تحدثنا كثيرا عن زيادة عدد المدارس وقمنا بإنشاء هيئة الأبنية التعليمة لبناء الآف المدارس هذا شئ جيد ولكن بدائيات تطوير التعليم تقول ان الطالب المدرسي هو محور العملية التعليمية. هذا يعني ان تطوير التعليم لابد أن يبدأ بما يتلقاه الطالب من مادة تعليمية والطريقة التي يتم بها توصيل المعلومة اليه هذا يعني تطوير المنهج العلمي أولا ثم تدريب وإعادة تأهيل المدرس لاتباع وسائل حديثة لتوصيل المادة العلمية المتطورة إلي التلميذ المدرس الذي تم تهميشه للعديد من السنوات مما أدي لانخفاض مستوي دخله حتي لجأ عدد كبير إن لم يكونوا جميعا إلي الدروس الخصوصية ولكن الكثير من المدرسين اضطر إلي بعض الأعمال التي لاتليق بالمعلم المصري وهي مثلا سائق تاكسي أو صاحب كشك أنا شخصيا جاري الحلاق في منزلنا القديم الذي ولدت وعشت فيه في اوائل حياتي قبل السفر إلي المانيا هو اصلا مدرس ومازال يمارس المهنتين الحلاقة وقيادة التاكسي مهن محترمة ولكنها ليست للمدرس الذي انفقت عليه الدولة الكثير ليعطيها في المدرسة وليس في صالون الحلاقة. * حتي نحافظ علي المدرس ونجعله مؤهلا لتدريس مناهج مطورة وكذلك نشعره باهتمام الدولة وحتي لا ينسي انه مدرس ويتحول إلي حلاق أو سائق تاكسي لابد من تدريبه بشكل دوري علي مناهج تعليمية حديثة تتواكب مع المتغيرات المحلية, الإقليمية والدولية بالإضافة طبعا إلي الاهتمام بتوفير حياة كريمة له ولأسرته. * لابد أن نعيد التفكير ونرتب أولويات تطوير التعليم لتصبح(1) المادة التعليمية.2) المدرس.3) المكان أو المدرسة والمكان لايعني مدرسة بالرخام والجرانيت وانما المكان صحي ونظيف ويتناسب مع عدد الطلاب حتي ولو كان من الطوب اللبن وسعف النخيل من الأولي مثلا أن نهتم بدورات المياه بدلا من المبالغ الباهظة التي نتفق علي شكل ولون الحوائط. * إنه لا سبيل للتقدم والنهوض بمصر بدون فهم وتطبيق فكرة التنمية المستدامة التنمية التي تضمن لنا التقدم وفي الوقت نفسه الحفاظ علي البيئة بما فيها مصادر المياه, والهواء, التربة والموارد الطبيعية بشكل عام لابد وأن نبدأ بالمادة التعليمية لتوصيل فكرة توفير الطاقة, واستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة لابد ان تعرف الأجيال القادمة ما هو نهر النيل ومصدره وما هي الدول التي تلعب دورا مهما في كمية المياه التي تصل إلينا لابد أن يتعلم ابناؤنا الفرق بين الزراعة التقليدية والحيوية وكيف تحافظ الزراعة الحيوية علي صحتنا وعلي التربة والبيئة لابد ان يفهموا لماذا يجب الحفاظ علي الأنواع المختلفة من الكائنات الحية المحيطة بنا وما تأثير انقراضها أو نقصها علي حياتنا العديد من الموضوعات النابعة من محيط الحياة اليومية التي تربط الإنسان بالبيئة المحيطة به بما في ذلك تعامله مع الأفراد لابد ان نعلمهم معني وفوائد العمل الجماعي حتي يتخلص ابناؤنا من الفردية التي هي من الصفات السيئة في مجتمعنا لابد ان نعلمهم معني وفوائد العمل الجماعي هذا هو التعليم من أجل التنمية المستدامة. * التعليم من أجل التنمية المستدامة لا يعني إطلاقا إضافة مواضيع جديدة أو كتب إلي المنهج المدرسي علي العكس هذا النوع من التعليم يشجع الحوار مع التلميذ واللعب والخروج من الفصل للتعلم والاستفادة من البيئة المحيطة وتعلم كيفية التعامل معها هذا بالضرورية يؤدي إلي تقليل المواد النظرية والحشو, الموضوع ليس حفظ جدول الضرب غيبا الموضوع كيف تطبق جدول الضرب في حياتك اليومية وتعاملاتك التعليم من أجل التنمية المستدامة يعني فقط إعادة توجيه المناهج الحالية بشكل علمي إلي مثل