هكذا أتي البرلمان بغرفتيه اختلفنا أو اتفقنا مع جماعة الإخوان المسلمين وهكذا أتت انتخابات الرئاسة التي ننتظر الجولة الثانية لها بعد أن أسفرت نتائج الجولة الأولي عن تقدم كل من الدكتور محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان والدكتور أحمد شفيق,إن المكسب الأهم وربما الوحيد لهذه الثورة أن الشعب استرد إرادته واختياره, أن صندوق الانتخابات لم تعد تعرف نتائجه مسبقا, وأن رئيس الجمهورية لم يعد يستفتي عليه أو تزور لصالحه أصوات الشعب, ويصطنع مجلسا تزور أجهزة الدولة إرادة الناس له.. استرد شعبنا حريته وسيعين هو حاكمه وسيحاسبه بتأييده أو رفضه!! هكذا أتي البرلمان بغرفتيه اختلفنا أو اتفقنا مع جماعة الإخوان المسلمين وهكذا أتت انتخابات الرئاسة التي ننتظر الجولة الثانية لها بعد أن أسفرت نتائج الجولة الأولي عن تقدم كل من الدكتور محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان والدكتور أحمد شفيق, والتي كان حصانها الأسود الأستاذ حمدين صباحي... الذي ظلمه تأخر مساندة الثوار له بعد تشتتهم بين الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين والمرشحين الاخرين كالناشط الشاب خالد علي والأستاذ أو العز الحريري وغيرهم من المرشحين الآخرين! ربما كانت صدمة للبعض حصول مرشح الإخوان علي المركز الأول أو حصول أحمد شفيق بفارق صغير علي المركز الثاني, رغم ان هذا ما أشارت إليه استطلاعات الرأي في الأسبوع الأخير بدرجة كبيرة, ولكن غلبت عواطف البعض المضادة لجماعة الإخوان المسلمين, بعد مسلسل أخطائهم وتراجعاتهم الطويل بعد الثورة, وكذلك عواطفهم تجاه أحمد شفيق ذي الخلفية العسكرية والمنتمية لعصر مبارك, والذي عين وزيرا حين ذاك, لما نسب اليه من نجاحات أثناء إدارته لوزارة الطيران, وعدم توجيه جرائم فساد له في عصر كانت سمته الغالبة فساد كثير من مسئوليه!! رغم أن هذا لا يعني فسادهم جميعا! وغرق هؤلاء في صدمتهم فاستمر بعضهم في إعلان مقاطعته لهذه الانتخابات, ورفضه لنتائجها, رغم اعترافه وعدم إنكاره لنزاهتها, مصرا علي التصويت فقط عبر تغريداته التويترية أو نفثاته الفيسبوكية, واتجه بعضهم يتزعمهم مرشح خاسر للاعتصام السلمي في ميدان التحرير, وتوجه بعض المهاويس لمقار حملات انتخابية يحرقها.. وكأنه ينفذ ما كان يقوله مبارك.. أنا أو الفوضي بشكل مختلف! لم ينتبه هؤلاء للدلالات الإيجابية لأول انتخابات رئاسية حقيقية في تاريخ مصر, وأهمها أنه ثبت لكل ذي عينين أن مرشحا مدنيا مثل حمدين صباحي أو منشقا عن أكبر جماعة إسلامية في مصر مثل عبدالمنعم أبوالفتوح يصر علي مدنية الدولة حصدا معا ما يزيد علي تسعة ملايين صوت, وكلاهما كان الأقرب من البارزين الخمسة للثورة حصلا معا علي النسبة الأكبر من الكتلة التصويتية, وما يزيد علي تسعة ملايين صوت, رغم التنظيمات الإسلامية, بل هزموها في عدد من معاقلها, مما يعني أن المدنية التي مثلت هدفا رئيسيا لهذه الثورة لها جمهورها وليست أحزابا كارتونية كما كان يقول العديد من شيوخ الدعوة السلفية وأنها ليست كفرا وخروجا ولكنها مطلب شعبي وليست مطلبا ثوريا فقط! ولكن عبر صناديق الانتخاب واستمرار المسار السياسي, دمجا للثورة في الدولة وليس حرقا من أحدهما للآخر! كما لم ينتبه هؤلاء لدلالة أخري قديمة جديدة وهي أن ثمة نزيفا كبيرا للمصداقية والشعبية لكل من الإسلاميين والثوريين علي السواء في الشارع المصري ذهب لصالح الفلول, فقد حدث الاستقطاب بينهما, وحلت المغالبة محل المشاركة التي وعد بها الإخوان, وتمزق قناع الصدق عن بعض الإسلاميين عبر حادثين معبرين, أحدهما متعلق بنائب سلفي في مجلس الشعب وآخر بمرشح مستبعد من السباق الرئاسي, كما تشتت شباب الثورة وصار الجميع زعماءها ويتحدثون باسمها, وتوزعت الائتلافات زرافات وظهرت أسماء مترادفة لا تعبر عن شئ غير محاولة احتكار الثورة أو ادعائها من قبل من لا يحسن الحديث باسمها أو عنها! فخسر هؤلاء جميعا وتعطش الشعب لعودة الدولة, التي لابد منها ولو كانت شرا, ووجد المحسوبون علي النظام السابق ضالتهن وفرصتهم تصويتا لهم, عودة للدولة بأهداف الثورة! أما الدلالة الأخيرة والأخطر فهي أنه رغم نجاح الثورة, حيث استرد الشعب إرادته واختياره, فشل الثوار في تنظيم أنفسهم أو مواقفهم السياسية, فانشغلوا بمعارك إقصائية فيما بينهم أو لمن يخالفهم, ولم ينجحوا في الحفاظ علي أهدافها أو التمكين لها, فحلت الشعارات الدينية والطائفية أحيانا محل شعاراتها المدنية المواطنية, ورفعت قضايا تقيد الفن وتحاسبه دينيا رغم رفعها راية الحرية, وسادت المليونيات غير المنظمة محل التنظميات الممنهجة, وسادت لغة التخوين بين الثوار وبينهم وبين غيرهم محل لغة التنوع والديمقراطية! ومن هنا أري أن المكسب الوحيد والأهم لهذه الثورة هو أن الشعب استرد إرادته وقدرته علي الاختيار دون وصاية من الدولة أو الثورة معا.. وأن علي الجميع أن يحترم هذا الاختيار وهذه الإرادة أما غير ذلك والله علي ما أقول شهيد فمزايدة وادعاء واحتكار لما يملكه الشعب ثورته ودولته... حضر الشعب وعلي الثوار أن يلتفتوا له حشدا وتنظيما عاقلا وسلميا, تربية علي أهداف الثورة وليس انعزالا في الميادين وتعطيلا لحركة مروره نحو مستقبله! الاحتجاج أسهل ما يستطيعه الغاضب, لكن الإقناع والقناعة لدي هذا الشعب أقوي ما يملكه العاقل!