيئة تنمية الثروة السمكية فهي الجهة القانونية المنوط بها ذلك, كما طلبنا وقف تخصيص دفع50 جنيها عن كل طن لصالح السد العالي فهم وعلي حد قوله لايؤدون دورا إيجابيا علي ان يتم تخصيص هذه النسبة لصالح حساب الضرائب العامة وصندوق الادخار للصيادين. وحول المرابي السمكية داخل المسطح المائي قال: إن جميع الجمعيات قد تسلمت من الشركات الاستثمارية المرابي الخاصة بها عدا جمعية اسوان حيث تقع في منطقة شنيارة الغنية بالاسماك, ونطالب الأمن بتحريرها من قبضة من يستولون عليها خاصة انها لاتدخل ضمن الانتاج المعلن للبحيرة. واخيرا نقول هل نستطيع ان نعيد لبحيرة ناصر توازنها المفقود في العهد الجديد الذي سيقوده اول رئيس منتخب لمصر؟