ماأن تخرج مصر من مشكلة حتي تجد نفسها في مشكلة أخري أكبر.. والمشكلة القائمة الآن هي الدستور.. فبينما يصر الاسلاميون ممثلين في أغلبية مجلس الشعب والشوري علي أن يمثلوا50 % من الهيئة الاستشارية التي ستضع بنود الدستور. يري الآخرون المستنيرون أن من حق كل فئات الشعب أن تشارك في وضع الدستور.. حيث أنه ليس ملكا لفئة معينة.. ولا هو ذو صبغة خاصة وإنما هو دستور مدني يصلح للحاضر والمستقبل معا. لقد جاءت الانتخابات بالاخوان وبالسلفيين.. فازدادوا زهوا بأنفسهم والحقيقة أن الناس انتخبوا ربنا انتخبوا الله.. انتخبوا العدل والحق ورأوا أن الجماعات الاسلامية المنتخبه سيحققون لهم أو سيكونون واسطة بينهم وبين الله( في الدنيا والآخرة) حيث أن الشعب المصري من أكثر الشعوب تدينا واحتراما لرجال الدين منذ عهد الفراعنة وحتي اليوم.. ولذلك لم يفرق الناس بين الطيبة والسياسة فالحكم يحتاج إلي دراية ودراسة وعلم وثقافة وشخصية وفهم عميق للأمور وممارسة أيضا وهو مالا يوجد فيمن انتخبوهم لأسباب أخري.. ثم إن هناك شيئا أهم.. وهو أن الحياة بحكم قوانينها لا تسير إلي الوراء ولا ترجع إلي الخلف ولا تتوقف أيضا إنما تسير حسب عجلة رياضية منذ عصر النهضة إلي الأمام خصوصا في عصرنا الحالي هذا.. عصر التكنولوجيا والعقل.. إذ أصبح الاستعمار الجديد يعتمد علي التفوق العقلي وليس الانفعالي يعتمد علي الفكر لا العاطفة.. فأمريكا تتحكم اليوم في العالم لأنها أكثر الدول تقدما وبالتالي قوة حيث هي مأوي لكل العقول الباحثة المهاجرة إليها من الدول المتخلفة نجاة من الجهل والتخلف. لقد مرت أوروبا قبلنا بأشكال من الحكم الديني ودفعت في ذلك ملايين القتلي في صراعها من أجل التنوير.. إلي أن وصلت اليوم إلي ماوصلت إليه من الوعي والتقدم.. فهل نستفيد من تجارب الغير؟ إن معركة الدستور يجب أن تحسم لصالح التنويريين ولصالح الأمة ومصلحة الأمة.. ويجب أن يكون الحاضر والمستقبل هو النور الكاشف والهادي لبنود الدستور فالشعب المصري ليس حكرا علي أحد.. كما أن الذوق المصري ليس متطرفا بحال من الأحوال إذ أنه نسيج وحده.. فهو الشعب الذي حول الموت إلي حياة منذ عهد الفراعنة والذي قام بالثورة من أجل حياة مختلفة لا من أجل أن يدفن من جديد. [email protected]