حد السكين و سيف القانون وميزان العدل.. هو حامي الحمي الأمني والقومي والاستراتيجي والسياسي والاجتماعي والثقافي.. هو الحياة الموزونة الثابتة والصامدة الصالحة العتيدة العنيدة والمتحدية الواقفة بشموخ أمام أي محاولة من محاولات فساده وافساده وتلويثه ودفعه دفعا الي وحل الخطأ والخطيئة.. هو من نرمي عليه بالمسئولية ومن نضع في ميزانه حقوقنا الضائعة والمهدرة والمسروقة.. هو من يحمل في رقبته وبين ضلوع قلبه وجوه نن عيونه وداخل ثنايا أوردته وشرايينه أمانة عقولنا وقلوبنا وضمائرنا ومستقبل أولادنا وأحفادنا.. هو ببساطة دون الدخول في مقدمات.. القضاء. ملف شائك وساخن وخطير ولا نبالغ عندما نقول إنه يعد من ملفات أمننا القومي. نفتح الملف علي مصراعيه لنجيب عن العديد من الاسئلة وعلامات الاستفهام التي طاردتنا جميعا, خاصة بعد تسفير المتهمين الأجانب في قضية التمويل الأجنبي الشهيرة التي فتحت أبواب جهنم والتي امتدت اصابعها مشيرة بالاتهام والتورط الي بوابة الامان المتبقية لنا ليظهر شعار جديد وخطير يتلخص في ان الشعب يريد تطهير القضاء. تري هل الشعب فقط؟أم أن القضاة أنفسهم يريدون ذلك؟, أسئلة كثيرة ربما نجد لها إجابات عبر السطور المقبلة.. للعدالة مطالب كثيرة القضاة يريدون الإصلاح والاستقلال الشعب يريد تطهير القضاء شعار تم رفعه كثيرا وفي مناسبات عدة للمطالبة بابعاد شبح الفساد عن أهم عضو في أوصال المجتمع المصري فسواء الحديث عن تزوير انتخابات تمت بمشاركة ومباركة بعض القضاة أو قضايا تم تسييسها وفاحت منها رائحة التدخل من قبل رأس السلطة التنفيذية كان الاقتراب من القضاء وتلويثه أهم ما يؤرق المصريين ولذلك جاءت المطالبة بالتطهير أو الإصلاح مثلما يفضل كثير من القضاة تسميته ليؤكد أهمية استقلال السلطة القضائية باعتبارها الحصن الباقي في زوايا مجتمع يعاني فساد جميع أركانه. وطوال الوقت كان في مقدمة المطالبين بالإصلاح والتطهير القضاة أنفسهم باعتبار أن سمعة القضاء من سمعتهم والعكس, فأجمعوا علي أن استقلال القضاء كسلطة عن باقي السلطات الأخري سواء التنفيذية أو التشريعية هو اللبنة الأولي ليس فقط في اصلاح القضاء ولكن اصلاح المجتمع بوجه عام ولا عجب فقد كان المطلب الأول للجماهير الغاضبة يوم25 يناير يدور جوهره حول العدالة في شعار عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية. وبعبارة العدل أساس الملك والقضاء المستقل أساس العدل بدأ المستشار محمود أبو شوشة المستشار بالاستئناف بدائرة الاسماعيلية حديثه الذي شدد فيه علي أن مطالب القضاة في الاصلاح تتمحور حول استقلال القضاء كسلطة عن أي تدخل من أي سلطة أخري وليس استقلال القضاة أنفسهم بما يتعلق بنزاهتهم وحيادهم قائلا: ما يطالب به القضاة في قانونهم لاستقلال السلطة القضائية للأسف يفهمه البعض بأنه مطالبة باستقلال القاضي وهو أمر غير صحيح لأن طلب استقلال القاضي كفرد لا يصلحه قوانين فلابد أن يكون اختياره من البداية صحيحا كما أنه طوال عمله ليس ببعيد عن المحاسبة والتأديب الذي يصل للعزل اذا ثبت عدم استقلاله بمعرفة القضاة أنفسهم ولكن وفقا للسرية التي يقتضيها القانون طوال التحقيقات وحتي النتيجة حتي لا يؤثر الاعلان في ثقة الناس بالقضاء علي عمومه فاذا كان الناس جميعا تدان بالدليل فان القاضي يدان بالشبهة وأحيانا يحال للصلاحية والعزل