img border='0' alt='خواطر سينمائية قتل السينما علي مذبح الجدية' بالألوان الطبيعية'(1 من2)' title='خواطر سينمائية قتل السينما علي مذبح الجدية' بالألوان الطبيعية'(1 من2)' src='/MediaFiles/mmmm6911_37m_30_3_2010_0_52.jpg' السينما الجادة في مصر كالطفل اللقيط يتبرأ الجميع منها, فلا يرغب احد أن ينتجها أو يقترب منها. التهرب من السينما الجادة يكون تحت دعاوي أنها سينما لا جمهور لها تخسر من ينتجها وأن الجمهور لا يقبل عليها نتيجة لأن المجتمع أصبح معاديا للفكر والثقافة بشكل عام, وأخذ أفراده في التوغل في اللاعقلانية متحصنين بها ضد الجنون المجتمعي المتولد كل يوم. في ظل حالة الفردية السائدة و فقدان الأمل في أي عمل جماعي من أجل التغير أصبح الفكر و الجدية سبة وعتها لأصحابه. في هذا الجو العام السائد أصبح صانعي السينما الجادة في مأزق شديد, فهم لا يجدون من يمول أفلامهم التي تتسم( بثقل الدم) والدخول في موضوعات مقلقة لا تجد أي تقبل لدي الجمهور, بالإضافة إلي أنهم يحاولون الاستمرار والتمسك بتوجهاتهم الفكرية في مناخ من الجدب و الفقر الفكري والنقدي لا يساعدهم علي التفاعل المثمر من أجل تطوير ملكاتهم وأفكارهم. يستعذب صناع السينما الجادة في ظل المناخ السائد' تلبس' شخصية الضحية..... المفكر في محيط من الجهل, شخصية السابح ضد التيار, شخصية المتمسك بأفكاره والتي من دونها الموت. هذه الحالة التي تجعل من صانع السينما الجادة يقف في وجه جميع منتقديه من منتجين وجمهور عابث, ووسائل أعلام سطحية, وحركة نقد متدنية, تصنع منه بطلا أسطوريا يواجه القدر. يؤدي هذا إلي أن نجاحه في تقديم أفكاره التي يواجه بها السائد والمسيطر يعد في حد ذاته هو النجاح متناسيا أن تلك الأفكار تقدم من خلال فيلما سينمائيا له شروطه الفنية والدرامية يجب الالتزام بها أيا كانت الأفكار المقدمة, فمعظم صانعي السينما الجادة يركزون فقط علي قدر الأفكار التي يعكسها عملهم السينمائي دون النظر لدرامية تلك الأفكار ولا لتماسك السيناريو الذي تقدم من خلاله تلك الأفكار فتأتي أفلامهم عبارة عن مجموعة من متراصة من الأفكار وإعلان النوايا.... فرحين بقدر الصدمات الكهربائية التي تقدمها تلك الأفكار وقدر خروجهم عن النص المجتمعي السائد الذي تحققه تلك الأفكار, غير ملتفتين لفجاجة ولا درامية وتفكك العمل السينمائي المقدم. وبما أن صانع الفيلم الجاد هو مقاتل اسبرطي في وجه جموع وجحافل الأفكار السائدة منذ أن يكون الفيلم فكرة في رأسه, حتي تنتقل علي الورق لتدخل محرقة الرقابة, ثم تبدأ رحلة البحث عن المنتج, إلي أن يتحول العمل لفيلم في صورته النهائية يخرج من المعمل, وتبدأ رحلة البحث عن موزع يقبل توزيع الفيلم في صالات العرض.... حتي المرحلة النهائية بعد العرض في مواجهة حركة النقد العشوائي التي تناقشه وتجادله في السمات المعادية لمصر في شخصية البطل, والجنس الصارخ في علاقة فتاة الليل مع صديق البطل وكثرة المدخنين طوال الفيلم وأثره علي الصحة, وصوت الأذان المصاحب لمشهد مباراة كرة القدم وإيحاءاته المعادية للإسلام وغيرها من التحف التي تذخر بها صفحات النقد الفني في الصحف السيارة والتي تنم علي أن حركة النقد الفني والسينمائي تعاني من مرض عضال لا أمل في الشفاء منه. كل هذا يجعل من مبدع السينما الجادة أصم لا يستمع لأي نقد حتي لو كان مختلفا عما يسود الوسط النقدي الصحفي, حول مباشرة العمل ولا دراميته والخطابية المسيطرة علي شخصياته..... فهو يري الكل معاديا للعمل لكونه مختلفا وجادا, وبالتالي فإن كل الأعمال الجادة( تقريبا) تقع في نفس الأخطاء ويكرر صانعوها نفس التشوهات, فهم لايرون علي وجه المياه سوي صورتهم التي تقول لهم إنهم أجمل من بالجزيرة وأن من يقول غير ذلك هو من فصيل معادة النجاح والجدية, وهي نفس أصوات نعيق بوم الجهل والمزايدة والغوغائية..... وتقتل السينما علي مذبح الجدية. وتظل أفلامنا في إطار المحلية أو تزور مهرجان طنجة أو سيدي سعيد وتنحدر السينما المصرية لهوة سحيقة من الميلودراما المحملة بأفكار و لكنها أفكار بلا سينما وأبطال ليسوا سوي أبواق تزعق بما يريد صانعو الفيلم أفكار, وتنتهي علاقة السينما بالعمل و تترك المجال للهتاف. [email protected]