هكذا كان يقول دائما مبتسما واضعا كلتا يديه علي من يحدثه, وهكذا تستضيفنا صحبته وأهله في ميدان التحرير في ليلة بدأت بالفن وإنتهت بوصية قديس الثورة كما يطلق عليه ورد جناين الميدان.. الأهرام المسائي من قلب الميدان في ضيافة أسرة مينا ابراهيم دانيال حنا عبر السطور التالية.. الوجه المألوف للشاعر زين العابدين فؤاد يجول في الميدان من هنا لهناك باحثا عن نغمة ثورية أو كلمة حماسية أو صوت يشبه شدو الشيخ إمام عيسي.. وأمام المشهد الرائع داخل الميدان يقرر بمعاونة عدد من قيادات ائتلاف الثقافة الحرة أن يشيد منصة للفنانين الموجودين بالميدان في شارع طلعت حرب وبجوار التمثال مباشرة. وفي ثوان معدودات يتم تشييد المنصة وتنشق الأرض عن فرقة اسكندريلا والملحن أحمد اسماعيل والمطربة هالة هشام وعدد من الشعراء الشباب الموجودين بالميدان ويبدأ أحمد إسماعيل الغناء ب اتجمعوا العشاق في سجن القلعة.. اتجمعوا العشاق في باب الخلق, والشمس غنوة من الزنازين طالعة ومصر جنوة مفرعة في الحلق, اتجمعوا العشاق في الزنزانة مهما يطول السجن مهما القهر, مهما يزيد الفجر بالسجانة مين اللي يقدر ساعة يحبس مصر. وتستكمل هالة هشام بعده وصلة الطرب الثوري بأغنية الشيخ إمام الفلاحين بيغيروا الكتان الكاكي ويغيروا الكاكي بتوب الدم وبيزرعوك ياقطن ويا السناكي وبيزرعوك ياقمح سارية علم, ثم تختم اسكندريلا ب قوم انزل عشان الشهدا شايفينك.. انزل واكتب عند بجبينك ضرب الكلاب السودا ما يهينك أما الأهانة انك تموت مهزوم. مع نهاية وصلة الطرب الثوري نقترب من الشاعر زين العابدين فؤاد وهو يحكي للشباب كيف انتظر هو وجيل السبعينيات هذه الأيام علي طريقة التونسي الشهير هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية ويستطرد الميدان كان رائعا واستكمل كان الخطأ الوحيد هو ما حدث للفنانة بسمة من حادث سرقة ومحاولة اعتداء وكذلك الاعتداء علي الصحفية المصرية التي لم يعرف أحد من هي. هنا.. وبين كل الوجوه المبتسمة, كان هناك وجها مميز بالملامح القريبة إلي الفتي الشهيد والتيشرت الذي كتب عليه بلون الدماء.. كلنا مينا دانيال... انها ميري ابراهيم شقيقة الشهيد مينا دانيال والتي حولها دم أخيها إلي ناشطة سياسية من طراز6 أبريل وكفاية فاستقرت بالميدان طوال الفترة من9 اكتوبر2011 تاريخ استشهاد مينا دانيال وحتي الآن. وبصحبة ميري عدد كبير من مريدي القديس مينا دانيال وهم حسين البدري أحد أصدقائه والصحفي خالد السيد وشيري دانيال والشاب السلفي حامل العلم الشهير علي لتكون ليلتنا داخل الميدان بصحبة القديس والتي بدأناها المرور علي مبني ماسبيرو مع إحدي المسيرات المتوجهة إلي هناك ليردد ثوار التحرير الهتافات المعادية للإعلام الرسمي متهمينه بالتحريض ضد الثورة والثوار وتضليل الرأي العام حيث هتفوا الاعدام الاعدام.. لكل فلول الإعلام. وبعد العودة من ماسبيرو كان شعار الثوار مدد يامرسي الحقلي كرسي فالبحث عن مكان شاغر علي احد مقاهي وسط البلد الشهيرة لإلتقاط الانفاس واحتساء رشفة من كوب قهوة كان اصعب من نجاح الثورة أو تحدث اللغة الصينية بطلاقة, وبعد نصف ساعة من البحث بين ثنايا ريش والبورصة ومقهي صالح. وأفتر آيت, واللاتي كانت جميعها ممتلئة عن بكرة ابيها وجدنا مقعدين شاغرين بإحدي مقاهي وسط البلد في أحد الشوارع الجانبية الملاصقة لميدان التحرير. وهنا بدأ تأبين جديد لقديس الثورة مينا دانيال حيث بدأ حسين البدري الحديث بأبيات الشاعر العراقي عبدالوهاب البياتي التي احتلت صدر موضوعنا قائلا هكذا دائما مينا يحدثني وكل اصدقائه مبتسما حين كنا نعترض علي ادراجه للفقراء في أي مناقشة نفتحها, وأذكر أن مينا لم يكن متحمسا في الايام الثمانية عشر للملصقات والجرافيتي والمنشورات أو البيانات وكان يكتفي بمشاركة الفقراء الكر والفر في ميدان التحرير لكنه بادر بعمل الملصقات والجرافيتي فقط في جمعة الفقراء أولا والتي سار جدل حول تسميتها بالدستور أولا أو البرلمان أولا وحينها اقترح أن تسمي الفقراء أولا واذكر حديثه مبتسما طبعا الفقرا يا جدعان.. هي دي محتاجة كلام. أما كاترين خطيبة الشهيد مينا دانيال فقالت مينا يزورني بين اليوم والآخر وقبيل يوم25 يناير قال لي وهو يبكي الشعب هو كلمة السر في ثورتنا كيف لكم ان تتركوه للاعلام والعباسية.. لا تخسروا الشعب واعيدوه للميادين. أما شيري دانيال فقالت مينا يعلم أننا وكل ثوار التحرير علي عهده طلقاء الميادين علي سيرته وشاكلته ولن نعود إلا حين نقتص من قاتليه وقاتلي الشهداء وحتي تستكمل اهداف الثورة.