أخشي القول إننا نبحث عن الاعلام الجديد في المكان الخاطئ تماما, وعلينا بداية تحديد العنصر المتغير في المعادلة الإعلامية القائمة حاليا مقارنة بما كان قبل ثورة يناير. الفضائيات وبرامج ال توك شو لا تزال الأقوي علي حساب التليفزيون الرسمي الذي يبحث بدوره عن هويته وسط محاولات ساذجة لاحياء الإعلام الشمولي الذي عرفته مصر في الستينيات وقت ازدهار الاشتراكية والشيوعية في العالم. وبالنسبة للصحافة وعلي الرغم من صعوبة الموقف مهنيا واقتصاديا نتيجة عمليات التجريف المتعمد لأصول المؤسسات القومية ومواردها طوال العقود الماضية تجري عمليات الترميم الضرورية, في الوقت الذي تنطلق فيه المنافسة علي اشدها مع كيانات واصدارات مستقلة تعرف طريقها جيدا ولديها التمويل اللازم للوصول الي أهداف بالغة الأهمية بالنظر لطبيعة مرحلة التحول التي تعيشها مصر. وبصفة عامة نستطيع القول: إنه لا جديد في موازين القوي التي تحكم المشهد الإعلامي باستثناء ما جاء علي لسان الحاجة نادية أمس مؤكدا أن التغيير الحقيقي والمؤكد حدث بالفعل للمشاهد والقارئ وان المجال الحيوي للإعلام الجديد لن يكون ابدا داخل الاستوديوهات وصالات التحرير وقاعات المؤتمرات والندوات وإنما هناك حيث يتبلور الرأي العام بطريقة تختلف جذريا عما يحدث قبل الثورة. الفكرة الخاطئة السائدة أن كلمة من الكاتب الكبير أو مداخلة من النجم الجماهيري أو إطلالة لنخبة من الوجوه القديمة التي تعاود الظهور في ادوار جديدة, من شأنه إحداث التأثير المطلوب كما تعودنا في الماضي ولكن الحساب الجماهيري بات متحركا وقد تسقط كلمة أو موقف خاطئ كل الرصيد الممنوح لذلك الصحفي أو الناشط, مهما تكن درجته قبلها. والمعني أن هناك ما يشبه ماكينة الفرز الشعبي لتقييم الحصاد الإعلامي اليومي. المفتاح هناك عند مداخل ماكينة الفرز العملاقة ومخارجها وهي بالمناسبة لايمكن السيطرة عليها ولو بالأقمار الصناعية لأنها وببساطة شديدة داخل عقول هذا الشعب الذي استيقظ واستعاد وعيه الي الأبد. [email protected]