صديقي الكاتب المسرحي السيد حافظ يعد الآن كتابا موثقا عن الشخصية المصرية.. الثوابت والمتغيرات وهو يري أن أهم الثوابت في الشخصية المصرية هو الدين أو الايمان بالخالق ثم العدل. وذلك منذ التاريخ المصري القديم وحتي اليوم.. وقد نبهته أو ذكرته ونحن نتحدث عن الثورة المصرية الآن بأول ثورة في تاريخنا المصري الفرعوني وهي الثورة في عصر الملك سيتي الأول علي ما أذكر والمسماه ثورة الشباب حيث ثار الشباب علي الملك وبطانته من الكهنة والمقربين والذين كانوا يحتكرون علاوة علي الدنيا.. الآخرة أيضا وحيث كان الشباب يطالب بحقه في الجنة السماوية.. ما أقرب اليوم بالبارحة!! لتكاد مطالب الثورة اليوم رغم آلاف السنين تطالب بنفس المطالب.. العدل.. المساواة وبالتالي الحرية.. وهي أيضا نفس مطالب الثورة الفرنسية أو تقريبا كل الثورات. * ولأن الظلم باق ما بقيت الحياة.. فستظل هناك ثورات من الشباب.. ذلك لأن غير الشباب من الكهول والشيوخ والصامتين يعتادون بالتكرار الواقع المفروض عليهم إما بالاستناد الي مرجعية دينية أو بالاستسلام بل قد يصل الرضوخ الي ما يطلق عليه العبودية المختارة لكن مصر بلد حي.. بتاريخه وجغرافيته وشخصيته التي اكتسبتها علي مر العصور والتي أكسبته سبيكة خاصة تدخل في تركيبه الأساسي عنصر المقاومة الشعبية التي أضيفت لمعدنه الأصيل من كثرة مستعمريه. إن مصر الآن بقوة الشباب يعاد تركيبها بعد أن تيبست مفاصلها طوال ثلاثين عاما هي مدة حكم النظام السابق الذي نجح بنوع من الكفر في إفساد كل شرايين الحياة فيها ولعلي أطالب بمحاكمة مبارك لا علي ممتلكاته المسروقة أو حتي قتل المتظاهرين في التحرير وإنما لقتل الشعب المصري كله إلا بطانته من اللصوص! نحن لم نسمع من قبل عن المليارات إلا في ميزانيات الدول.. ولم نسمع من قبل عن منح ملايين الأمتار وآلاف الأفدنة لأشخاص بعينهم مكافأة لفسادهم إلا في ذلك العهد ولذلك حين يستمر الشباب في ثورته.. وحين يعتصم فلأنه ليس مظلوما فقط ولكنه ممرور لقد كانت مصر تباع بلا ثمن.. وكانت تدار بنظام الاقطاعيات في السر.. في نفس الوقت الذي كان الاقطاعي من هؤلاء يصرف الملايين في الأفراح والسهرات الخاصة كان هناك مصريون إخوة له لا يجدون الجنيهات القليلة لاحضار الدواء أو الغذاء لأبنائهم الصغار.. بل ولا يجدون المسكن أو الغطاء ويبيتون في العراء والمحظوظون منهم ينامون في أعشاش من الصفيح وسط العقارب والثعابين!. * العدل إذن هو المطلوب.. ولقد دفع الشهداء من خيرة شباب الثورة ثمنا غاليا.. ضحوا بحياتهم من أجل أن يحيا إخوتهم.. ولأن مصر محروسة من الله.. فستنتصر ثورتها وتحقق أهدافها مهما مكر الماكرون. [email protected]