وقف الجنزوري يوما أمام مجلس الشعب واطلق صيحة مصر لن تركع وقتها صفقت مع أعضاء مجلس الشعب وأنا أمام التليفزيون أشاهد خطابه وبعدها بأيام جرت الوقائع المهينة لسفر الأمريكان المتهمين في قضية منظمات المجتمع المدني رغم أنف الحكومة. نجح الجنزوري في رفع سقف الكرامة الوطنية والشعور الطاغي بأننا بلد يستطيع مناطحة أمريكا ندا بند. وشعرت وأنا استمع لخطابه الأول أمام مجلس الشعب أنه قد يكون حفيد الزعيم أحمد عرابي الذي أطلق من قبله صيحته الشهيرة في مواجهة الخديو: لقد خلقنا الله أحرارا ولن نورث بعد اليوم.. وبعد فضيحة سفر الأمريكان احسست أنه قريب حامد كرزاي رئيس أفغانستان موقف الجنزوري هذا أثار لدي تساؤلا: لماذا يكذب المسئولون علي الشعوب خاصة في دول العالم الثالث؟ هل يعتمدون علي أن ذاكرة الناس لاتحتفظ لأوقات طويلة بهذه التصريحات؟ أم أن المسئولين يعتقدون أننا شعب عاطفي يمكن استقطابه ودغدغة مشاعره بالتصريحات العنترية التي لاسند لها في الواقع؟ أم الاثنان معا؟ ونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني ألقي كلمة علي الشعب بعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية وقال تنتظرنا سنوات صعبة ملؤها الدم والدموع لم يكذب عليهم وهو المنتصر لأن كل مرافق بريطانيا ومنشآتها الحيوية دمرها قصف قوات المحور. صارح تشرشل شعبة بالحقيقة فلابد من بذل الجهد والعرق لإعادة بناء بريطانيا هذا نموذج للمسئول الذي يحترم شعبه ويصارحه بالحقيقة مهما تكن مرارتها. وهذا ليس معناه أن مصر لم تنجب مسئولا يملك شجاعة المصارحة بالواقع مهما يكن صعبا فعندك مثلا اللواء محسن مراد مساعد أول وزير الداخلية ومدير أمن القاهرة عندما شخص الواقع الأمني بالتراجع. لأن ألف باء علم الإدارة التي أن أشخص الأزمة وأضع لها الحلول. تشخيص المرض الأمني علي يدي خبير أمن مثل اللواء الشجاع محسن مراد وسعيه للسيطرة الأمنية علي مديرية أمن العاصمة التي يبلغ تعداد سكانها22 مليون نسمة أي ثلث سكان مصر أكبر دليل علي أن مصر ولادة ولم تعدم أبناءها الشجعان نريد وزير داخلية يمتلك ناصية الشجاعة.