لمجرد شبهات ودون أن يكون هناك دليل فلا يوجد قضاء في العالم ليس به تأديب أو اصلاح لان القضاة في النهاية بشر لكن سرية التحقيق في حالة القاضي والتي تتم من القضاة أنفسهم واجبة لأنها قد تسفر عن البراءة فلا تسيء التحقيقات الي سمعته أو تؤثر في ثقة المواطنين في القضاء. وفي حين رفض أبوشوشة مصطلح التطهير في الحديث عن القضاة أشار الي أن الاصلاح يوفره القضاء بداية من استشعار المواطن لأي شبهة انحياز أو خطأ قانوني فيمكنه الطعن علي الحكم ولذلك وجدت محاكم الاستئناف كما يمكن مخاصمة القاضي وطلب رد حكمه ولو ثبت أن القاضي تربطه أي علاقة بأحد الخصوم يتم اسناد القضية لدائرة أخري وأكد أن قانون السلطة القضائية الذي تقدم به القضاة به من المطالب والمقترحات ما يكفي للاصلاح ومواجهة كل ما من شأنه التأثير مثل عدم تولي أي قاض يتم انهاء خدمته في وظيفة بالسلطة التنفيذية خلال ثلاث سنوات من تركه القضاء وأن يكون تعيين النائب العام لمدة4 سنوات بحد أقصي وضرورة أن يكون تعيين رؤساء المحاكم الابتدائية من القضاة أنفسهم وغيرها بما يجعل سرعة اصدار القانون ضرورة لاصلاح القضاء والمجتمع بصفة عامة. مقدمة الثورة وشدد أبو شوشة علي أن مطالب القضاة بالاصلاح تتعلق بضرورة أن تكون مؤسسة القضاء بعيدة عن تدخل أي سلطة أخري وبخاصة السلطة التنفيذية لسد المنافذ التي يمكن أن تحدث في شئون العدالة مؤكدا أنهم طوال تاريخهم البعيد منه والقريب كانوا هم الأحرص علي الاستقلال, حيث وقفة القضاة الاحتجاجية السلمية الشهيرة عام2006 لفضح تزوير الانتخابات والتي كانت مقدمة للثورة من خلال احتجاجات أخري كثيرة حدثت فيما بعد وحتي الموقف الأخير من قضية التمويل الأجنبي التي انتفض فيها القضاة لا ليدينوا أو يبرئوا وانما ليتم التحقيق لاظهار الحقيقة حيث تقدموا ببلاغ لوزير العدل باعتباره الوحيد حتي الآن الذي يملك التحقيق حسب سلطاته التي منحها له نص المادة99 من قانون السلطة القضائية الحالي لندب قاض للتحقيق وهو ما لم يتم حتي الآن قائلا: لن نرضي بأن يكون هناك بلاغ من القضاة ولا يتم التحقيق فيه خاصة أن الهدف الأساسي هو اظهار الحقيقة كاملة. ضوابط شفافة من جانبه أوضح المستشار عاصم عبد الجبار نائب رئيس محكمة النقض أن مطالبة القضاة باستقلال القضاء تبدأ بأن يحكم القاضي نزيها متجردا من أي ضغوط عليه سواء في عمله نفسه ليكون بعيدا عن التأثير عليه من القاضي الأقدم منه حيث يبدأ أخذ الرأي في المداولة بأحدث الاعضاء حتي لا يكون متأثرا برأي من هو أقدم منه وهو ما يؤكد حرص القضاة انفسهم علي ذلك مشددا علي أن قوام الحكم الديمقراطي الرشيد يبدأ باستقلال القضاء سواء لضمان الرقابة المتبادلة بين السلطات أو لقيام العدالة الناجزة التي يريدها الشعب. وطالب عبد الجبار بضرورة وضع ضوابط معلنة وشفافة لاختيار أعضاء السلطة القضائية في بداية عملهم من معاون بالنيابة لتلافي كل عيوب التمييز بين الأفراد لالتحاقهم بحيث لا يؤخذ الأقل ترتيبا في تخرجه بدلا من الأعلي الا لإسباب معلنة وأن تكون عناصر المفاضلة الاجتماعية واضحة وتدور في محيط الشخص المتقدم للعمل وأسرته المباشرة والقريبة بحيث لا يؤاخذ بأفعال أقارب بعيدين عنه معتبرا الحاق التفتيش القضائي بمجلس القضاء الأعلي بدلا من الوضع الحالي بتبعيته لوزير العدل عضو السلطة التنفيذية هو الخطوة الأهم في