لعل أحدا لم يغن أغاني وأناشيد وطنيه قدر ما فعل عبدالوهاب.. منذ نشيد العلم في الثلاثينات وحتي صوت الجماهير في الستينيات مرورا ب دمشق وفلسطين والروابي الخضر ودعاء الشرق وكثير وكثير غيرها.. هذا المبدع الكبير الذي بدأ الغناء منذ كان صبيا صغيرا يقلد أدوار المشاهير وقتها.. ثم تبناه أمير الشعراء وأخذ بيده ثم واصل هو الرحلة حتي أصبح يلقب بحق ب موسيقار الأجيال ذلك أنه لحن لجميع المطربين والمطربات الكبار من جميع الأجيال.. حتي أصبح جزءا من نسيج الشعب المصري والعربي. تحل ذكري ميلاد عبدالوهاب المائة وعشرة هذه الأيام حيث ولد في12 مارس عام1902, ولا أود أن أقول متي رحل عن عالمنا لأنه في الحقيقة لم يرحل وليس أدل علي ذلك من أن أغانيه لثورة يوليو وما بعدها عادت تنبض وتتردد ثانية بين الجماهير في ميدان التحرير مع ثورة25 يناير. * ربما يعرف الكثيرون الجانب الموسيقي من حياة عبدالوهاب من خلال أغانيه الحية وتجديده في الموسيقي واستفادته من الآلات الغربية والألحان الغربية أيضا ومزجها بالروح الشرقية ليخرج لنا الألحان الخالدة. لكن ماذا عن عبدالوهاب المثقف الذي استفاد من ثقافة وعلم وذوق أحمد شوقي أبيه الروحي؟ يقول عبدالوهاب عن أحمد شوقي: تعلمت منه أن من يعطي الفن يأخذ منه. وقد عودت نفسي أن أحب فني وأعامله تماما كما يعامل المحب الولهان حبيبته.. وهذا الحب لم تنطفئ جذوته منذ شبابي وحتي شيخوختي.. بل يزداد عمقا فأنا اليوم أشد رغبة في الاختلاء بفني لكي أطوره مع كل الأحاسيس والأفكار الجديدة. وعن الحياة يقول عبدالوهاب: الحياة سرب حامل للجمال.. وللفنان أعين تبصر ما لا يري بالعين المألوفة.. والجمال ظاهر وباطن والجمال الباطن أعظم وأبلغ تأثيرا. وعن لحظة الوحي والإلهام: إنها القدر.. القدر لحظة أن ينطق كلمته.. لحظة الميلاد التي لا يمكن أن تحدد بزمن أو ميعاد.. وهي لحظة قلق وتوتر ومشقة.. إنها المعاناة في سبيل الابداع والخلق.. والموهبة وحدها لا تكفي. وعن العلاقة بين الدين والفن: الدين فن.. والفن دين.. كلاهما يبحث في الحقيقة ويهدف إلي الحق والخير والجمال. وعن الموسيقي: الموسيقي عالم من الأرواح الخالصة قد خلا من كل مادة.. نحس معها بمتعة لا نستطيع تعليلها.. لكنها تطهرنا. وعن الفن عموما: الفن خلاص من الأوهام.. والفنان هو رسول الجمال إلي هذا العالم.. هذا إذا كان صادقا في رسالته.. أو رسول القبح إذا كان كاذبا مزيفا. رحم الله عبدالوهاب.. وعاش فن عبدالوهاب [email protected]