أطلقت الدستورية العليا رصاصة الرحمة علي المرحلة الانتقالية وأعلنت رسميا موتها, والمفارقة أن موتها جاء في اللحظة التي تصور البعض انها نجحت في انتخاب برلمان ورئيس, وتشكيل تأسيسية الدستور, والاتفاق علي موعد لعودة الجيش الي الثكنات. نهاية غريبة لأنها عكس التوقعات ولانها تؤكد ضرورة البدء في مرحلة انتقالية جديدة أو ملحق للمرحلة الانتقالية التي رسبت في امتحانات ومواقف كثيرة. والإشكالية الاولي ان المجلس العسكري والمرشحين للرئاسة لم يدركوا معني ودلالات موت المرحلة لانتقالية لذلك تمسكوا باستكمال الانتخابات الرئاسية, حتي يكون لمصر رئيس منتخب, وكان الاجدي ان يؤجل المجلس العسكري جولة الاعادة, ويجتمع مع الاحزاب والقوي السياسية للحوار والنقاش بشأن مرحلة انتقالية وخريطة طريق جديدة, وفي هذا الاجتماع لابد من بحث كل الافكاروالبدائل بما فيها عودة الجيش الي ثكناته وتشكيل مجلس رئاسي, وحكومة ائتلافية, مع البدء بكتابة دستور, ثم اجراء انتخابات برلمانية, يليها إجراء جولة الاعادة بين شفيق ومرسي, او اجراء انتخابات رئاسية جديدة. القصد ان احكام الدستورية تعني فشل المرحلة الانتقالية بكل مؤسساتها واجراءاتها وضرورة البدء من جديد, طبعا قد يرفض الباحثون عن الاستقرار هذه الحقيقة, لكن معطيات الواقع وتوازنات القوي تفرض البدء من جديد, والتضحية بانتخابات الرئاسة لان الرئيس المنتخب أيا كانت شخصيته لن يحقق الاستقرار وسيواجه مشاكل هائلة اهمها انه بلا صلاحيات الرئيس, ولايعرف ماطبيعة الدولة والنظام السياسي, وماهي الجهة التي سيقف الرئيس ليؤدي امامها القسم, هل يقسم امام المجلس العسكري الذي آلت اليه السلطتان التنفيذية والتشريعية, أم المحكمة الدستورية؟ وهل يمكن كتابة الدستور في ظل وجود رئيس, فتخضع هذه العملية لتأثير وجوده, اضافة لتأثير المجلس العسكري الممسك بالسلطة التشريعية, والذي لن يعود الي ثكناته في الشهر القادم, ثم هل ينهار التشكيل الحالي لتأسيسية الدستور أو تنهار, مايعني عمليا تأخر كتابة الدستور, واستمرار المجلس العسكري في الحكم الي أن ينتخب رئيس وبرلمان. أسئلة كثيرة وغموض أكثرلأخطر عدم وجود خريطة طريق بديلة, صحيح ان هناك مئات الافكار والمقترحات تداولتها نخبتنا السياسية البائسة, لكن الاشكالية الثانية ان اغلب المقترحات تفتقر للخيال السياسي والرؤية الشاملة, وتقيد نفسه ضمن مواد الاعلان الدستوري والاجراءات القانونية, بينما نحن في حاجة الي رؤية غير تقليدية تتجاوز هذه القيود, وتركز علي كيفية الخروج من الازمة, اعتمادا علي شرعية الثورة, أو ماتبقي منها, وهنا تجدر الاشارة الي ان سلطات المجلس العسكري تقوم اساسا علي الشرعية الثورية التي استمدها الجيش من حمايته للثورة في25 يناير, وقد استند المجلس لهذه الشرعية في الاعلان الدستوري الذي صار محددا لكثير من اجراءات المرحلة الانتقالية, وبالتالي يستطيع ايضا الاعتماد علي الشرعية الثورية وتوافق القوي السياسية ويصدر اعلانا دستوريا مكملا, يحدد صلاحيات الرئيس واجراءات تسلمه للسلطة والاهم قواعد تشكيل مجلس رئاسي وتأسيسية جديدة للدستور, لكن قد يقال أن استفتاء مارس2011 ينص علي ان البرلمان هو الذي يختار التأسيسية, وبالتالي رجعنا تقريبا إلي نقطة الصفر, لكن بالامكان اجراء استفتاء علي خريطة طريق ودستور جديد.