تحقيق الاستقلال المنشود, مؤكدا أنه الأساس في عدم فقدان ثقة المجتمع في القضاء الذي له من الآثار السلبية ما يمكن أن يحوله لمجتمع الغابة بحيث كل فرد يأخذ حقه بنفسه. وأشار عبد الجبار الي أن الاستقلال لا يتأتي الا بجعل القضاة ممثلين في جمعياتهم العمومية في المحاكم وأن يكونوا المسئولين عن العمل الفني بعيدا عن تدخل رؤساء المحاكم الذين تكون سلطاتهم ادارية في المقام الأول وليكون العمل القضائي مناطه المرونة في الاستماع والمشورة لضمان النزاهة معتبرا تعديلات القضاة لقانون السلطة القضائية ضرورة لتحقيق الاستقلال حيث الغاء ندب القضاة للعمل في السلطة التنفيذية أثناء الخدمة أو العمل بعدها في أقل من ثلاث سنوات لضمان عدم الترغيب الذي يمكن أن يتعرض له القاضي في العمل التنفيذي بمعني ألا يكون جالسا علي المنصة وعينه علي منصب في مكان اخر. الطالحون!! وحول ضرورة أن يكون للعمل في أي منصب حد أقصي للمدة فسرها عبد الجبار بالقضاء علي التيبس والسلبيات التي تصيب الفرد اذا ما أدمن السلطة نتيجة الاستمرار فيها وقت طويل فكان المقترح من القضاة بألا تزيد مدة تولي منصب علي4 سنوات بحد أقصي قائلا نحن بشر في النهاية كما أننا شريحة من المجتمع غالبيتنا من الصالحين الحريصين علي النزاهة والسمعة الطيبة لكن فينا قلة من الطالحين المسيئين ولذلك فأنا من أنصار أن من يملك دليلا علي أي انحراف فليتقدم به للجهات المختصة للتحقيق واظهار الحق فمن مصلحتنا كقضاة أن يكون القضاء طاهرا وشريفا. شبهات من جانبه أكد المستشار هشام رءوف رئيس محكمة استئناف القاهرة أن مطالب عدد كبير من رجال القضاء المصري منذ سنوات باصلاحات حقيقية في النظام القضائي تبدأ أولا بابعاد كل من تحوم حوله شبهات الافساد أو الاشتراك في فساد سواء تزوير ارادة الشعب في الانتخابات أو غيره في ظل النظام السابق مشيرا الي تضمين ذلك الارتباط بشكل أو بآخر بالسلطة السياسية في النظام السابق الذي ثار عليه الشعب وعلي اعتبار وجود الكثير من التدخلات السافرة في كل السلطات ومنها السلطة القضائية ليكون اصدار قانون السلطة القضائية بالمقترحات المقدمة من القضاة أول وأهم خطوات الاصلاح المطلوبة. شائعات محمد من شباب النيابة رفض ذكر اسمه كاملا قال: لم يمر علي عملي بالنيابة سوي عامين فقط ولم أتعرض لما أسمع عنه في وسائل الاعلام من ضغوط او تدخل أوغيره لذلك أعتقد أن معظم ما يثار هو شائعات وجهل بأمور القانون وملابسات القضايا للحكم علي ما يحدث فالنيابة والقضاء بهما من السبل القانونية ما يمكن به الطعن علي أحكامهما وبالتالي فالاصلاح مستمر. وبمقاطعته بأن الحديث عن التدخل والمطالبة بالاصلاح جاءا من القضاة أنفسهم أي من العاملين بالقانون والقضاء وليس من غيرهم فقط أكد أنه قد تكون حداثة عمله وخبرته جعلتاه لا يتعرض لمواقف التدخل والتأثير غير أنه أكد أن القضاء المصري مشهود له بالنزاهة والسمعة الطيبة, مشيرا الي أن حلمه عندما التحق بكلية الحقوق لدراسة القانون كان العمل بالقضاء للانضمام لرجاله والمشاركة في عودة الحقوق لأصحابها. وبسؤاله عن مشكلات بداية العمل رفض الافصاح عما يتقاضاه من أجر قائلا لكنه بالمقارنة بغيرها من المهن وللأوضاع الحالية في البلاد فنعد من ذوي الدخول المعقولة لكنها لا تؤمن الحياة الكريمة التي تليق بقاض. المحامون: هذه روشتتنا للإصلاح كر وفر