هذه الموضوعات التي يمكن دمجها في الرياضيات, اللغات, الدين, الجغرافيا, التاريخ, حتي في حصة الألعاب. * وهذا هو الاتجاه في العالم وتحث عليه منظمة اليونسكو والمنظمات العالمية منذ سنوات حتي ان اليونسكو خصصت العقد ما بين2005 وحتي2014 للتعليم من أجل التنمية المستدامة لقد مضي7 سنوات من هذا العقد ولكن لا أحد يسمع ولا أحد يري ماذا يحدث في دول أخري وانما نتكلم فقط. * من العجيب والمذهل ان الفكر لم يتغير فلقد حاربت الكثير في السنوات العشر الماضية في مشاريع نموذجية لتطوير التعليم في مصر التي وصلت قيمتها إلي30 مليون جنيه مصري تم الحصول عليها من الاتحاد الأوروبي لعمل نماذج لتطوير التعليم في الجامعات المصرية ولكن لا أحد يري ولا يسمع لكي يستفيد من هذه النماذج ويقوم بتعميمها ونشرها نحن فقط نتكلم عن خطط لا أحد ينظر إلي ما يحدث فعلا من امثلة جيدة يمكننا الاحتذاء بها والاستفادة منها. * نحن الآن بصدد مشروع آخر تم تمويله من الاتحاد الأوروبي بمبلغ1.3 مليون يورو( حوالي10 ملايين جنيه مصري) تحت برنامج تيمبوس لتطوير التعليم هذا المشروع يهدف إلي إدخال بعد التنمية المستدامة للصف الدراسي الخامس والسادس الإبتدائي كذلك الأول, الثاني والثالث الإعدادي يشارك في هذا المشروع خبراء في التعليم من أجل التنمية المستدامة من المانيا, والنمسا والبرتغال ويتم إتباع احدث الطرق العلمية في وضع مواد, تجارب والعالب يقوم المدرس في الفصل وخارجه بتطبيقها مع التلاميذ لتوصيل فكرة التنمية المستدامة في مصر للأجيال القادمة كما يشارك في هذا المشروع من جامعات القاهرة, الاسكندرية, الفيوم, الزقازيق, قناة السويس, الجامعة الأمريكية, ومكتبة الاسكندرية وغيرها من المنظمات غير الحكومية واحدي الإدارات التعليمية التابعة لوزارة التعليم ووزارة التعليم العالي. في هذا المشروع تمت مراجعة وتحليل جميع المقررات في السنوات الدراسية السابق ذكرها تم إتباع احدث الطرق العلمية في وضع مواد تجارب وألعاب كوسائل تعليمية تكميلية يقوم المدرس في الفصل وخارجه بتطبيقها مع التلاميذ لتوصيل فكرة التنمية المستدامة في مصر للأجيال القادمة هناك بعض الألعاب التي يتم تصميمها بشكل مبسط لتوصيل اعقد النظريات العلمية بطريقة مرحة وجاذبة للأطفال علما بأن معظم المواد المستخدمة في مثل هذه الألعاب لا تتعدي تكلفتها بعض الجنيهات القليلة. في المرحلة القادمة وبعد الانتهاء من إعداد وسائل تعليمية تكميلية تتم الاستعانة بها بجانب الكتاب المدرسي فسوف يتم إعداد برامج تريبية للمدرسين لاستخدام وتطبيق هذه الوسائل المساعدة داخل الفصل وخارجه ولكن يبقي السؤال من كيف وأين سوف يتم تدريب جميع مدرسي مصر؟ إن فكرة هذا المشروع هو إعداد جيل من اساتذة الجامعات قادرين علي تدريب مدرسي المدارس علي التعليم من أجل التنمية المستدامة سوف يقوم هذا المشروع بتوفير الأدوات والمعدات اللازمة لهذه النوعية من التدريب للجامعات المصرية بغرض تقديم خدمة التدريب للمدرسين وهي أدوات رخيصة الثمن يمكن توفيرها في أي مدرسة. * في حالة اهتمام وزارة التعليم بهذا المشروع والإستفادة منه واعتبار هذه المراكز التدريبية التي سوف يتم اعدادها بالجامعات المصرية مراكز تدريب معتمدة لوزارة التعليم فإنه يمكن استخدامها لرفع كفاءة المدرس وتأهيله لكي يرتقي من الكادر الذي تم تسكينه عليه إلي كادر اعلي اعتقد بعد هذه المبادرات والمشاريع لم يكن في وسعنا إلا ان ندعو ان يقلل السادة المسئولون من الكلام ويسمعوا ويروا هذه المبادرات. المدير الأكاديمي لقسم هندسة المياه جامعة آخن بألمانيا.