جاء البث المباشر أمس لوقائع الجلسة الأولي لمجلس الشعب ليثبت للعالم أجمع ماكنا نقوله دوما ان مصر بعيدة كل البعد عن الفتنة والفوضي, وان نجاح ثورتها الشعبية كان بسلاح السلمية والسلوك الحضاري الممتد عبر التاريخ. والذي عبر عن نفسه في ميدان التحرير وانتقل إلي المعركة الانتخابية بكل ما شهدته من زخم وممارسة ديمقراطية اثمرت أول برلمان يأتي بالإرادة الشعبية الحرة. الساعات الطويلة للجلسة وبكل ما جري فيها من مناقشات اشارت لحقائق واضحة كل الوضوح ان هذا الشعب يعرف طريقه جيدا وان أية مخاوف تثار بين الحين والآخر لا اساس لها من الصحة. مصر ياسادة تختلف كل الاختلاف عن تجارب دول أخري نتابع ما يدور فيها من مجازر ومعارك تأكل الأخضر واليابس وتفرق بين أهلها وتضيع ثرواتها البشرية والمادية في قائمة لاتنتهي من الضحايا والخسائر الفادحة. ولكن أرض مصر الخصبة لاتقبل سوي المحبة والتوحد ممن صنعوا أولي الحضارات التي عرفتها البشرية, وحتي في أشد اللحظات خطورة وقسوة عندما وقع الانفلات الأمني خرجت الجماهير تحمي الممتلكات العامة والخاصة في صورة نادرة نالت الدهشة والاعجاب من شعوب الدنيا. هل يمكن الآن وبعد ان أكتمل أول انجاز حقيقي بعد الثورة والمتمثل في مجلس الشعب الجديد وبالنواب الذين نالوا وعن جدارة ثقة الأمة, هل يمكن ان نخاف علي حاضر ومستقبل الوطن من بعض الدعاوي التي يراد منها وقف المسيرة واثارة الفزع بين المصريين. لانبالغ في القول ان ما جري أمس تحت القبة كان مثار اهتمام جميع القوي الكبري والإقليمية التي تراقب عن كثب التجربة المصرية الفريدة من نوعها والمبشرة بمولد الدولة المدنية الحديثة والجديرة بأن تكون في مصاف الدول المتقدمة. أول يوم لمجلس الشعب يشير بما لايقبل الشك بأن مصر تخطو بثبات نحو تحقيق أهداف ثورتها كاملة غير منقوصة وهي تحافظ في ذات الوقت علي مقدراتها وطاقاتها من أجل مرحلة البناء القادمة بكل ما فيها من طموح مشروع لمستقبل طال انتظاره؟!. [email protected]