شهدته الفترة السابقة بين جناحي العدالة الجالس وهو القضاة والواقف وهو المحامون, وذلك بعد ان أثير أمر قانون السلطة القضائية وتعديلاته التي تقدم بها الفريق الأول, وكان الخلاف بينهما ليس علي القانون ككل بقدر ماكان علي بعض التعديلات المرتبطة بتفصيلات داخله وهو ما جعل سامح عاشور نقيب المحامين يصرح بأن لدينا قضاة مستقلين وليس لدينا قضاء مستقل, مطالبا بفتح الملفات المغلقة لكي لا يكون استقلال القضاء مجرد عنوان لتضليل الناس, مؤكدا أن تحقيق الاستقلال مسئولية كل المصريين. رجال المحاماة رأوا في استقلال القضاء الجالس ضمانة لتحقيق العدالة التي يرجونها في وقوفهم أمام المنصة, مؤكدين أن الهدف واحد, وان اختلفت المواقع. في البداية يقول محمد وجيه من شباب المحامين لا توجد سلطة علي القضاة في مصر سوي ضمائرهم أمام ربهم, فالقاضي رقيب نفسه, والتشكيك في ذلك سيؤثر سلبيا علي المجتمع ككل حتي إذا كان من بينهم القلة التي تسيء أو تخضع لتدخل أو غيره وهو يجعل الحديث عن ضمان استقلال السلطة القضائية هو الأمر الفاعل, والعامل الحاسم لتحقيق الإصلاح. وأضاف وجيه: بداية الاصلاح في الاختيار بحيث يكون للمتفوقين والنابهين هو الأساس لاختيار من ينضم للعمل في العمل القضائي نظرا لحساسية الموقع وضرورة توافر الخصائص الفردية بجانب الاجتماعية لمواصفات العمل. من جانبه, يري محمد الدماطي وكيل نقابة المحامين أن تطهير القضاء يجب أن يتم علي أكثر من مستوي الأول من القضاة أنفسهم وهو ما يحدث بالتأديب وغيره إلا أنه طالب بأن يكون ذلك علانية خاصة بعد إحالة الأمر للتحقيق ومنع السرية قائلا: الهدف من العقوبة الردع الشخصي والمجتمعي بحيث يكون مانعا لأي انحراف آخر, مضيفا يجب سد الذرائع علي السلطة التنفيذية لمنع اختراق السلطة القضائية والتدخل في شئونها الذي امتد لعقود طويلة منذ عام1953 بالاعتداء علي قاضي مصر الأول عبدالقادر السنهوري حتي قضية التمويل الاجنبي ورفع قرار حظر سفر المتهمين الاجانب مرورا بمذبحة القضاة عام1969 وتزوير ارادة الشعب بتزوير الانتخابات واصدار احكام سبق إعدادها سلفا فكانت جميعها من قبل السلطة التنفيذية والنظام السياسي الذي لا يؤمن بالفصل بين السلطات. وطالب الدماطي بسرعة إصدار قانون السلطة القضائية المعروض حاليا في اللجنة التشريعية مع تضمينه بنود تضمن الاستقلال الكامل وذلك بجانب ضمان استقلال القضاة أنفسهم وعدم تأثرهم بأي تدخل من أي سلطة أو جهة أخري وتفعيل مواد القانون المتعلقة بذلك ومنها المادة120 من قانون العقوبات التي تعاقب بالحبس أي موظف عمومي يتصل بقاض أو محكمة للتأثير في قضي منظورة أمامه. مشيرا إلي ضرورة استجابة القضاة لمطالب التطهير المتعلقة بالقضاء علي التوريث داخل السلك القضائي الذي يقضي علي تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين جميعا ويرون أن مؤسسة القضاء الأكثر تفعيلا للتوريث داخلها. وأضاف الدماطي: هناك رافد خطير تجب إعادة النظر فيه حيث دخول عدد من رجال الشرطة القضاء ومع تقديرنا لهم غير أن معظمهم لديه ولاء للمؤسسة الشرطية ولتلقي الأوامر, مشيرا إلي ضرورة أن تكون رواتب القضاة متوازية مع مطالب المعيشة الكريمة علي أن تكون موازنتهم مستقلة استقلالا كاملا وأن يكون التدريب المستمر سواء بمعهد الدراسات القضائية أو كليات الحقوق أمرا مفعلا بشكل كاف.